نتنياهو.. المذنب والمنقذ في آن واحد - تقارير - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 1:32 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نتنياهو.. المذنب والمنقذ في آن واحد

نشر فى : الخميس 23 مارس 2023 - 9:10 م | آخر تحديث : الخميس 23 مارس 2023 - 9:10 م
لم تتم دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، حتى الآن إلى البيت الأبيض، على الرغم من أنه تقليد تاريخى لتتويج رؤساء الوزراء الإسرائيليين ومباركة ولايتهم. فى ضوء ذلك، تناولت الصحف الإسرائيلية سبب سخط إدارة بايدن على نتنياهو وحكومته، وكيف يمكن إنهاء حالة عدم الرضا هذه... نعرض فيما يلى ما ورد فى الصحف العبرية.
يقول ألون بنكاس فى مقاله على صحيفة هاآرتس أنه على الرغم من مرور أكثر من شهرين على أداء حكومة بنيامين نتنياهو اليمين الدستورية، لم تتم دعوة الأخير بعد إلى واشنطن لحضور التتويج التقليدى لرؤساء الوزراء الإسرائيليين.
ويبدو أنه فعل متعمد بسبب استياء بايدن وعدم رضاه عن توجهات إسرائيل أو سياساتها. ومن المحتمل جدا أن تكون هذه الحقيقة مجرد بداية. إذ قد يفجر نتنياهو قريبا الأوضاع ويحولها إلى مواجهة مفتوحة، ربما تدور حول إيران.
وعندما سئل متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية عن موضوع زيارة نتنياهو، قال: «نحيلك إلى الحكومة الإسرائيلية للحصول على معلومات حول خطط سفر رئيس الوزراء». صحيح إجابة المتحدث مراوغة وغامضة، إلا أن رسالتها واضحة: السخط يستلزم إلغاء أو تعليق حقوق الزيارة الرسمية إلى أجل غير مسمى!
بشكل عام، تنظر الولايات المتحدة إلى الأحداث فى إسرائيل على أنها مزيج من ثلاثة تطورات متشابكة وغير مواتية؛ أولا: أزمة دستورية تجتاح حليفا ديمقراطيا بينما تشن الحكومة هجوما على الديمقراطية، وهو تراجع واضح عن مفهوم «القيم المشتركة». ثانيا: المواجهة والضم فى الضفة الغربية. ثالثا: تزايد الخطاب العدائى تجاه إيران.
• • •
فيما يتعلق بالقضية الأولى، وكما ذكر عاموس هارئيل فى مقاله على صحيفة هاآرتس، فإن الحياة الدستورية الإسرائيلية الآن فى أزمة وتتجه بسرعة نحو الهاوية. وكنتيجة، تصاعدت احتجاجات جنود الاحتياط فى سلاح الجو وأعلن المئات منهم، لأول مرة، أنهم لن يذهبوا إلى الخدمة هذا الأسبوع.
طالب نتنياهو رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلى، ومفوض الشرطة، وجهاز الأمن العام (الشاباك) والنيابة العامة باتخاذ خطوات صارمة ضد هؤلاء الجنود. لكن من غير المرجح أن يتم تلبية هذا الطلب بشكل كامل. وبالتالى، فإن الطريق نحو صدامه مع حُراس الدولة يبدو الآن واضحا.
هذه القوة تعتمد بشكل كبير على جنود الاحتياط. ورئيس الأركان هرتزل هاليفى وقائد القوات الجوية تومر بار يفهمان جيدا أنهما لا يستطيعان إجبار جنود الاحتياط على الطيران. وعزلهم لن يؤدى إلا إلى تقويض جاهزية القوة. ولا توجد طريقة أخرى سريعة لإنتاج أطقم جوية بديلة بمستويات متشابهة من المهارة والخبرة.
• • •
بالنسبة للقضية الثانية والمتعلقة بانتهاك حقوق الشعب الفلسطينى، قال جوناثان ليز فى مقاله على هآرتس، أن المتطرفين فى الحكومة ذهبوا بعيدا فى الهجوم على الشعب الفلسطينى لدرجة قول وزير المالية الإسرائيلى، بتسلئيل سموتريتش، صراحة يوم الأحد الماضى: «لا يوجد شىء اسمه الفلسطينيون لأنه لا يوجد شىء اسمه الشعب الفلسطينى»، وذلك فى أثناء حديثه فى باريس فى حفل تأبين لناشط الليكود الراحل جاك كوبفر.
كما زعم سموتريتش أن الشعب الفلسطينى أمة وهمية تم اختراعها فقط لمحاربة الحركة الصهيونية، مضيفا أنه «يجب سماع هذه الحقيقة فى قصر الإليزيه والبيت الأبيض. وأن الحجة القائلة بأنه لا يوجد شعب فلسطينى يجب أن تُسمع بين العرب فى إسرائيل وبين اليهود المرتبكين»، فى إشارة إلى اليهود اليساريين.
• • •
هناك قضية إيران، حيث اتهم نتنياهو بالفعل بايدن أنه ضعيف، وأضاف ألون بنكاس فى مقاله المشار إليه أعلاه، أن نتنياهو سيقف على الأرجح فى موقف مناهض لبايدن فيما يتعلق بطهران. إذ سيبدأ نتنياهو تدريجيا فى انتقاد السياسة الأمريكية تجاه إيران، معتبرا أنه لم تتم دعوته إلى البيت الأبيض لأن «الليبراليين اليساريين يعملون ضده» ولا يجعلون الرئيس يسمع ما يريد قوله بشأن برنامج إيران النووى.
لكن إذا وصلت دعوة، فقد حصل نتنياهو على ما يريد. إذا لم يحدث ذلك، فإن لدى نتنياهو خيارا آخر وهو: الذهاب إلى واشنطن دون دعوة رئاسية. فمن وجهة نظره، ليس هناك ما يخسره. أما من أجل مصالح إسرائيل، هناك الكثير لتخسره.
• • •
على صعيد آخر ورغم كل ما ذكر أعلاه، يرى جدعون ليفى فى مقاله على صحيفة هاآرتس، أن تصرفات بن غفير، وزير الأمن القومى، تشكل خطرا على مكانة إسرائيل الدولية، وهو بذلك يساعد منظمات حقوق الإنسان فى تل أبيب والعالم على تحقيق هدفها بإنهاء الأبرتهايد. ويضيف ليفى: الأبرتهايد لن يسقط من تلقاء نفسه. إسرائيل لن تنهض صباح أحد الأيام وتقول: «لم يعد جميلا أن نكون نظام أبرتهايد، لنضع حدا له». فقط ضغط المجتمع الدولى هو ما سيدفعها إلى الصحوة.
المجتمع الدولى لم ينهض للعمل حتى الآن، باستثناء بعض التصريحات. وبصورة خاصة تجاه إيتمار، أسرع شخص يرفع المسدس فى الكنيست، ومن الممكن أن يكون هو مَن يدفع العالم إلى العمل، ومن الممكن أيضا أن يوقظ اليسار الإسرائيلى من سبات الشتاء الذى لا ينتهى. فاليمين الخاص ببن غفير، أعنف وأكثر تطرفا بكثير من أى يمين أوروبى اليوم. أيها العالم، أن تأتى متأخرا خير من ألّا تأتى أبدا. إذا حدث هذا، فسأرفع قبعتى أمام بن غفير، وأشكره من كل قلبى على جهوده للدفع قدما بالعدالة.
كما رأى ليفى فى مقال آخر، أن نتنياهو أيضا يستطيع أن يضع حدا للاضطراب الذى اجتاح إسرائيل. وبالطبع لا يمكن تبرئته من الذنب والمسئولية، فهو الذى أدخل الدولة اليهودية فى هذه الزوبعة.
أضاف ليفى: ليس عليه أن يستقيل أو يستسلم. كل ما عليه فعله هو اتباع ما يقوله قلبه وعقله بمعنى الموافقة على مخطط الرئيس اسحاق هرتسوغ. فنتنياهو كان على استعداد لقبول معظم البنود، لكن وزير العدل ياريف ليفين وعضو الكنيست سيمشا روثمان، رئيس لجنة الدستور والقانون والعدالة فى الكنيست، منعوه من القيام بذلك.
اختتم ليفى مقاله: لا يزال بإمكان نتنياهو استعادة بعض مجده السابق وشرعيته. ما الذى يريده شخص أكثر من ذلك بعد أن تحول فى غضون أسابيع من السيد كاريزما إلى ظل لنفسه، رجل ميت يمشى، يضرب على أبواب عواصم العالم تحت هجوم غير مسبوق. الموافقة على خطط هرتسوج لن يكون استسلاما يا نتنياهو، سيكون انتصارا. انتصار الحكمة.
التعليقات