إدارة الثورة على طريقة (العبوا سوا) - وائل قنديل - بوابة الشروق
الجمعة 17 مايو 2024 3:19 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إدارة الثورة على طريقة (العبوا سوا)

نشر فى : الإثنين 23 مايو 2011 - 9:58 ص | آخر تحديث : الإثنين 23 مايو 2011 - 9:58 ص

 لدينا الآن قعدة «وفاق قومى» وجلسة «حوار وطنى» الأولى لصاحبها ومديرها الدكتور يحيى الجمل، صاحب توكيل الحوار الوطنى سابقا، والثانية لمديرها الدكتور عبدالعزيز حجازى.

والمفترض نظريا أن «الوفاق» و«الحوار» يدوران من أجل التوافق على ما ندير به مصر بعد الثورة، من خلال التداول فى الدستور والقوانين والضوابط المنظمة لكل ما يطرأ على الساحة المصرية، ووفق هذا المعنى ينبغى أن يكون الحوار سابقا لما يتخذ من قرارات أو يسن من تشريعات، غير أننا نعكس الوضع ونضع العربة قبل الحصان، فنتخذ القرارات ونسن التشريعات وتصبح نافذة ثم بعد ذلك نتحاور ونتجادل حولها.

وأظن أن هذا هو التطبيق الحرفى للمثل الشعبى العبقرى «طبل فى المتطبل» عن ذلك المسحراتى الذى كان يذهب لإيقاظ الناس بطبلته لتناول السحور، بعد أن يكون الفجر قد شقشق.

هذا على مستوى الشكل، أما من حيث المحتوى فحدث ولا حرج، ذلك أن ما جرى فى حفلة «الوفاق القومى» التى أسندت إدارتها للدكتور يحيى الجمل هو صورة بالكربون مما حدث فى «قعدة» الحوار الوطنى التى أقيمت وانفضت بإدارته أيضا قبل عدة أسابيع وكانت مثار سخرية الجميع بالنظر إلى تركيبتها العجيبة.. فقد جرى استدعاء الناس للحضور بشكل عشوائى مرتبك وقبل لحظات من الانعقاد، حتى إن الفقيه الدستورى الكبير الدكتور إبراهيم درويش اشتبك مع الدكتور يحيى الجمل حين كشف الأول أن الثانى تجاهل دعوته للقاء وأنه جاء بدعوة من المجلس العسكرى، وهكذا مضى الوقت فى عتاب وكأننا أمام «كتب كتاب وفاء» وليس «جلسة حوار وفاق».

ولا يختلف الأمر كثيرا فى جلسة الحوار الوطنى الذى انعقد أمس برئاسة الدكتور عبدالعزيز حجازى، حيث اختلط الحابل بالنابل، وفوجئ الحضور برموز تنتمى للقوى المضادة للثورة مدعوة للمشاركة فى التحاور حول مستقبل مصر الثورة، وكأن المنظمين قرروا أن يفتحوا ميدان التحرير على ميدان مصطفى محمود على طريقة «العبوا سوا»، وكان منطقيا أن تنفجر القاعة بالهتاف ضد هذه المفارقة المدهشة.

والغريب أن موائد الحوار صارت تمتد عندما لا يكون للحوار لزوم، وكان الأحرى بنا أن يجرى حوار ونقاش مستفيض حول قانون مباشرة الحقوق السياسية ــ على سبيل المثال ــ قبل إقراره ومداهمتنا به على هذا النحو، اللهم إلا إذا كان المقصود هو استكمال الشكل والتقاط الصور وكأن مصر تتحاور بحق وحقيق بشأن مستقبلها.

لكن اللافت حقا ألا يجد أولئك الذين يعتبرون أنفسهم جنود الثورة والمدافعين عنها غضاضة فى أن يهرولوا إلى كل دعوة من هذا النوع دون التوقف عند طبيعة ومرجعية باقى المدعوين، وبلا أى استشعار للحرج أو التناقض مع الذات وهم يتبادلون القفشات والابتسامات مع نفر من المصريين اتهموا الثوار بالخيانة الوطنية واعتبروهم على مرأى ومسمع من الجميع بأنهم عملاء لقوى استعمارية وحاملو أجندات أجنبية.

والأخطر أن يرى البعض فى احتجاج شباب الثورة على وجود هؤلاء الناس بينهم نوعا من التزيد!

وائل قنديل كاتب صحفي