«غيبوبة» وعى - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«غيبوبة» وعى

نشر فى : الثلاثاء 20 أكتوبر 2015 - 4:30 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 20 أكتوبر 2015 - 4:30 ص

يأخذنا الفنان القدير أحمد بدير وفريق مسرحية «غيبوبة»، التى تعرض حاليا على مسرح السلام، فى رحلة دامت أكثر من سنتين، هما الفاصل بين 25 يناير 2011 و30 يونيو 2013، مستعرضا أحداثا لا تزال ساخنة فى عقل ووجدان المصريين كافة، بما يفجر النقاش بشأن الموقف من تلك الأحداث، رغم حرص المؤلف محمود الطوخى على أن يكون نصه أمينا فى عرض ما جرى، من دون أن يغفل انحيازه الكامل وبشكل قاطع لا لبس فيه إلى مصر «الوطن».

طبعا ما يدور اليوم فى الشارع السياسى المصرى، هو نتاج طبيعى لسنوات طوال سبقت 25 يناير وما تلاها، بحلوها ومرها، فلا أحد منا يستطيع التنصل من مشاركته ولو بالتقاعس عن القيام بواجبه، قبل أن تخرج الملايين إلى الميادين مجددا فى 30 يونيو، وهو ما حاولت المسرحية أن تضع يديها عليه من خلال بطلها مجهول الاسم والانتماء السياسى، أول مصابى ثورة يناير الذى يدخل فى غيبوبة كانت سببا فى محاولة طرفين أساسيين ــ وفقا للنص المسرحى ــ سرقة الثورة، هما: الإخوان وحركة 6 إبريل.

فى العرض الذى حضرته قبل أيام بدعوة كريمة من الصديق العزيز الفنان محمد جمعة، اجتهد أبطال العرض لإشاعة جو من الحوار وسط الجمهور الذى ضجت به صالة مسرح، سطعت أنواره من جديد عقب سنوات من الهجر القسرى، لأسباب متعددة، حول من باع ومن اشترى داخل ميدان التحرير وخارجه، قبل أن تأخذنا الأحداث لمشهد النهاية بين جدران السفارة الأمريكية، فى اتهام مباشر لواشنطن على دس أنفها الكريه للتأثير على ثورة المصريين، التى جرى خطفها، ولو إلى حين.

حاول العرض تصوير حالة الفوضى والاضطراب التى تلت صعود نجم الإخوان، والصراع بين الحابل والنابل على كعكة الوطن، قبل أن يسترد المواطن «وعيه» ويفيق من «غيبوبة مؤقتة»، وإن امتدت لأكثر من سنتين، وتحولت خشبة المسرح إلى ساحة من الصراخ لأصحاب الصوت العالى، تجسيدا للحظة كادت مصر تتفتت فيها شيعا وجماعات، فرقا وحركات، جميعهم يسعى للانقضاض على جثة البلد الجريح.

هذا الصراع السياسى والاحتقان العام فى الواقع، استطاع المخرج شادى سرور وفريق «غيبوبة»، وغالبتهم من الشباب الذى يعطينا الأمل فى إمكانية عودة الروح لحركة مسرحية نازعت حشرجات الموت، التخفيف من غلوائه فى قالب كوميدى أفشى الضحك وسط الحضور، الذى ضم أطيافا من الأسر بأطفالها وشيوخها مع شبابها، قبل أن يخرج الجميع وقد علت الوجوه ابتسامات، هى زاد لمواجهة تحديات الحياة اليومية.

ما فجره العمل من حوار صاخب بشأن ما جرى وما يزال يدور فى الشارع المصرى، لا ينافسه من وجهة نظرى سوى حالة التفاؤل بإمكانية استرداد رجل الشارع العادى لوعيه، كما استرده بطل المسرحية الذى دخل فى غيبوبة يتجاوز سببها المباشر (طلقة رصاص فى مؤخرة الرأس فى مظاهرات 25 يناير)، إلى أسباب متعددة أكثر عمقا، وهى نتاج تراكمات من تسطيح ثقافى، وإهمال تعليمى، والاستغراق فى شعوذات كفيلة بأن تذهب بالعقول إلى مناطق من الجهل، الذى يصعب محوه.

بقى أننا أمام ما يشبه الإفاقة أيضا من غيبوبة طويلة لمسرح الدولة، ننتظر أن يعم قبسها باقى خشبات المسرح المصرى، وبما يسهم فى حصار الأسباب، التى جعلتنا ندخل كمجتمع فى غيبوبة مكنت اللص والانتهازى، لاعب الأكروبات، والمتربص، من سلبنا بهجتنا قبل أقواتنا.

التعليقات