نظرت محكمة القضاء الإدارى هذا الأسبوع دعوى قضائية رفعها مجموعة من الناشطين الحقوقيين «المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» ضد وزير الصحة مطالبين بإلغاء قراره بإلزام المقبلين على الزواج بإجراء فحص طبى شامل. وضد وزير العدل الذى ضمن لائحة المأذونين شرطا ينص على ضرورة إطلاع المأذون على الشهادات الطبية التى تفيد باجتياز الفحوص الطبية للزوجين.
لا يعترض الناشطون على الاختبارات الطبية للمقبلين على الزواج لكنهم يرفضون إجبارهم على إجرائها، إذ فى إجبارهم إكراها متعمدا يلغى إرادتهم الحرة ويعد انتهاكا لحريتهم الشخصية وحقهم فى تكوين أسرة وما يترتب عليها من إنجاب، يرون أيضا أن هذا تمييز على أساس الحالة الصحية أو الإعاقة والحق فى المساواة وتكافؤ الفرص!
الواقع أن المجتمع المصرى يشهد الآن حالة من المد لحركة الناشطين فى الدفاع عن قضايا عديدة كالحق فى الصحة والحق فى الدواء، العنف ضد المرأة وأولاد الشوارع وكلها بلا شك قضايا عادلة تحتاج لمن يدافع عنها بل هناك أيضا قضايا إنسان أكثر عدلا تنتظر دورها فى أن يتبناها من يقتنع بجدواها.
لكن تلك القضية تحديدا: إلزام المقبلين على الزواج وبناء أسرة وإنجاب أطفال بالفحص الطبى للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية أو أمراض تتوارث. هل تحتاج لمن يدافع عنها أو يطالب بمناقشتها؟ هل هذا يمنع أحدا من الزواج بعد العلاج؟
وإذا ثبت أن هناك مرضا سيورث أليس من الأفضل مناقشة الأمر والتراجع عنه والآتباط بشخص آخر فى زيجة ناجحة تقى الطرفين شقاء أيام كثيرة قادمة.
القضاء الأمريكى فى خمس وعشرين ولاية يحرم زواج الأقارب والباقى يجيزه بشروط قاسية فهل عارض أحد أم أدركوا الحكمة من القانون؟ والقارئ للتاريخ يعلم جيدا أن الفرنسيين حكموا إسبانيا حينما انتهى نسل حكامها الضعيف إلى ملك عليل يعانى من كل العيوب الخلقية نتيجة لتكرار زواج أفراد العائلة المالكة من بعضهم البعض.
الدفاع عن وزيرى الصحة والعدل شرف لا أدعيه. ولكنى فقط أتمنى لو ادخر نبلاء هذا الزمان جهدهم ونشاطهم لقضايا حقيقية يعانى منها الناس من أن توصف حركتهم ـ عفوا ـ بما يراه علم النفس «فرط النشاط».