** نعم مستديرة أحيانا وليس دائما. وبها مفاجآت صارخة أحيانا لكنها ليست دائمة. فلماذا نصف اللعبة بأنها مستديرة مع أن ذلك هو الاستثناء وليس القاعدة؟
لماذا لم تفز المنتخبات الصغيرة ببطولة كأس العالم وكم مرة فازت منتخبات صغيرة ببطولات الأمم الأوروبية وكوبا أميركا والأمم الأفريقية والأمم الآسيوية؟
** سوف تجد أن الأبطال هم غالبا المنتخبات الكبيرة. البرازيل، ألمانيا، إيطاليا، فرنسا، الأرجنتين، أوروجواى. وهى فى بطولات أوروبا نفس الفرق الأوروبية الكبيرة تقريبا باستثناء حالات نادرة، مثل الدنمارك 1992. وفى كوبا أميركا تبدو البطولة مباراة بينج بونج بين البرازيل والأرجنيتن، وليس بينها فنزويلا ولا إكوادور ولا تشيلى، وفى أفريقيا مصر وغانا والكاميرون وكوت ديفوار ونيجيريا والجزائر وتونس، وفى آسيا اليابان وكوريا الجنوبية والسعودية والإمارات وقطر وليس بينها الهند ولا فيتنام.. القاعدة هى الفوز بالبطولات للكبار بينما تظل المفاجآت قصيرة الأجل وتراها فى مباراة أو فى موسم.
** أذكر أنه فى مونديال إيطاليا 1990 خرجت الصحف الإنجليزية بعناوين تتحدث عن «مجموعة الحيتان» التى ضمت منتخبات هولندا وإنجلترا أيرلندا ومصر.. وأيامها عرفت كرة القدم تعبير الأسماك الصغيرة والأسماك الكبيرة.. وأيامها أيضا قيل عن منتخب مصر إنه السمكة التى ستلتهمها الحيتان. وتعادل منتخب مصر مع هولندا، ومع إيرلندا وخسر بهدف أمام إنجلترا، ولم يكن الأداء جيدا إلا فى مباراة هولندا. لكن فى الواقع أن بعض الحيتان أحيانا تهزمها أسماك صغيرة، كما هزمت الكاميرون منتخب الأرجنتين فى نفس البطولة وكما هزمت السنغال منتخب فرنسا فى 2002، وكما فازت اليونان بكأس أوروبا مرة لكن النهاية كانت غالبا هى إسدال الستار على مشهد زفاف «البطل والبطولة» من بين المرشحين للقب، تماما مثل كل النهايات السعيدة فى أفلامنا العربية!
لكن لو سألتنى يوما: من يفوز السويد أم ترينداد؟ سأجيبك فى المائة مرة: السويد طبعا. ولو سألتنى ماذا تفعل كازاخستان مع بولندا ستكون الإجابة فوز بولندا، وهكذا فى مباريات وفى بطولات يبدو تعبير الكرة مستديرة يقصد به المفاجآت غير المتوقعة وغير المحسوبة، وصحيح أن الفرق الصغيرة كبرت قليلا بالاحتراف الخارجى وبالخبرة وبالثقافة التكتيكية المكتسبة، ولم تصغر الكبيرة قطعا. لكن الرهبة من اللعب فى نهائيات كأس العالم اختفت من قلوب الصغار.
** وأرى أن تقييم أى فريق فى المونديال يرتبط فى أذهان بعض النقاد بالنتيجة التى انتهت إليها المباراة، وأن تقييم كرة القدم أحيانا يرتبط بمفاجأة يسجلها فريق ما، وهو أمر غير دقيق. وتلك مسائل خطط وتكتيكات وأساليب، لكنها ليست قواعد ثابتة. ولكن يبقى الثابت أن الفريق الذى لايمتلك المهارات الفردية ولايمزج بين الموهبة وبين اللعب الجماعى، ولا يلعب بمغامرة وجرأة هجومية ولايملك التاريخ والجذور الضاربة فى اللعبة، سيظل فريقا مشاركا فى كأس العالم، أو كوبا أميركا أو بطولات أوروبا وأفريقيا واسيا، ومن الصعب أن يكون بطلا.
** أبطال تلك البطولات هم حالة دائمة فى معظم الأحوال، هم المنافسون والمتصارعون على الألقاب. ويوما فازت الدنمارك وفازت اليونان بكأس أوروبا ويوما حصلت تركيا على المركز الثالث فى كأس العالم،
فأين اليونان وتركيا الآن فى قمة بطولات كرة القدم؟
** أستند على التاريخ والجغرافيا وكرة القدم.. فالدول التى فازت بكأس العالم عددها 8 دول على مدى 92 عاما.. ولن تجد سمكة واحدة صغيرة بين تلك الحيتان. والدول التى فازت بكأس أوروبا عددها 10 دول منذ عام 1960 حتى آخر بطولة. وأبطال كاس الأمم الأفريقية 15 فى قارة تضم 54 دولة ومنتخبا. وفى آسيا فاز بالبطولة القارية 10 دول فقط فى قارة تضم 47 دولة.
** اختصارا لم أقتنع يوما بلعبة الوقعات وقراءة الفنجان قبل البطولات الكبرى أو قبل المباريات الكبرى لأنه من المحتمل جدا أن تقع مفاجأة، ومفاجآت، كما حدث فى المونديال الأخير فى كوريا واليابان حين خرج معظم الكبار.. ونعم نحن نردد دائما: الكرة مستديرة.. وهذا صحيح على المدى القصير ووارد فى مباراة. ونرددها هربا من توقع نتيجة مباراة أو ترشيح فريق على فريق لكن كرة القدم ليست مستديرة على المدى الطويل و مقولة غير واردة فى كأس العالم.. وعندما تفوز توجو أو ترينداد وتوباجو بكأس العالم مرتين وثلاثا ستكون كرة القدم مستديرة فعلا!!