شركات الأمن الخاص.. الصورة الكاملة - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:26 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شركات الأمن الخاص.. الصورة الكاملة

نشر فى : الثلاثاء 21 أبريل 2015 - 9:15 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 21 أبريل 2015 - 9:15 ص

نشرت صحيفة النيويورك تايمز مقالا للكاتبين الصحفيين جيمس رايزن وماثيو روزنبرج، حيث يدور المقال حول الدور الذى لعبته شركات الأمن الخاصة وما زالت فى الحروب التى خاضتها الولايات المتحدة فى العراق وأفغانستان، مخصصا الحديث عن شركة بلاك ووتر التى لعبت الدور الرائد فى هذا المجال. ويشير المقال فى البداية إلى الحكم الصادر منذ أيام على أربعة من رجال الأمن السابقين فى شركة بلاك ووتر والذى كان قراره السجن لمدد طويلة لإدانتهم بقتل 14 مدنيا فى العراق عام 2007، كان الرجل الذى أرسل المتعهدين الأمنيين إلى هناك، قد غادر منذ فترة طويلة البلاد والشركة التى تسبب فى سوء سمعتها.

ويشير المقال إلى السيرة الذاتية لـ«إيريك برينس»، مؤسس شركة بلاك ووتر، وهو عضو سابق فى القوات البحرية الأمريكية، ووريث لثروة شركة ميشيجان لقطع غيار السيارات، حيث أمضى السنوات القليلة الماضية فى البحث عن مهمات جديدة، وميادين جديدة للقتال، وعملاء جدد. كما عمل فى أبو ظبى. ويركز جهوده الآن على الدول الأفريقية، لعلاقاته مع الحكومة الصينية، التى تتوق إلى الحصول على بعض الموارد الطبيعية فى القارة. وتقدم شركة برينس الحالية، «فونتير سيرفيس جروب» ما تصفه بأنه «الخدمات اللوجستية العاجلة» لعمليات التعدين والبترول والغاز الطبيعى فى أفريقيا، وتحظى بدعم من مجموعة سيتيك، شركة الاستثمار الصينية الكبيرة المملوكة للدولة.

***

ويوضح المقال أن صناعة شركات الأمن الخاصة التى ساعد برينس فى جذب انتباه الرأى العام فى أنحاء العالم إليها قد تراجعت منذ ذروة الحرب فى العراق وأفغانستان. لكن ما حدث فى الدولتين سالفتى الذكر أسرع بتحويل الشركات الأمنية من مجرد لاعبين على حافة الصراعات العالمية إلى شركات متعددة الجنسيات تتولى حراسة حقول البترول فى ليبيا، وتحليل المعلومات الاستخباراتية لقوات الولايات المتحدة فى أفغانستان، والمساعدة فى مكافحة المتمردين فى أجزاء من أفريقيا وتدريب الجيوش المدعومة من أمريكا فى العراق وأفغانستان وغيرها.

ويستشهد المقال بآراء بعض الكتاب والمتخصصين فى هذا المجال، ومنهم شون ماكفيت، الذى قال فى مؤلفه «المرتزقة حديثا»، مناقشا شركات الأمن الخاصة، أن: «هذه الصناعة أصبحت الآن عالمية بالفعل» ويضيف: «هذا هو إرث بلاك ووتر – أنهم لم يخلقوا النشاط بالفعل، لكنهم صاروا رمزا له. فقد قاموا بتجميل هذه الصناعة التى ظلت لقرون غير مشروعة، والآن برزت مرة أخرى بقوة».

أما شركات الأمن فتبين أنها اتبعت إجراءات تضمن أن يكون حراسها مدربون جيدا ويتصرفون بشكل مهنى. ويقول مسئولو الصناعة أن أحد تداعيات حادث إطلاق النار عام 2007 كان فرض ضوابط أكثر صرامة على المتعاقدين على تولى الأمن الدبلوماسى فى وزارة الخارجية، مثلما فعلت بلاك ووتر عندما أطلق حراسها النار فى ساحة النسور المزدحمة فى بغداد، مما أسفر عن مقتل عراقيين غير مسلحين، وأثار السخط فى البلاد.

ويقول أحد كبار التنفيذيين فى هذا المجال: «انتهت فترة التهور التى كان رجال الأمن يركضون فيها فى كل مكان كرعاة البقر. واختلف الأمر الآن 180 درجة. هناك الكثير من الرقابة والتنظيم».

ويتفق آخرون، منهم رايان كروكر، السفير الأمريكى السابق فى العراق، مع فكرة أن هناك المزيد من الرقابة على متعهدى الأمن. ومع ذلك، هناك دعوات لمزيد من الشفافية.

ويرى المقال أنه من الصعب للغاية، تتبع نمو هذه الصناعة مع توسع نشاطها ليتجاوز العمل لحساب حكومة الولايات المتحدة. ففى أفريقيا والشرق الأوسط، لا تعلن معظم الحكومات عن الشركات التى تتعاقد معها، وبدورها، تلتزم الشركات الخاصة الصمت. ونتيجة لذلك، لا توجد أرقام دقيقة حول عدد الشركات المسلحة التى تعمل حاليا فى جميع أنحاء العالم. وتتراوح تقديرات إيرادات القطاع من بضعة مليارات من الدولارات إلى 100 مليار دولار.

ويعتقد كتاب المقال أنه قد يكون مستحيلا تحديد عدد الشركات الأمنية الخاصة التى تعمل لدى حكومة الولايات المتحدة، لأن العقود غالبا ما تكون غامضة ومبهمة، حيث يقوم المقاولون من الباطن بالكثير من العمل على الأرض، كما أن بعض الشركات سرى. وقد رفض مسئولو وزارة الخارجية الامريكية تقديم إحصاءات عن عدد المتعهدين الأمنيين الذين تتعامل معهم الوزارة اليوم.

ويشير المقال هنا إلى أنه فى يناير الماضى، أعلنت القيادة المركزية للقوات الأمريكية فى الشرق الأوسط وأفغانستان وباكستان، أن 54 ألفا و700 متعاقدا من القطاع الخاص يعملون لحساب وزارة الدفاع فى المناطق التى تقع تحت مسئوليتها.

ويذكر تقرير القيادة المركزية أنه فى أفغانستان وحدها، حيث ينتشر نحو تسعة آلاف و800 جندى أمريكى، يدفع البنتاجون أجور 40 ألف متعاقد من القطاع الخاص. ويعمل من بينهم بضع مئات فى أعمال تتعلق مباشرة بالأمن، ويتولى الآخرون عمل كل شىء من تقديم الطعام حتى القيام بأعمال الاستخبارات.

فى العام الماضى، سعت الولايات المتحدة أيضا لتوظيف المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص فى العراق لدعم القوات الأمريكية قليلة العدد هناك للمساعدة فى وقف تقدم داعش. وتتضمن مهمات المتعاقدين مساعدة الجيش العراقى، بما فى ذلك المهام الإدارية، والشئون العامة والتخطيط التشغيلى، وفقا للبنتاجون.

ويرجح خبراء أن تظل الشركات الأمنية الخاصة جزءا دائما من الوجود الأمريكى فى الخارج. ويقول السفير السابق كروكر: «لا يمكنك أن تفعل أشياء فى العراق أو أفغانستان بدون شركات الأمن».

ويبرز المقال رأى آن هجدورن، مؤلفة كتاب «الجنود غير المرئيين»، عام 2014 عن المتعاقدين الأمنيين، حيث أوضحت أن المتعاقدين أمامهم الكثير من العمل، قائلة: «مع الاعتماد المتزايد على هذه الشركات فى جميع أنحاء العالم، يمكن بسهولة أن نخوض فى عملية طوارئ أخرى من شأنها أن تكون حرب متعاقدين أخرى».

***

ويؤكد الكاتبان أن بلاك ووتر، الشركة التى جعلها برينس رمزا لشركات من الحرب الأمريكية فى العراق، لم تتخلص من تأثيرات إطلاق النار فى ساحة النسور وخلافات أخرى كثيرة ومشكلات قانونية. فبالإضافة إلى محاكمة الحراس فى قضية إطلاق النار عام 2007، تم توجيه الاتهام لخمسة من كبار المسئولين التنفيذيين فى الشركة بتهم تتعلق بالسلاح، واضطرت الشركة لدفع الملايين من الدولارات كغرامات لوزارة الخارجية لانتهاك قانون الصادرات، وواجهت دعاوى قضائية مدنية مكلفة من أسر ضحايا ساحة النسور وأسر أربعة حراس قتلوا فى الفلوجة فى العراق عام 2004.

و فى نهاية المطاف، منعت شركة بلاك ووتر من تقديم خدمات الأمن الدبلوماسى فى العراق. وفى الوقت نفسه، منعت أفغانستان الشركات الأمنية الخاصة فى عام 2012 بعد سنوات من مزاعم قتل الحراس لمدنيين وغيرها من الانتهاكات. غير أنه تم استثناء البعثات العسكرية والدبلوماسية الأجنبية.

وردا على الجدل الذى أحاط بلاك ووتر، قام برينس أولا بتغيير اسم الشركة ومن ثم بيعها فى عام 2010. وتعرف الآن باسم «أكاديمى»، ومنذ ذلك الحين تم إعادة بيعها ودمجها، مع إحدى الشركات المنافسة لها، «تريبل كانوبى»، فى مجموعة «كونستيليز». ولا تزال الشركة الموحدة لاعبا رئيسيا فى مجال التعاقدات الأمنية للحكومة الأمريكية والعملاء الآخرين، فى حين صار فرع بلاك ووتر المتنامى فى نيويوك، أحد الأصول الرئيسية لشركة أكاديمى باعتباره مركز تدريب.

وتبين المقال أن برينس قد خرج من حطام بلاك ووتر سالما نسبيا، فلم يواجه أى اتهامات جنائية نتيجة التحقيقات حكومية المتعددة فى الشركة. لكنه كان يشعر بالمرارة بسبب التدقيق القانونى والدعاية السلبية، التى يعتبرها جزءا مما يعتقده هجمات سياسية جائرة عليه وعلى شركته. وانتقل بأسرته إلى أبو ظبى فى عام 2010، عندما قال أحد زملاؤه السابقين لصحيفة نيويورك تايمز أن برينس «بحاجة إلى استراحة من أمريكا».

وفى الختام يشير المقال إلى ما جاء فى مذكرات برينس التى نشرها عام 2013، فى كتاب بعنوان «محابون مدنيون» مدافعا فيه عن تصرفات بلاك ووتر وكذلك عن الحراس الذين أطلقوا النار فى ساحة النسور، قائلا إن التحولات السياسية سحقت شركته فى إطار ما أسماه مسرحية حزبية.

التعليقات