فى محادثة ذات يوم مع أحد مسئولى البيت الأبيض، سمعت شيئا لم أتوقع أن أسمعه أبدا من موظف فى إدارة أوباما. فقد قال: «أتمنى لو أن جورج بوش يتحدث أكثر من ذلك قليلا».
فمنذ أن غادر بوش البيت الأبيض قبل خمسة أشهر وهو يعيش مع ذكرياته. ويقبع فى منزله فى تكساس ونادرا ما يتحدث علنا. نتيجة ذلك أنه لم يعد له أى ذكر فى الأخبار تقريبا، كما أن كثيرا من الأمور طواها النسيان، وهو ما كان معاونو أوباما يعملون على تحقيقه.
وبسبب صمت بوش، صار من الأصعب على أوباما أن يبقى تركيز الجماهير على بوش، باعتباره مسئولا عن الصعوبات التى تواجهنا حاليا، مثل الاقتصاد الضعيف، والحروب غير المحسومة، وفضائح جوانتانامو وسوء معاملة المعتقلين.
ولا يرجع ذلك إلى توقف أوباما عن المحاولة. فهو يذكر الرأى العام بانتظام فى خطبه ومؤتمراته الصحفية بجميع المشكلات الموروثة من عهد سلفه. ولكن بالنسبة للصحفيين الذين يغطون البيت الأبيض، صارت هذه التذكيرات نمطية ومعتادة. ونظرا لأن بوش لن يرد الهجوم، فهم نادرا ما يحصلون على الكثير من التغطية.
فبعد خمسة أشهر من توليه منصبه، أصبح أوباما الرئيس الوحيد الذى يفكر فيه الأمريكيون. وأظهرت سلسلة من استطلاعات الرأى فى الأسبوع الماضى، أن الأمريكيين عندما يفكرون فى أوباما يتزايد انتقادهم له.
وفى استطلاعات الرأى التى أجرتها كل من صحيفة وول ستريت جورنال ــ شبكة إن بى سى، ونيويورك تايمز ــ شبكة سى بى إس، ومركز بى إى دبليو للأبحاث، كانت النتائج متشابهة. فقد احتفظ باراك أوباما بشعبيته الشخصية، مع ارتفاع نسبة الرضا عن التوظيف إلى 60 فى المائة. ولكن عندما سئل المشاركون فى الاستطلاع عن سياسات محددة مهمة تتخذها الإدارة جاءت النتائج أقل من ذلك كثيرا، بل وسلبية.
وفى استطلاع مركز بى إى دبليو، تراجعت نسبة المصوتين الذين يؤيدون أسلوب أوباما فى معالجة الهبوط الاقتصادى إلى 52 فى المائة بعد أن كانت 60 فى المائة.
وقد حقق تقدما بالكاد بالنسبة لمنهجه فى إنقاذ جنرال موتورز وكرايسلر، حيث وافق عليه 47 فى المائة، بينما لم يوافق 44 فى المائة. ولم يتفق أولئك المستطلعة آراؤهم بفارق 22 نقطة عن الموافقين على إنفاق المليارات لمواصلة تشغيل الشركات الخاسرة بالفعل.
واستمرت الاستطلاعات لمدة أسابيع تسجل معارضة لقرار أوباما إغلاق معتقل خليج جوانتانامو. ومن الواضح أن خطابه الذى ألقى فيه باللوم على بوش من أجل فتح المعتقل لم ينجح فى تخفيف التداعيات السياسية.
وأظهر استطلاع نيويورك تايمز ــ سى بى إس أنباء أكثر إثارة للقلق. بعدما أصبح حجم عجز الموازنة أكثر وضوحا، زادت المخاوف بشأن سياسات الإدارة فيما يتعلق بالموازنة. فقد أظهر هذا المسح أن المشاركين أجابوا سلبا بفارق 2 إلى 1 عندما سئلوا عما إذا كان أوباما طرح خطة واضحة للتعامل مع العجز. ورفضت أغلبية نسبتها 52 فى المائة الأولوية التى يمنحها أوباما لتنشيط الاقتصاد على حساب عجز الموازنة، بينما وافق على ذلك 41 فى المائة. وقال الرافضون إن الأولوية يجب أن تكون لتقليل العجز.
وسوف تمثل الرعاية الصحية آخر معارك أوباما وأكبرها اختبارا جديدا لقيادته، مع مؤشرات فى عدة استطلاعات على أن الجمهوريين والديمقراطيين يتخذون مواقف متعارضة، على الرغم من دعوات الرئيس لتقديم مشروع قانون من الحزبين.
وكانت معالجة أوباما للسياسة الخارجية تحظى بقبول داخلى واسع النطاق، حتى اندلع الاحتجاج الشعبى فى إيران ضد ما يقال إنه انتخابات رئاسية مزورة. غير أن البيت الأبيض يتوقع المزيد من الانتقادات بشأن حشد القوات فى أفغانستان، حيث من المحتمل أن يشهد الصيف المزيد من المعارك وارتفاع عدد الضحايا.
وخلاصة القول، إن أوباما ربما يكون حقق معظم المكاسب السياسية المتاحة من زيادة معدل النشاط محليا وخارجيا وهو ما اتسمت به الشهور الأولى من رئاسته. وبدأ الناس الآن فى النظر بصورة نقدية أكثر إلى القرارات التى اتخذها. وهم ينتظرون بدرجات متفاوتة من الصبر، لمعرفة ما ستسفر عنه الوعود الكثيرة التى أطلقت فى الأيام الأولى.
ويعتبر أوباما سعيد الحظ، حيث لم يجد الرأى العام بديلا واضحا يأتى من النواب الجمهوريين فى الكونجرس. لكنه يفقد المقارنة يوميا بينه وبين سلفه. وهكذا، تأتى المقارنة من رجال أوباما عندما يقولون «أعيدوا بوش».
Washington Post Writers Group