عن انتصار استفتاء أردوغان ونهاية تركيا - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 10:37 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن انتصار استفتاء أردوغان ونهاية تركيا

نشر فى : الجمعة 21 أبريل 2017 - 10:05 م | آخر تحديث : الجمعة 21 أبريل 2017 - 10:05 م
نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقالا لـ«يافوز بايدار» –الكاتب والمدون التركى ــ حول الاستفتاء الأخير الذى أجراه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان 16 أبريل الماضى والذى من شأنه توسيع صلاحيات الرئيس التركى، ويتطرق المقال إلى أثر ذلك على المجتمع التركى (الأفراد ــ وسائل الإعلام ــ.. إلخ) ومسار الديمقراطية بالبلاد.
يستهل الكاتب المقال بالحديث عن الاستفتاء الذى أجرى يوم 16 إبريل الماضى بتركيا حول تعديل بعض من مواد دستورها، والذى يراه البعض بمثابة نهاية للدولة التركية ومسار الديمقراطية بها فى حين يرى الرئيس التركى بأن ذلك الاستفتاء يصب فى مصلحة البلاد بل ومن شأنه جعلها أقوى، تجدر الإشارة إلى أن نتيجة ذلك الاستفتاء قد تمخض عنها فوز حملة «نعم» التى قادها أردوغان للاستفتاء لصالح هذه التعديلات ــ التى ستعمل على زيادة صلاحياته ــ بنسبة تصويت بلغت 751.3%، فى حين حصلت حملة «لا» على نسبة 48.63 %.
جدير بالذكر أن الأسس التى كان قد وضعها للحكم مؤسس الدولة التركية «مصطفى كمال أتاتورك» قد مرت بالعديد من التذبذب وصولا إلى التفكك تماما من قبل حزب العدالة والتنمية عقب سلسلة من الأحداث والمواقف مع الجيش والنخبة العلمانية. وقد أعقب ذلك انهيار مبدأ سيادة القانون والذى بدأ تذبذبه عقب احتجاجات حديقة غيزى – تلك الاحتجاجات التى بدأت بمتنزه ميدان تقسيم التركى فى 28 مايو 2013 باحتجاج ناشطين بيئيين ضد إزالة أشجار فى ميدان تقسيم وإعادة إنشاء ثكنة عسكرية عثمانية هدمت فى 1940– وقد أدى كل ذلك إلى تآكل الفصل بين السلطات والتقييد على وسائل الإعلام المستقلة بل والعمل على إبادتها تماما.
***
من جهة أخرى تذكر هذه الأحداث المندلعة الآن بتركيا بمثيلتها التى وقعت بألمانيا منذ عام 1933 ؛ حيث حريق قبة البرلمان الألمانى Reichstag ببرلين وما عرف بليلة السكاكين الطويلة؛ حيث قيام ألمانيا النازية بعملية تطهير وقعت بين 30 يونيو و2 يوليو 1934، عندما نفذ النظام النازى سلسلة من عمليات الإعدام السياسية. هذه التشابهات تعطى دلائل قوية حول أن هناك الكثير من الأحداث التى تتكرر بعد فترات زمنية بالمثل تماما كالنسخ واللصق. لاشك أن مثل هذه المقارنات جعلت الكثيرين فى حالة صدمة غير مصدقين ما يحدث وبخاصة عقب سماع خطاب أردوغان الذى ألقاه عقب إعلان نتيجة الاستفتاء والنشوة العارمة التى ظهر عليها معلنا عن صدمة أخرى ستشهدها البلاد الأيام المقبلة، والتى تمثلت فى أن قمة أولوياته خلال المرحلة المقبلة ستتمحور حول إعادة عقوبة الإعدام مرة أخرى من خلال استفتاء آخر سيجريه بالبلاد.
***
فى أعقاب هذه الأحداث صرح «ستيفن كوك» الباحث الأمريكى وزميل مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى فى مقال لمجلة السياسة الخارجية الأمريكية بعنوان «فلترقد تركيا 1921 –2017 بسلام»، حيث التاريخ ذو الأحداث الكثيرة المعقدة والتى لا يمكن نسيانها على الإطلاق. ويقول «كوك» فى السياق ذاته بأن العديد من الأتراك كانوا يعولون الكثير على الحزب الحاكم – العدالة والتنمية ــ وبخاصة فيما يتعلق بتعهداته التى صرح بها فى وقت مبكر وأنه سيتخذ خطوات جيدة نحو نظام يشهد توازنا للسلطة، وأراد الأتراك أن ينعموا بحقوق الإنسان وإنهاء الصراع الكردى الذى دام لعقود، لكن النهج المتعمد لهدم أى قيم للديمقراطية جعلهم يشعرون بأنهم خدعوا وتعرضوا لمؤامرة. وقد ظهر ذلك بشدة وبخاصة مع محاولة الانقلاب الفاشلة التى حدثت الصيف الماضى ــ والتى لم تنشر تفاصيلها حتى الآن ــ والتى قد أعقبها عمليات تطهير هائلة. بالنظر إلى شعور اليأس والهزيمة الآن بالمجتمع التركى فمن المتوقع نزوح الكثير من الأشخاص خلال الأشهر والسنوات المقبلة.
يضيف «كوك» أنه كان من المؤلم والصعب بالنسبة له أن يرى بنفسه خيبة الأمل هذه وبخاصة بين الكثير من المثقفين الأتراك، وكل ما كان يطلع عليه سواء عن طريق الهاتف أو وسائل التواصل الاجتماعى لم يؤد إلا إلى ترسيخ اليأس وخيبة الأمل وتأكيد ذلك الشعور الساحق بالهزيمة. ما حدث أن الهزيمة واليأس قد انتشروا فى كل الأوساط الأكاديمية والإعلامية التركية وحتى المنظمات غير الحكومية، بغض النظر عن الانتماءات السياسية المختلفة، حيث كان جميعهم يأمل بتغيير ديمقراطى حق فى ظل حكم حزب العدالة والتنمية، وبالطبع ذلك ما لم يحدث على الإطلاق.
يستطرد الباحث الأمريكى بأن الصحفيين أمثاله المتواجدين فى الخارج أو فى الداخل سيجدون عقب ذلك الاستفتاء العديد من التحديات والعقبات وستكون مهامهم الصحفية وبخاصة المتعلقة بالكشف عن الفساد صعبة ومخيفة ومحاطة بالكثير من المخاطر، وستتواصل التدابير والقيود الصارمة ضد الصحافة وستتضاءل المقاومة من قبل أصحاب وسائل الإعلام نتيجة لذلك التضييق والحصار.
ليس ذلك فحسب بل ستبدأ وسائل الإعلام التركية أن تشبه جمهوريات آسيا الوسطى؛ من حيث القمع وعدم السماح بأى آراء معارضة، ومن المتوقع أن تتحول الصحافة المستقلة ويصبح مركزها خارج حدود الدولة التركية، وقد أدرك بالفعل العديد من الأتراك أن محاولة الاعتقاد بتحقيق قيم كالحرية والديمقراطية أو أن ينعم أبناؤهم بالحياة الكريمة ما هو إلا وهم كبير.
***
فى نهاية المطاف يقول الكاتب بأن ما حدث يؤكد أن أردوغان قد أضاف شكلا جديدا من أشكال الاستبداد، وما يبعث على القلق والحزن بأن الجمهورية التركية على الرغم من أنها كثيرا ما قيل بأن تاريخها يشوبه العديد من العيوب، من حيث أنه غير ديمقراطى وأحيانا عنيف فإن البلاد كانت تتبنى عددًا من المبادئ الدستورية مما يشير إلى أنها تتطلع إلى أن تصبح ديمقراطية، لكن تركيا الجديدة خلال عهد أردوغان قد أغلقت إمكانية تحقق ذلك المسار؛ فالجمهورية القديمة كانت تعانى بالفعل من بعض الضعف والقصور، إلا أن ما حدث مؤخرا كان بمثابة ضربة قاضية أنهت أى أمل بتحقق أى إنجاز على طريق الديمقراطية.

النص الأصلى 

 

التعليقات