قانون التوازن فى الأردن - ديفيد إجناشيوس - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 1:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قانون التوازن فى الأردن

نشر فى : السبت 26 فبراير 2011 - 10:35 ص | آخر تحديث : السبت 26 فبراير 2011 - 10:35 ص

 يطالب الأردنيون بالإصلاح هذه الأيام، مثلما يفعل الجميع فى كل مكان بالعالم العربى، ولكن ما يهدفون إليه يعتمد جزئيا على الضفة التى جاء منها أجدادهم من ضفتى نهر الأردن. بيد أن كلتا الضفتين تتطلعان إلى حماية النظام اللكى الهاشمى، وهو أحد أسباب استمرار بقائه وسط الإعصار الذى يهب من البلدان المجاورة.

فعندما يتحدث الأردنيون من أصل فلسطينى عن الإصلاح، عادة ما يقصدون حرية أكبر فى التعبير، وبيروقراطية أقل، وتمثيلا أكبر لجماعتهم التى تشكل نحو نصف سكان الأردن.

وعلى العكس من ذلك، يعنى الإصلاح بالنسبة للعديد من سكان شرق نهر الأردن، التراجع فى عمليات الخصخصة (التى يربطونها بالفساد) والمزيد من السلطة للجيش والحكومة، وتقييد تجنيس المزيد من الفلسطينيين ومنحهم حق الاقتراع.

وخلال الأسابيع الماضية، قام الإصلاحيون الشباب بالتظاهر فى الشوارع. وفى الوقت نفسه، تظاهر ضباط الجيش المتقاعدون احتجاجا على ما اعتبروه صفقات غير سليمة لصالح النخبة من رجال الأعمال، ومشكلات أخرى.

ويقف الملك عبدالله الثانى فى الوسط، يميل تارة فى هذا الاتجاه وتارة فى ذاك، بينما يحاول ركوب موجة التغيير.

فهو يعتمد على نخبة رجال الأعمال الفلسطينيين من أجل النمو الاقتصادى فى الأردن؛ غير أنه يحتاج فى تحقيق الأمن إلى الجيش الذى تسيطر عليه قبائل البدو من الضفة الشرقية. وقد أتاح قانون التوازن هذا للنظام الملكى الهاشمى البقاء 90 عاما، مر فيها بحروب أهلية ومحاولات اغتيال وفوضى إقليمية.

وحول القصر الملكى، يدور الحديث عن الصورة شرق الأوسطية للفلسطينيين، والقيم التقليدية للقبائل البدوية فى الضفة الشرقية.

ويشكو شاب عمانى من أن الناس هنا يسألون دائما عن من «أين» جاء أى شخص. وهو يفكر فى ضرورة أن ينشئ موقعا احتجاجيا على الفيس بوك بعنوان «نريد أن نكون أردنيين».

وحتى الملك عبدالله يبدو أنه يفكر فى أن منتصف الطريق ربما يكون موقعا خطرا، فى هذه اللحظة من الثورة العربية. وقد تحدث عن انتقال الأردن خلال السنوات الثلاث المقبلة إلى نظام ملكى دستورى حقيقى لديه بضعة أحزاب سياسية حقيقة، ورئيس وزراء ينتخبه البرلمان، بدلا من أن يعينه القصر.

ويجسد الملك عبدالله والملكة رانيا فكرة الغرب عما يجب أن يكون عليه القادة العرب، فهما شابان، ذكيان، وجذابان، يتحدثان الإنجليزية بطلاقة. كما يدعوان إلى حقوق المرأة وتوسيع نطاق الاتصال بشبكة الانترنت. وكثيرا ما يحضران المؤتمرات مثل دافوس، فى لقاءات دائمة من أجل جذب الاستثمارات إلى بلدهما الفقير محدود الموارد.

ويثير هذا النجاح الكبير فى عيون الغرب، استغرابا فى الداخل. كما صارت الملكة رانيا محل انتقادات الأردنيين من الضفة الشرقية لأنها تتحدث أكثر من اللازم ومستقلة بصورة زائدة على نحو لا يليق بملكة عربية.

ويتعرض عبدالله أيضا لانتقاد من البعض باعتباره غربيا على نحو زائد. وكان لمزايا الزوجين الملكيين جانبها فبقدر اندماجهما فى العلاقات العالمية، تكون مخاطر انفصالهما عن العلاقات المحلية.

وربما يكون أهم اختبار يواجهه عبدالله هو الشائعات حول الفساد التى تطوف عمان.

فالعاصمة الأردنية مدينة رجال البلاط، والشائعات المنتشرة عن شخصيات بارزة.

وأدت أناقة الملكة ومظهرها الذى يشبه فتاة غلاف إلى زيادة التركيز عليها.

وفى مقابلة، قال اللواء المتقاعد على الحباشنة، وهو من قادة حركة الضباط المتقاعدين، إن ديون الأردن ارتفعت خلال السنوات العشر الماضية من خمسة مليارات دولار إلى نحو 15 مليار دولار، بسبب الصفقات التى أبرمت فى ظل الخصخصة. وقال إن بعض هذه الصفقات، خاصة فى المشروعات العقارية الكبيرة، لم تكن سليمة. وشكا من أن الملكة رانيا تدفع بالمزيد من النساء فى الجهاز الحكومى، بما فى ذلك حتى جهاز المخابرات. وقال «ظهورها الدائم فى وسائل الاعلام المحلية بجعل الناس يعتقدون أنها شريكة فى الحكم»، وهو أمر لا يقبله البدو.

وفى خطاب ألقاه يوم الأحد، حاول عبدالله التطرق إلى الشكاوى المتراكمة، فقال: «لقد أثير العديد من القضايا، بعضها حقيقى، والبعض مبالغ فيه، والبعض الآخر غير صحيح. وهناك حديث عن فساد وواسطة ومحسوبية وفشل» وأوضح أنه كلف لجنة بالتحقيق فى الاتهامات، وهو يفكر فى إضافة هيئة جديدة للإشراف على التحقيقات.

ولا شك أن المملكة الأردنية لها مشاكلها، وباستطاعة الملك عبدالله أن يستغل شعبية والده الملك حسين. فهو يريد أن يتخلص من مشكلاته قبل أن تتفاقم. لكنه يريد أيضا أن يظل فى خط الوسط السياسى، ليحقق التوازن بين الحرس القديم والإصلاحيين الجدد، وهى معضلة صعبة.

التعليقات