«حصل برنامج زراعة الكبد بمركز جراحة الجهاز الهضمى بجامعة المنصور على المركز الأول على مستوى الشرق الأوسط من قبل الجمعية الدولية لجراحى الجهاز الهضمى والأورام خلال مؤتمر دولى بموسكو».
نشرت جريدة الأهرام الخبر الذى لم يدهشنى وإن سرى الفخر فى شرايينى وأعاد إلى مخيلتى أول زيارة قمت بها لمركز زراعة الكبد فى المنصورة ولقائى مع الجراح الأشهر أ. د محمد عبدالوهاب. اعتدت بعدها أن أتابع إنجازاته وحفلات تكريمه فى الخارج وأظن آن الأوان الآن أن يكرم فى وطنه بعد كل هذا النجاح الذى حققه فى مجال زراعة الكبد بين الأحياء.
حينما هاتفته فهنأته بادرنى بالحديث عن الأستاذ الدكتور فاروق عزت الذى كان وراء فكرة إنشاء مركز جراحات الجهاز الهضمى فى المنصورة وكيف أنه ــ رحمه الله ــ كان وراء اختياره للعمل بقسم الجراحة تمنيت لو ملكت من أدوات الكتابة ما قد يمكننى من ترجمة حجم الامتنان والتقدير الذى يتحدث به د. عبدالوهاب عن أسلوب أستاذه فى تعليمه وإرساء قواعد ثابتة للعمل تتحقق بها إنجازات حقيقية وتقاليد إنسانية تغيب الآن عن واقعنا.
بدأ مشروع زراعة الكبد فى جامعة المنصورة منذ عام ٢٠٠٤ حيث استقدم القسم أستاذا لجراحة الكبد من فرنسا انقطع بوفاة الأستاذ الدكتور فاروق عزت عاما. كان الحلم قد غزا بالفعل فكر الدكتور عبدالوهاب الذى سافر إلى إنجلترا على نفقته الخاصة لدراسة أصول جراحات الكبد وزراعتها.
بدأ العمل باجتهاد حتى وصل عدد الحالات التى يجريها فى السنة إلى ثمانين حالة.. الرقم الذى لا يجد له منافسا فى مصر حتى وصل عدد الحالات التى أجراها إلى الآن 615 حالة.. الرقم الذى معه احتل المكان الثالث فى العالم بعد كوريا واليابان. والذى استحق لأجله أن يحتل المركز الأول فى الشرق الأوسط.
الواقع أن التقدم العلمى الرائع الذى حققه عبدالوهاب فى المنصورة يواكبه واقع إنسانى بالغ العمق والأثر. المعروف أن حالات زرع الكبد تتراوح تكلفتها بين ٢٢٠ إلى ٢٥٠ ألفا من الجنيهات أين للمريض المصرى بها متى كان من أغلبية غير القادرين؟.
يبدو التكافل سمة غالبة عظيمة فى مركز جراحات كبد المنصورة تتوزع التكلفة كالآتى: مائة ألف بقرار علاج على نفقة الدولة ومائة ألف أخرى تتبرع بها مؤسسة ساويرس أما الخمسون الباقية عشرون منها تضعها جمعية أصدقاء مرضى الكبد التى أسسها د. عبدالوهاب لهذا الغرض وتظل الثلاثون الباقية يسدد منها المريض ما يستطيع أو يرفعها عن كاهله إخوة له فى الإنسانية من المتبرعين.
صورة بديعة من التفوق العلمى والإبداع الإنسانى تجعل باب قسم جراحات الكبد مفتوحا على مصراعيه لا يرد مريضا لأنه غير قادر بل كل الإمكانيات متاحة وفى خدمته دون تمييز.
الواقع أنها ليست المرة الأولى التى أرصد فيها نجاحات وتكرم الدكتور محمد عبدالوهاب بل هى مرات عديدة فى بلاد متعددة ومناسبات عظيمة القدر فهل أتوقع أن أكون ضمن الحضور بتكريم مستحق له فى وطنه؟
نجح محمد عبدالوهاب فى أن ينشئ منظومة متكاملة لجراحة وزراعة الكبد فى المنصورة فأضاف اسم بلاده إلى خريطة عالمية للنجاح اعتمد على مهارته وفريق عمل متكامل من أطباء وجراحين للدعاية والتخدير وممرضات وفنيين ساندته الدولة بقدر إلى جانب المجتمع المدنى لذا جاء نجاحه متصاعدا مستمرا يستحق تحية واجبة فهو عمل وطنى فى المقام الأول.