حرق الحوار وإحراق الرئيس - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 5:48 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حرق الحوار وإحراق الرئيس

نشر فى : الإثنين 21 يناير 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 21 يناير 2013 - 8:00 ص

الآن وبعد أن سدد حزبا «الحرية والعدالة» و«النور» صاحبا الأغلبية فى مجلس الشورى رصاصة الرحمة ــ أو الصفقة ــ فى قلب فكرة الحوار الوطنى، صار من المهم، بل من الواجب التذكير بكيف نشأت فكرة الحوار، ومن الذى دعا إليها ونفذها.

 

يتصور البعض أن مؤسسة الرئاسة دعت إلى الحوار، فلبى الآخرون الدعوة، وهذا غير صحيح لأن فكرة الجلوس إلى مائدة حوار محترمة نبعت من شخصيات وطنية محترمة مهمومة بالدم المصرى الذى أريق وكان مرشحا لمزيد من الإراقة فى أحداث الاتحادية، وقد رحبت الرئاسة وقررت استضافة جلسات الحوار دون إملاء أو تدخل، وتفرغ المستشار محمود مكى نائب الرئيس لإنجاح هذه الفكرة.

 

وكانت الأسس التى بنى عليها الحوار أن تكون كل قراراته بالتوافق بين جميع الأطراف المشاركة، وأن تكون النتائج ملزمة للجميع، أحزابا وشخصيات مستقلة، وعلى هذا النحو جاءت أولى النتائج بإلغاء الإعلان الدستورى الصادر عن رئيس الجمهورية فى الحادى والعشرين من نوفمبر الماضى والذى تسبب فى انفجار غضب عارم تطور إلى عنف دام وكاد يودى بالبلاد إلى جحيم احتراب أهلى، إن اندلع لن يستطيع أحد السيطرة عليه.

 

وكان التهديد الثانى لسلامة المجتمع هو تلك المواد الملغومة فى وثيقة الدستور والتى جرى استخدامها فى تأجيج حالة الصراع والاستقطاب فتم التوافق بين 54 شخصية حضرت الجلسة الأولى للحوار على حصر هذه المواد القابلة للاشتعال وتعديلها، ووقع الجميع على وثيقة ملزمة ألحقت بالإعلان الدستورى الجديد الذى ألغى إعلان 21 نوفمبر مفجر الأزمة، وكان التوقيع الأول لرئيس الجمهورية ومن بين الموقعين رؤساء الأحزاب المشاركة وفى مقدمتهم رئيس حزب الحرية والعدالة وحزب النور.. وقد تلا الدكتور محمد سليم العوا بنود هذه الوثيقة فى مؤتمر صحفى منقول عبر قنوات التليفزيون ووسائل الإعلام المختلفة.

 

وبعد الاستفتاء على الدستور فرضت مسألة تعديل قانون الانتخابات نفسها على مائدة الحوار، ودارت مناقشات ماراثونية على هذه التعديلات انتهت بصياغات متفق على إلزاميتها لجميع المشاركين، مع التزام سياسى وأخلاقى من ممثلى الأحزاب بعدم التراجع عنها عندما يصل مشروع القانون إلى مجلس الشورى.

 

والذى حدث فيما بعد معلوم للكافة الآن، حيث تملصت أحزاب الأكثرية فى الشورى مما اتفقت عليه فى قاعة الحوار بمؤسسة الرئاسة، علما بأن قيادات هذه الأحزاب كانوا يشاركون فى النقاش كممثلين لأحزابهم وليس بصفتهم الشخصية، وفى كل جلسة كان يتم التشديد على هذه المسألة.

 

والذى حدث ببساطة متناهية أن المصلحة الانتخابية والتكتيكات الحزبية قد طغت على المصلحة الوطنية واستراتيجيات التوافق الوطنى ــ على أرضية الثورة ــ ورأينا حزب جماعة الرئيس فى طليعة العاملين على إحراق مصداقية الرئيس، فى سياق حالة من الهرولة  الجماعية ــ حكومة ومعارضة ــ لمغازلة رموز النظام السابق انتخابيا واقتصاديا تعكسها تصريحات متعاقبة من قيادات الحرية والعدالة تتحدث عن المصالحة مع ماض لايزال فى طور فعل المضارع المستمر.

 

ولا معنى لإلغاء المادة الخاصة بعدم جواز تغيير النائب لصفته وانتمائه الحزبى إلا أن حزب الحرية والعدالة يسير على خطى «الوطنى المنحل» وينقل حرفيا من كتابه الكريه فى أصول الألاعيب البرلمانية.

 

وللحديث بقية.

وائل قنديل كاتب صحفي