الاحتمالات المختلفة التى تواجه العراق - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الاحتمالات المختلفة التى تواجه العراق

نشر فى : الإثنين 20 ديسمبر 2010 - 11:19 ص | آخر تحديث : الإثنين 20 ديسمبر 2010 - 11:21 ص

 ماذا سيكون فى العراق بعد الحقبة الأمريكية؟ بدا هذا السؤال مستحيلا تحت وطأة الاحتلال الرهيب، بالنسبة للعراقيين والأمريكيين على السواء. ولكن الحكومة العراقية الجديدة تناقش الأمر الآن بجدية، وأيا ما كانت عيوبها، فقد نجحت على الأقل فى جمع كل الأطراف المؤثرة تحت سقف واحد.

وفى يوم الاثنين، اجتمع هنا الأدميرال مايك مولين، رئيس هيئة الأركان المشتركة، مع رئيس الوزراء نورى المالكى، وحثه على البدء فورا فى وضع الخطط من أجل «الشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد»، التى سوف تواصل الولايات المتحدة من خلالها تدريب الجيش والشرطة العراقية، وتوفير المساعدات الأمنية غير المحدودة. وقال مولين بعد ذلك إن المالكى يبدو راغبا فى مثل هذه الشراكة، «ولكن صياغة التوجهات لم تتم بعد».

وعندما انسحبت القوات الأمريكية من المدن العراقية فى منتصف 2009، تصاعدت المخاوف من سقوط البلاد فى حرب أهلية. ولم يحدث هذا. وتم التعبير عن المخاوف نفسها عندما رحلت آخر القوات المقاتلة فى الصيف الماضى. ومرة أخرى، لم تتحقق هذه المخاوف.

ثم تصاعد القلق مرة أخرى بشأن تجدد العنف الطائفى خلال الثمانية أشهر التى تأخر فيها تشكيل الحكومة الجديدة بعد انتخابات مارس الماضى.

ولكن الفصائل اتفقت منذ شهر على صيغة لحل وسط، تحتفظ للمالكى بمنصبه كرئيس للوزراء ــ ولكنه سوف يكون هذه المرة رئيسا لتحالف واسع يضم جميع الأطراف الرئيسية المؤثرة.

يكاد المالكى يكون زعيما مثاليا وهو يوصف أحيانا بأنه نسخة عراقية من ريتشارد نيكسون، بعقلية تآمرية ووجه غير حليق على الدوام. وإن كان ليس هناك من يظنه الاختيار الأفضل، إلا أنه مقبول من الجميع، من أمريكا والعراق، السنة والشيعة، العرب والأكراد.

وحتى القضية الشائكة المتمثلة فى القضاء على البعث، تبدو أخيرا وقد تم حلها حلا وسطا من خلال السماح للسياسيين السنة بالمشاركة فى البرلمان.

فالنمط السياسى العراقى يتمثل فى الوقوف دائما على حافة الهاوية، إذ لا تحل أى قضية إلا فى آخر لحظة. وقد يتلف هذا أعصاب الأمريكيين، أصحاب العقلية التى تبحث عن الحلول الوسطى، ولكن العراقيين يجدون عادة حلا سياسيا.

كما أظهرت المفاوضات أن معظم العراقيين أنهكهم العنف. ولا يرغب فى العودة إلى الحرب الأهلية سوى الإرهابيين المتطرفين. إذ قال أحد المسئولين، لو خُير العراقيون بين حكومة فعالة وأخرى لا تستبعد أيا من الأطراف، لاختاروا الثانية.

وقال مولين: «بوجه عام، تحمست بما سمعت. فقوات الأمن العراقية أفضل مما يتوقعه الكثيرون. وهم قادرون على تولى الأمن الداخلى».

وتظهر الأرقام بالفعل اتجاها يدل على خطأ التوقعات بفشل قوات الأمن العراقية فى الوفاء بالمهمة. إذ أحصى القادة الأمريكيون الحوادث الأمنية عند متوسط 15 حادثة يوميا تقريبا، ويمثل هذا انخفاضا بنسبة 20% عن معدل العام الماضى عندما كانت القوات الأمريكية تلعب الدور الأكبر، ويماثل تقريبا مستوى العنف قبل الغزو الأمريكى عام 2003.

وهناك مثل يوضح نجاح قوات الأمن العراقية ــ واستمرار التهديد الإرهابى أيضا. ففى 4 ديسمبر، أقر القادة الأمريكيون ما توصلت إليه الاستخبارات العراقية من وجود نحو 15 سيارة ملغومة فى سبيلها إلى تفجير أهداف محددة.

ثم أبطل العراقيون مفعولها جميعا فيما عدا ثلاث منها ـ ورغم أن هذا يعد نجاحا كبيرا، إلا أنه مازالت هناك حصيلة مرعبة.

وتشعر واشنطن بالقلق من سقوط العراق مرة أخرى فى الفوضى بعد رحيل الأمريكيين، إذا لم تكن هناك علاقة أمنية قوية ومتواصلة. ويعد تخوف المسئولين إعادة تمثيل للمشهد الأخير من فيلم «حرب شارلى ويلسون».

إذ يغادر الأمريكيون المكان، (وفى تلك الحالة كانسحابهم من حرب الاستخبارات الأمريكية ضد السوفييت فى أفغانستان أثناء الثمانينيات)، من أجل التخفيف عن الشعب الذى أنهكته الحرب، فى حين يزحف الإرهاب (وهو فى تلك الحالة أسامة بن لادن والقاعدة) إلى الفراغ الأمنى.

وقد انزعج اللوتنانت جنرال روبرت كون عندما سئل يوم الاثنين فى حديثه مع الصحفيين حول ما إذا كانت العراق قد أصبحت «حربا منسية». وقال إن الجنود ودافعى الضرائب الأمريكيين قاموا «بتسديد ثمن ما نراه اليوم بالدماء والثروات».

فهو لا يريد رؤية أن الاستثمار قد أهدر فى راحة يجدها الأمريكيون والعراقيون بالهروب أخيرا من شبح الحرب.

ما سوف يأتى بعد ذلك لن يكون فراغا أمنيا آخر. وهناك بالتأكيد نقطة وسط بين الإفراط فى الفعل والامتناع عنه.

التعليقات