أدلسون وترامب.. فتش عن تأثير التمويل - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 27 فبراير 2025 4:26 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

أدلسون وترامب.. فتش عن تأثير التمويل

نشر فى : الأربعاء 26 فبراير 2025 - 8:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 26 فبراير 2025 - 8:20 م

كثيرون يسألون سؤالا بلا إجابة شافية، وهو: لماذا قدم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب اقتراحه الغريب بتهجير الفلسطينيين من أرضهم فى غزة إلى مصر والأردن، ولماذا قد يؤيد قريبا ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل؟!
الإجابة عن هذا السؤال تتعدد وتشمل قوة اللوبى اليهودى الصهيونى فى الولايات المتحدة، والقاعدة الانتخابية المتمثلة فى اليمين الشعبوى والمحافظ والدينى والمتطرف فى أمريكا، ومنها ضعف العالم العربى والإسلامى، ومنها شخصية ترامب المغامرة واعتقاده أنه يمكن حل القضايا الكبرى والمعقدة بقرارات أشبه بالصفقات العقارية.
قد يكون كل ما سبق صحيحا أو يتضمن بعضا من الصحة، لكن وإضافة إلى ذلك، هناك أسباب لا نضعها فى الحسبان..
منها دور شخصيات معينة مثل ميريام أدلسون المليارديرة الأمريكية الإسرائيلية الصهيونية أحد أكبر المتبرعين لحملات ترامب الانتخابية.
فمن هى هذه السيدة التى تملك تأثيرا على رئيس أقوى دولة فى العالم؟
اسمها الأصلى ميريام فاربشتاين، ولدت عام 1945 فى تل أبيب لأبوين من بولندا خلال الانتداب البريطانى على فلسطين.
عائلتها كانت تعمل فى مجال السينما، وخدمت فى الجيش الإسرائيلى، ثم حصلت على بكالوريوس العلوم فى علم الأحياء الدقيقة وعلم الوراثة من الجامعة العبرية فى القدس، ثم شهادة الطب من جامعة تل أبيب، فى مدرسة ساكلر الطبية وتخصصت فى مكافحة المخدرات.
تزوجت من أرييل أوكسهورن وهو طبيب مثلها، وأنجبت منه طفلين هما ياسمين وسيفان، ثم تطلقا عام ١٩٨٠.
وفى عام ١٩٨٦ ذهبت إلى جامعة روكفلر والتقت مع شيلدون أدلسون المستثمر اليهودى المعروف فى الكازينوهات وصالات القمار، وتزوجا عام 1991 وأنجبت منه ولدين هما آدم وماتان، وظلت معه حتى توفى عام ٢٠٢١
وبعد وفاة ادلسون خلفته فى منصب الرئيس التنفيذى لشركة «لاس فيجاس ساندز» حتى وصلت ثروتها إلى ٣٢٫٤ مليار دولار لتحتل المرتبة الـ٤٤ فى قائمة أغنى امرأة فى العالم، وأغنى سيدة فى إسرائيل.
ومنذ عام ١٩٩١ صارت هى وزوجها من كبار المتبرعين للقضايا السياسية وللمرشحين الجمهوريين المحافظين ولكل مؤيدى إسرائيل.
فى عام ٢٠٠٧ فشلت فى شراء صحيفة «معاريف»، وبعدها أسست هى والعائلة صحيفة «إسرائيل هيوم» أو «اسرائيل اليوم»، وهى أكبر صحيفة محلية الآن، ومن أشد المؤيدين لحزب الليكود ورئيسه بنيامين نتنياهو، والصحيفة لعبت دورا فى إبعاد إيهود أولمرت من منصبه كرئيس للوزراء لمصلحة نتنياهو.
على ذمة موقع بوليتكو فإن العائلة تبرعت بـ٩٦ مليون دولار فى انتخابات عام ٢٠١٢ للحزب الجمهورى.
وفى انتخالات 2016 تبرعت بـ 172 مليون دولار لترامب وحزبه وتبرعت بـ90 مليون دولار فى انتخابات 2020 وفى الانتخابات الاخيرة قفز المبلغ الى 150 مليون دولار وكان الشرط الأساسى الموافقة على ضم مرتفعات الجولان ونقل السفارة إلى القدس.
وفى الانتخابات الأخيرة كان التبرع مشروطا بالموافقة على ضم الضفة الغربية.
كما تبرعت مؤسسة أدلسون بـ٢٠٠ مليون دولار لمنظمة «تانملت بيرثرايت إسرائيل» وهى مشروع متخصص فى جلب الشباب لإسرائيل، كما تبرعت بخمسين مليون دولار لمؤسسة «ياد فاشيم» للحفاظ على ذكرى المحرقة وإحيائها باستمرار، ولذلك تم إطلاق اسم والديها على متحف المحرقة وهما منوتشا زاميلسون وسمحا فاربشتاين ويقال إنهما هربا من المحرقة النازية فى بولندا.
العائلة أدركت مبكرأ أن المال هو أكثر أدوات النفوذ فاعلية. وكلما زادت تبرعاتهم تعاظم نفوذهم.
فى عام ٢٠٢٣ اشترت فريق كرة السلة «دالاس مافريكس» لتعزيز مساعيها لجعل القمار نشاطا قانونيا فى تكساس.
هى وصفت عملية «طوفان الأقصى» بأنه نوع آخر من «الهولوكوست»، وحينما تم نقل السفارة إلى القدس نشرت إعلانا على صفحة كاملة فى النيويورك تايمز يصور ترامب وهو يرتدى القلنسوة اليهودية ويضع يده على حائط البراق مع نص يقول: «الرئيس ترامب.. وعد فأوفى».
إذن المسألة باختصار ليست فقط الانحياز الأمريكى التقليدى لإسرائيل وتأثير اللوبى الصهيونى، بل فى الأساس الأموال وتأثيرها، خصوصا مع شخص بتركيبة ترامب الذى لا يؤمن إلا بالصفقات.. ومن الواضح أن إسرائيل وأنصارها ماهرون ومتفوقون تماما فى هذا المجال، فى حين أن العرب ورغم أنهم انفقوا أضعاف أضعاف ما أنفقه اليهود فى أمريكا إلا أن نفوذهم وتأثيرهم لا يكاد يبين!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي