لكى لا نخون ثورتنا - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 5:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لكى لا نخون ثورتنا

نشر فى : الأربعاء 25 مايو 2011 - 8:08 ص | آخر تحديث : الأربعاء 25 مايو 2011 - 8:09 ص

 ماذا فعلت النخب السياسية المصرية للآلاف من مصابى الثورة وجرحاها؟

ماذا قدم المنظرون قبل أن يتأنقوا ويذهبوا إلى موائد الحوار والوفاق لهؤلاء الذين فقدوا أطرافهم ونظرهم وعصف بهم العجز وأطاح بأحلامهم؟

لا أسأل عن دعم مادى أو حتى طبطبة، بل أسأل عن مدى حضور قضية هؤلاء الشهداء الأحياء فى جلسات الحوار الفارهة.. هل تذكرهم أحد، هل طرحت مأساتهم على مصاطب الكلام؟

إن أحدا ممن يجلسون الآن على مقاعدهم الوثيرة ما كان يمكنهم ذلك لولا أن آلافا من الفتية والفتيات الأوفياء الأنقياء حملوا أرواحهم على أكفهم صباح 25 يناير وخرجوا لمناطحة المستحيل وتحقيق الحلم، ومن ثم فإن كل مصرى ومصرية يدين لهم بالفضل على ما نحن فيه، غير أن الفاجعة أن هؤلاء سقطوا سهوا أو عمدا من ذاكرة النخبة المصرية، وباتوا يتسولون العلاج امام مستشفيات حكومية ضاقت بهم فلفظتهم خارجها، بينما وجهاء القوم المتأنقون مشغولون بصالونات الحوار والسفسطة، ومنشغولون بالاختراعات السياسية ومجالس الحكماء والفصحاء، وغير ذلك من تقاليع تبدو غاية فى الرفاهية ونحن لم نلتقط أشلاء الجرحى من الميادين بعد.

إن الذين يماطلون ويتلكأون فى حسم بديهية نقل الرئيس المخلوع المحبوس إلى مستشفى السجن، بحجة أن أذنه تطن وعينه ترف، بينما ينسون أو يتناسون آلاف المصابين من أبطال الثورة، ممن بترت أطرافهم وعطلت حواسهم وفقدوا فرصتهم فى مستقبل كريم صنعوه لنا.. هؤلاء الذين يعملون أقصى معايير الرحمة والتدليل مع رئيس مخلوع متهم بالقتل واللصوصية، بينما يتعاملون بكل هذا التجاهل والصلف مع خيرة شباب مصر، لا يحق لهم أن يرددوا صباح مساء أنهم فخورون بالثورة وعاكفون على حمايتها، فليس منطقيا أن تتزعم الانحياز للثورة وتعادى الثوار وتتركهم نهبا للمرض والعجز فى الوقت ذاته، فالمبادئ لا تتجزأ، ولا يمكن أن تكون مع الثورة فى المساء وضدها فى الصباح.

إن المطلوب من مليونية بعد غد أن تستحضر قضية آلاف الجرحى، وتضغط بكل الوسائل لكى يحصلوا على حقهم فى العلاج بكرامة وعزة نفس، ومن عصف المرض بقدرته على العمل والإنتاج من حقه أن يحصل على معاش ثابت يعينه على مواجهة الحياة.

لقد استمعت إلى عدد منهم يبكون بمرارة لأنهم لم يلقوا حتفهم ويفوزوا بالشهادة، فيكون مستقرهم الجنة التى سبقهم إليها رفاقهم الشهداء، بدلا من تجرع الألم والإهانة قطرة قطرة ولجوء بعضهم إلى التسول من أجل استكمال العلاج.

وائل قنديل كاتب صحفي