** كنت أظن أن الكلاسيكو لم يعد كما كان قبل سنوات، فقد رحل عنه كريستيانو رونالدو وليونيل ميسى، قائدا الصراع الجماعى، والنجمان اللذان زينت الأوسمة والجوائز صدرهما. ثم إن برشلونة فى مرحلة إعادة بناء، والمباراة على ملعب استاد سنتياجو بيرنابو. إذن ما ينتظر تشافى سيكون يوما مظلما.. وكانت المفاجأة أن فانلات ريال مدريد السوداء بدت كملابس حداد على ما سيجرى وما جرى، مع أن هذا الزى الذى لعب به الريال متخليا عن قميصه الأبيض، يعود إلى احتفالية مرور 120 سنة على تأسيس الريال.
** أهدر برشلونة فوزا تاريخيا.. كم مرة قلت أنت كمشجع لفريقك مثل تلك الجملة؟ حتى الفرق الكبرى تهدر الانتصارات التاريخية. فقد كان بمقدور برشلونة الفوز بسبعة أو ثمانية أهداف فى هذه المباراة، ولكن تشافى قال: «لدى ذكريات جيدة فى البرنابيو وما تحقق هو انتصار تاريخى.
** نعم كمدرب لبرشلونة المكلف بإحياء الفريق، ها هو يقود الفريق إلى فوز كبير ممزوجا بأداء رائع وعرض ممتع لأسلوب تيكى تاكا، أمام المنافس والغريم، بعد سلسلة من خمس هزائم متتالية فى الكلاسيكو. ولذلك أخذت حفنة من أنصار برشلونة تهتف فى المدرجات باسم تشافى وأوباميانج وتوريس ونجوم الفريق، وكان صوتهم مسموعا وصوت آلاف من أنصار ريال مدريد أصابه الصمت، كأنما كان الصمت للتسلح بالصبر.
** غياب بنزيمة للإصابة أثر على القوة الهجومية لريال مدريد دون شك، وقد وضع المدرب الإيطالى المخضرم كارلو أنشيلوتى نجم الفريق الكرواتى مودريتش كرقم 9 متأخرا خلف فينيسيوس ورودريجو. وكانت الخطة تهدف لمنح ريال مدريد القدرة على التحكم، فى اللعب، والسيطرة على الملعب، إلا أن الخطة لم تنجح وبدا مودريتش وهو يتساءل بعد الهدف الثالث: «أين زملائى؟».. «أين أشيائى؟» فقد كان لاعبو برشلونة مثل أطفال يلعبون ويمرحون ويضحكون فى شوارع مدريد دون اعتراض من أحد..
** كنت أرى هجوم برشلونة يقوم بأمور صعبة وتبدو مستحيلة. أراهم يركضون ويراوغون، ويسجلون ويهدرون الفرص والأهداف، ويفعلون ذلك بسهولة، مع أن الأمور تبدو صعبة وشديدة الصعوبة فى ديربى كبير.. ديربى صنعه فى التاريخ حالات سياسية بين الناديين الكبيرين. فتقريبا جميع الدربيات فى كرة القدم صنعت لأسباب أيديولوجية واجتماعية وطبقية أو دينية أو اقتصادية وتجارية.. وإذا لم تكن هناك منافسة أو صراع بين فريقين أو بين أفراد أو حتى بين دول، فإن البشر يحبون صناعة هذا الصراع. وهو أمر ملموس للغاية فى ميادين الرياضة وكرة القدم، خاصة أنه صراع مغلف بالنزاهة والشرف والعدالة.. وأعتقد أن الإعلام فى مجمله يحب أن يصنع صراعا، ثم يتحدث عنه. وهذا الإعلام مارس تلك اللعبة بشغف وشهوة مع كريستيانو رونالدو وليونيل ميسى.. ففى كل جريدة وبرنامج كنا نجد تناولا حيا لهذا السباق بين النجمين قبل رحيلهما إلى خلف الأضواء!
** اختفت مناديل جماهير ريال مدريد البيضاء التى تعبر عن الاحتجاج، وبدلا من التشجيع أو ظهور مناديل الاحتجاج تعالت صفارات السخط والرفض لهذا الأداء المستسلم الذى قدمه النادى الملكى بقيادة المدرب الإيطالى الذى ظل طوال المباراة حائرا لا يدرى ماذا يفعل؟!
** على مدى اللقاء ظل الجرى كثيرا، وظلت الكرة داخل الملعب، وتابع أكثر من 650 مليون مشاهد هذا العرض الفنى الراقى على مسرح البرنابيو بأعصاب مشدودة للمتعة والإثارة لاسيما من جانب برشلونة، الذى قدم عرضا لفنون الكرة الإسبانية، كأنه عرض لفرقة باليه البولوشوى رمز الثقافة والفنون الروسية الشهيرة.. أو التى كانت شهيرة!
** الكلاسيكو ما زال حيا.