سد النهضة والحلقة المفرغة - طلعت إسماعيل - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 8:24 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سد النهضة والحلقة المفرغة

نشر فى : الإثنين 22 مايو 2023 - 9:30 م | آخر تحديث : الإثنين 22 مايو 2023 - 9:30 م

القلق الذى أبداه القادة العرب فى ختام قمة جدة بشأن النهج الإثيوبى الأحادى الجانب فى قضة سد النهضة، ربما ألقى حجرا فى بحيرة المفاوضات الثلاثية المتوقفة بين مصر والسودان وإثيوبيا منذ عام 2021، علّ تصل مضخات تساعد على تحريك مياهها الراكدة، فى ظل تعنت أديس أبابا وتجاهلها لأية دعوات للجلوس إلى طاولة مباحثات جادة ينتج عنها قرارات ملزمة بشأن ملء وتشغيل السد الذى قارب بناؤه على الانتهاء.
القادة العرب اعتبروا الأمن المائى العربى لمصر والسودان «جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى»، ورفضوا كذلك «أى عمل أو إجراء» يمس بحقوق دولتى المصب فى مياه النيل، لكن القادة لم يصدر عنهم إدانة واضحة ضد الإجراءات الإثيوبية، واكتفوا بالإعراب عن تقديرهم للجهود التى بذلت لتسيير المفاوضات فى إطار العملية التى يقودها الاتحاد الأفريقى.
الموقف العربى الذى حمله القرار الصادر عن قمة جدة، بشأن السد الإثيوبى، ربما يتطابق فى صيغته، بل وفى منطوق كلماته، مع بيانات تصدر عادة فى ختام اجتماعات تشهدها أروقة الجامعة العربية، أو فى أعقاب كل مباحثات ثنائية بين المسئولين المصريين ونظرائهم سواء كانوا عربا أو أجانب، لكن الواقع يقول أن إثيوبيا ماضية فى عملية الملء الرابع للسد، غير عابئة بصيحة هنا، أو دعوة هناك، تطالبها بالرجوع إلى مائدة المفاوضات، فى ظل ريح إثيوبية مواتية مع دخول السودان أتون صراع مسلح بين الجيش وقوات الدعم السريع.
السؤال هنا: هل سيتحول موضوع سد النهضة إلى مجرد بند «دائم» يتم تداوله بالألسن أو فى البيانات الرسمية الصادرة عن الاجتماعات العربية سواء على مستوى القمة أو فى مستويات أقل؟ وإلى متى سنكتفى بتلقى الكلمات الدبلوماسية التى تتصنع «التفهم» للموقف المصرى من القادة فى الغرب أو الشرق، بينما الواقع يقول أن إثيوبيا تواصل خطواتها الأحادية، مع اكتمال نحو 90% من السد الذى ينذر بعواقب وخيمة على مستقبل مصر المائى؟!
هل سنظل ندور كثيرا فى الحلقة المفرغة التى تعتمد على التأكيد فى المحافل الدولية والعلاقات الثنائية مع هذه الدولة وتلك على رفض مصر المساس بحصتها المائية، والمطالبة بضرورة التوصل إلى «إتفاق قانونى ملزم لملء وتشغيل السد الإثيوبى؟»، والتذكير بأن الأمن المائى المصرى «خط أحمر»، فى الوقت الذى تستغل فيه أديس أبابا كل الظروف الدولية والإقليمية لصالحها؟
ورقة الاعتماد على الاتحاد الإفريقى فى إيجاد حل، عقب الذهاب غير الموفق لمجلس الأمن الدولى (عامى 2020 و2021)، لم ينتج عنها حتى الآن سوى منح أديس أبابا المزيد من الوقت لفرض وتثبيت الأمر الواقع، وحجز المزيد من المياه خلف السد، فى ظل تجاهل دولى، بل وتعاطف ومساندة عدد من الأطراف (بعضها عربى للأسف) للجانب الإثيوبى ليمضى قدما فى مخططه على حساب الحقوق المائية لمصر والسودان.
سيقول قائل أن مصر لم تدخر جهدا فى الدفاع عن مصالحها المائية، وأنها أظهرت حسن النية عندما وقعت فى 2015 إتفاق المبادئ فى الخرطوم كإطار يمكن البناء عليه للتوصل إلى إتفاق قانونى ملزم بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبى، لكن من قال إن الحصول على الحقوق يقوم على حسن النوايا، أو بعهود شفهية، حتى ولو أقسم الطرف الإثيوبى بأغلظ الأيمان على الوفاء بها
وعدم الإضرار بنا؟!
لا نريد أن يتحول السد الإثيوبى إلى بند فى البيانات الصادرة عن الاجتماعات الدولية أو الإقليمية، على غرار ما يحدث مع القضية الفلسطينية التى مر عليها 75 عاما من دون حل، خاصة أننا استهلكنا، حتى الآن، ما يفوق العقد الكامل من دون التوصل لإتفاق مع الجانب الإثيوبى، كما أننا لا نريد الاكتفاء بالتلويح من وقت لآخر بأن «كل الخيارات مفتوحة» وكفى المؤمنين شر القتال، من دون أن نكسر الحلقة المفرغة التى ندور بداخلها.. وتلك هى المعضلة.

التعليقات