أظن ــ وبعض الظن ليس إثما ــ ان صانع القرار قد وصل إلى قناعة صادقة بأن فكرة توزير رجال الأعمال قد أثبتت فشلا ذريعا، وأنه ينبغى فى الحكومة الجديدة المقبلة أن يتم إصلاح هذا الخطأ، أو على الأقل الحد من تداعياته الكارثية.

ليس معروفا على وجه الدقة من هو المهندس الفعلى أو صاحب اقتراح التوسع فى توزير رجال الأعمال.. هل هو الرئيس حسنى مبارك أم نجله جمال، أم هو رئيس الحكومة د. أحمد نظيف؟

بالطبع الرئيس هو الذى يملك القرار، لكن الأدق أن هناك آخرين هم الذين اقترحوا الفكرة، ورشحوا الأسماء.توزير رجال الأعمال ليس جديدا، لكنه كان يتم على نطاق ضيق، حتى وصلنا إلى وضع لم يعد هناك فارق يذكر بين مال الدولة ومال الوزير، وشهدنا نماذج تنتمى إلى عالم الكوميديا السوداء.. وزير يبيع لنفسه أراضى حكومية، وآخر يؤشر لزوجته وأولاده للتربح استغلالا لموقعه الوظيفى، وقبل انتشار روائح الفساد الكريهة فى الأيام الأخيرة كان هناك بعض السذج وكثير من الفاسدين يروجون لما يزعمون أنها فوائد عادت على مصر واقتصادها من جراء توزير هؤلاء «الفلتات العبقرية».

.. ودائما تجد هؤلاء يستشهدون بالغرب خصوصا بالسيد سيلفيو بيرلسكونى فى إيطاليا، ودائما أيضا ينسى هؤلاء أن الغرب يملك قوانين واضحة ورادعة وفاصلة بين مال الوزير ومال الدولة، ورغم كل هذه القوانين الرادعة فإن بعض هؤلاء فى الغرب يستغلون مناصبهم لخدمة مصالحهم.

لا يمكن لعاقل أن يتهم كل رجال الأعمال الذين تولوا مناصب وزارية بأنهم فاسدون أو استغلوا مناصبهم، بعضهم شريف، ولديه آمال عظيمة بالإصلاح والتقدم، لكن المشكلة باختصار هى أن «المال السايب يعلم السرقة».
الغريب أو المريب أن البعض ــ جهلا أو بسوء نية ــ يحدثك عن التضحيات التى تكبدها هؤلاء والخسائر التى لحقت بأعمالهم من جراء عملهم وزراء، وعندما تسأل هؤلاء عن السبب الذى يدعو هؤلاء الوزراء للاستمرار فى هذه التضحية، يصمتون.

المشكلة فى مصر لا تتعلق بالقوانين، فما أكثرها لدينا، المشكلة هى باختصار وجود شعور لدى كثيرين بأن القانون يطبق على البعض من دون الآخر، أتمنى من الدكتور أحمد نظيف أن يبادر فورا ويطلب من النائب العام أن يحقق فى كل ما يثار ضد رجال الأعمال فى حكومته.

أدرك أن ذلك صعب وربما مستحيل، لكن ما المشكلة أن نحلم.