رمال متحركة - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 8:22 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رمال متحركة

نشر فى : الإثنين 25 يناير 2016 - 10:20 م | آخر تحديث : الإثنين 25 يناير 2016 - 10:20 م
تستطيع نظم الحكم أن تقمع بعض الناس طوال الوقت. إلا أنها لا تستطيع أن تقمع كل الناس طوال الوقت.

تستطيع نظم الحكم أن تقمع كل الناس جزءا من الوقت. إلا أنها لا تستطيع أن تقمع كل الناس طوال الوقت.
قد يمكّن القمع الحكام من البقاء، إلا أنه يدفع بهم من أزمة إلى أخرى ومن موجة غضب شعبى قائمة إلى موجات قادمة.
قد يغرس القمع مشاعر الخوف بين الأغلبية البعيدة عن دوائر الحكم والنفوذ والثروة، إلا أنه تدريجيا يجردهم من الخوف ما إن يعتاد على سلب الحرية والتعقب والتهديد.
قد يغرس القمع مشاعر الخوف بين الأغلبية لبعض الوقت، إلا أنه يفرض على الحكام بارانويا الخوف طوال الوقت ــ الخوف من مؤامرات متوهمة ومتآمرين مزعومين، الخوف من غضب شعبى ظاهر وكامن، الخوف من تداعيات الظلم العصية على التقدير والتوقع.
قد يمكن القمع الحكام من صناعة الصورة النمطية «للرئيس مرهوب الجانب» وللحكم «الذى لا يخطئ» وللدولة ذات «الهيبة»، إلا أنه يجردهم اليوم وغدا من القبول الشعبى وينزع الثقة الشعبية عن مؤسسات وأجهزة الدولة التى يوظفونها ويقضى على هيبة الدولة التى لا تستقر على المدى المتوسط والطويل سوى بالعدل.
قد يسمح القمع للحكام وللمؤسسات والأجهزة المساندة لهم وللنخب المتحالفة معهم بالسيطرة على موارد المجتمع وتوجيهها إلى إنفاق عسكرى أو تدجيج للأمن بالسلاح أو إلى المشروعات الاقتصادية الكبرى وخطط التطوير الطموح، إلا أنه يغتال طاقات الإبداع لدى المواطن ويميت روح المبادرة الفردية وينحر قيم الشفافية والمساءلة والمحاسبة التى دونها لم تتجاوز الأمم أزماتها أو تصنع تقدمها.
قد يغرى القمع الحكام بالاعتماد عليه كأداة وحيدة لإدارة شئون المواطن والمجتمع والسلطة على نحو يخلصهم من «إزعاج» المعارضين ويضمن «طاعة» الجموع، إلا أنه ينتج اختلالات كارثية فى طبيعة العلاقة بين الناس والحكم التى تطغى عليها سمات الخوف والطمع، القبول نفاقا والرفض صمتا، ضجيج التأييد طلبا للمنافع وصمت العازفين تحايلا.
قد تتواطأ القوى الكبرى المؤثرة فى الجماعة الدولية مع القمع الذى يحدث فى مناطق من العالم ذات أهمية استراتيجية أو تتنوع صراعاتها والتهديدات التى تصدرها، إلا أن جميعا وباستثناء وحيد (روسيا الاتحادية) لن تمد يد العون لإنقاذ نظام قمعى يتهاوى تحت وقع خطوات شعب تاق للحرية.
قد يحافظ القمع على حقائق الحكم والنفوذ والثروة دون تغيير وقد يخضع أغلبيات شعبية مظلومة ومضطهدة ومهمشة لإرادة الحكام وأجهزتهم وحلفائهم، إلا أنه أبدا لا يبنى المجتمع الآمن (الهادئ) الذى يدعون الوصول إليه ولا الدولة الوطنية القوية التى يتشدقون بها.
لا يشيد القمع جمهوريات خوفه إلا على رمال متحركة، لا يشيد القمع جمهوريات خوفه إلا على أسس خاوية مآلها أن تتهدم وتزول.
كلفة القمع عالية لو كانوا يدركون.
عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات