الحيثيات التى نشرتها صحيفة «الشروق» المصرية فى عددها الصادر يوم السبت الماضى لقرار الدائرة السادسة لمحكمة استنئاف القاهرة بإخلاء سبيل الرئيس المخلوع حسنى مبارك على ذمة قضية قتل المتظاهرين وثيقة إدانة للقوانين الجنائية والإجرائية التى يحاكم بها مبارك ورموز النظام السابق والتى تمت صياغتها فى عهدهم والتى مكنتهم جميعا وعلى رأسهم مبارك من الإفلات من العقاب الحقيقى الذى يستحقونه، وهذا ما أكدت عليه الحيثيات بشكل واضح فى النص الذى يقول: «إن القوانين الإجرائية مليئة بالنصوص التى تعوق العدالة الناجزة، والتى من شأنها إطالة أمد التقاضى وقد ينتج عنها إفلات بعض الجناة من الملاحقة القضائية، كما أنها أصبحت لا تتناسب مع الحالة الثورية التى تمر بها البلاد والقول بغير ذلك يضع القضاء المصرى فى مواجهة مع الشعب، ويقوض ثقة الناس فيه وتسقط لديهم قيمة العدل، وإن سقطت قيمة العدل حينئذ لن يكون للوجود قيمة، ولهذه الأسباب قررت المحكمة إخلاء سبيل المتهم محمد حسنى مبارك بضمان محل إقامته ما لم يكن محبوسا لسبب آخر».
وهذا معناه أن الذين أجرموا بحق هذا الشعب طيلة الثلاثين عاما الماضية، والذين خرج معظمهم الآن إلى بيوتهم، يمكن أن يفلتوا من يد العدالة وفق القوانين القائمة وكأن مصر لم تقم بها ثورة، هل يعقل أن النائب العام المصرى المستشار طلعت عبدالله الذى يشن أعداء الثورة عليه حربا لا هوادة فيها حتى يبعدوه عن منصبه لديه القدرة والشجاعة أن يصدر قرارا بتشكيل نيابة الثورة فى شهر يناير الماضى ولا توجد لدى وزير العدل أو رئيس الجمهورية القدرة أو الشجاعة ليصدر قرارا بتشكيل محكمة للثورة تتجاوز هذه النصوص العقيمة والقوانين المعيبة، التى لا تحقق العدالة الناجزة، وتتيح لهؤلاء للمجرمين فرصة الهروب من العقاب؟ هل ننتظر المشرع كما جاء فى الحثيثات التى ناشدته «أن يتدخل لتنقية النصوص الجنائية الإجرائية من مثالبها والتى وضعت العمل بها فى الظروف العادية وباتت لا تتناسب مع الحالة التى تمر بها البلاد بما يوفر للقضاء آلية تمكنه من تحقيق رغبات الشعب فى العدالة الناجزة المنصفة التى يتطلع إليها «هل نبقى ومعنا الرئيس مرسى فى انتظار المشرع الذى لا نعرف متى سيأتى حتى تضيع الحقوق ويفلت المجرمون، وتنتهى أحلام الشعب وتضحياته إلى أوهام؟
ما الذى يجعل الرئيس مرسى عاجزا عن اتخاذ القرارات المناسبة فى الأوقات المناسبة؟ ولماذا لم يصدر قرارا بتشكيل محكمة الثورة مباشرة بعد إعلان النائب العام فى يناير الماضى عن تشكيل نيابة الثورة؟
ما هذا الهراء الذى يدار به المشهد السياسى فى مصر بين قيادة عاجزة ضائعة، ومعارضة تافهة فاشلة، وتشريعات معيبة، وإجراءات جنائية بالية؟ هل يظل السفهاء يتناطحون حول القضايا الهامشية والتافهة بينما يفلت المجرمون كل يوم من العدالة بسبب المادة 143 من قانون الأجراءات الجنائية؟ هل يعقل أن تقوم حرب شعواء على تحديد سن القضاة بينما مادة قانونية أو تعديل عليها بالأصح يقف الجميع عاجزين عن تعديله؟ ولماذا لا يقلب الرئيس مرسى المشهد ويعلن عن تشكيل محكمة الثورة؟