81 ربيعا هى عمر الشيخ محمد سيد طنطاوى بعد شهرين من الآن، أكثر من ربع هذا العمر المديد قضاه الشيخ مفتيا للديار المصرية وشيخا للأزهر، وبالتحديد أنفق الرجل من سنى حياته 23 عاما رهين المنصبين الكبيرين 10 سنوات مفتيا للديار، و13 عاما شيخا للجامع الأزهر وإماما أكبر للمسلمين.
الرجل من مواليد برج العقرب، وطوال فترة اشتغاله بالعمل العام يلدغ الإمام الأكبر متابعيه بتصريحات صاخبة ومعارك أكثر صخبا، فالرجل لديه قابلية عجيبة للاستدراج إلى مناطق ملغومة، ما إن يدخلها حتى تنفجر الاشتباكات وتهب الزوابع مخلفة وراءها موجات عاتية من الغبار الساخن أصابت مقام «المشيخة» فى مقتل.
«من حفرة إلى دحديرة» كما يقول المثل الشعبى يتحرك الإمام الأكبر فى حقول السياسة، يصافح بيريز ــ سهوا ــ بحجة أنه لا يعرف شكله، فتهب رياح النقد على الشيخ وما أن يهدأ الغبار حتى يأتى الإمام الأكبر بموقف يعيد فيه إنتاج المشكلات والمعارك ذاتها، والحجة هذه المرة «هو بيريز بعبع عشان أسيب له المكان واشمعنى مندوبى السعودية وإيران لم يغادرا المكان» هكذا يبرر الشيخ جلوسه على منصة واحدة مع مجرم الحرب الإسرائيلى العتيد فى مؤتمر زعماء الأديان فى كازاخستان.
ومن «قطيعة تقطع بيريز واللى يعرفه» إلى «بيريز من دولة نعترف بها» تمضى سفينة تناقضات الإمام الأكبر تمخر مشاعر المصريين دون توقف.
ومشكلة شيخ الأزهر إنه سريع الطلقات، ما إن يسأل فى أمر حتى يطلق إجابة عفوية دونما تفكير فى عواقبها، ومن هنا تندلع الأزمات، وحينئذ يتراجع فضيلته عما قال، على نحو يهز موقع إمامة المسلمين بعنف، ويطرح مليون علامة استفهام حول ذهاب الشيخ إلى عش المشكلات بقدميه.
وكانت أحداث حلقات هذا المسلسل المعاد من التصريحات والتراجع عنها ما جرى مع الشيخ وهو فى العقد التاسع من عمره ــ متعه الله بالصحة والعافية حين جرى اصطياده وتوريطه فى تصريح أقام الدنيا ولم يقعدها حول مسألة تبرع المسلم لبناء كنيسة، حيث سجل له نجيب جبرائيل ومرافقوه فى زيارتهم إلى مقر المشيخة التصريح الأزمة، الذى أغضب الكثيرين فاضطر الإمام للتراجع عنها.
وإحقاقا للحق ووفقا لما بثه جبرائيل على الإنترنت فإن الشيخ طنطاوى لم يفت بجواز أو منع تبرع المسلم لبناء كنيسة، وحسب التسجيل الموزع فإن ممدوح عزت عبدالرحمن المستشار الإعلامى للمنظمة، التى يرأسها جبرائيل سأل شيخ الأزهر قائلا: «ما رأيك فى اللى يوصى المسلم ببناء كنيسة» فأجاب الدكتور طنطاوى: «لو أوصى هو ببناء كنيسة، أنا لا أتدخل هو حر فى ماله»؟
ثم قال ممدوح: «ده رأيك ولا رأى الشرع؟ فرد الشيخ: «ما هو رأى الشرع هو اللى بيتحكم فى رأيى.. أنا لا أقول حلال ولا حرام هو ماله وهو حر فيه».
غير أن ضيوف الإمام الأكبر لم يرحموا شيخوخته وقابليته الفطرية للاستدراج والمجاملة فاستغلوا الموقف وسجلوا وقائع اللقاء دون علمه، ووزعوا ما اعتبروه صيدا ثمينا على أوسع نطاق.. ثم جرى ما جرى.. وليته ما كان يا مولانا.
wquandil@shorouknews.com