تعبير يتناقله الناس «فى الحركة.. بركة» غير مدركين أن له من العلم سندا بل هو كنتاج تجارب إنسانية كثيرة بعد نصيحة يلقيها البعض بغرض تشجيع الإنسان على السعى طلبا للرزق بينما الواقع أنه فعل يعود على صحة البدن والنفس بفائدة عظيمة لا تشترى بمال ولا تحققها أدوية، يتجدد الحرص على توجه الإنسان لممارسة بعض من الجهد البدنى المنتظم مع ما طاله من جراء تلك الجائحة التى ألمت بالعالم فألزمته داره وساد شعار فى التباعد حياة فاختفى وراء الكمامة وأصبح يكتفى بالإشارة للتعبير عن نفسه.
رغم أنه حتى الآن لا يزال الأمر لغزا والموجة الخامسة تدق أبواب العالم بعنف معلنة تفوق فيروس لا يرى بالعين المجردة على أعتى أسلحة علم العالم الحديث إلا أن الإنسان بالفعل ما زال يبلى بلاء حسنا فى محاولة سير أغوار ذلك الحدث الجلل الذى أجبر العالم على التوقف عن حركته النشطة لإعادة النظر فى كل مجريات الأمور.
لم يتوقف العلم عن دراسة الفيروس ونشاطاته وتحوراته ومتابعة كل ما يتعلق بطرق العدوى ووسائل الوقاية منها لكنه أيضا اهتم بكل ما يدور حول الظاهرة وتداعياتها.
شاركت أثناء زيارتى الأخيرة لمونتريال فى أعمال ندوة علمية دار الحديث فيها عن أهم العوامل التى تحفز مناعة الإنسان لمقاومة عدوى كوفيد ــ ١٩ فاجتمع الرأى على أن الحركة والجهد البدنى يأتى على رأس القائمة بلا منافس وأن بما يضيفه على صحة الإنسان بصفة عامة من طاقات إيجابية يعد أقوى أثرا وأكثر تأثيرا من الأدوية التى يحرص عليها الإنسان طمعا فى دعم المناعة والفيتامينات والمكملات الغذائية التى يتصور أنها درع يتحصن وراءه من أخطار العدوى.
كان من أهم الدراسات التى نوقشت نتائجها دراسة من جامعة South corolina columba جاء فيها أن من يمارسون الجهد البدنى بصفة منتظمة أقل عرضة للعدوى وأكثر صمودا أمامها بينما الذين لا يهتمون كانوا أكثر عرضة للإصابة بالعدوى وأقل صمودا فى التعرض لتداعياتها الشرسة.
لم يقتصر أثر ممارسة الجهد البدنى على دعم مناعة الإنسان وتعزيز أساليبه المختلفة لمقاومة الفيروس بل تعددت الأمثلة الإيجابية لأثر النشاط الحركى على صحة الإنسان البدنية والذهنية.
للنشاط البدنى أثر ملموس على صحة الإنسان النفسية والذهنية، المواظبة على أداء التمارين الرياضية المختلفة يعد دعما قويا لتحسين الحالة المزاجية للإنسان وقد يفوق أثر الأدوية فى علاج حالات المشاعر الاكتئابية والقلق واضطرابات النوم.
ممارسة النشاط البدنى بانتظام يعد حجر الزاوية فى علاج حالات الضغوط النفسية والعصبية إذ إنه يضفى إحساسا قويا لأن حالة الإنسان الذهنية بالفعل تتحكم فى نشاطاته البدنية ولا عجب فى أن الذين يمارسون الرياضة وهم تحت ضغوط نفسية وعصبية قد يتمتعون بأرقام عادية لضغط الدم.
النشاط البدنى يضفى إحساسا بالصلابة النفسية يمكن الإنسان من الجرأة على اتخاذ القرارات التى معها قد تحل المشاكل أو توفر الاحتمال للحلول.. من يمارس الرياضة هو أقدر من غيره على احتمال الضغوط وعدم الانصياع للمشاعر السلبية.
الإنسان النشط يبدو أكثر مقاومة للمشاعر الاكتئابية وأكثر قدرة على الانخراط فى المجتمعات ومشاركة الآخرين حركتهم النشطة.
النشاط البدنى يؤدى لإفراز «الإندروفين» أو هورمونات السعادة كما يطلق عليها.
النشاط البدنى قد يسفر عن تجدد خلايا المخ الأمر الذى بلا شك له أعظم الأثر فى مقاومة فقدان الذاكرة خاصة مع التقدم فى العمر.
ألوان النشاط الحقيقية مثل المداومة على الشىء أو الهرولة لها تأثير قرص مهدئ للقلق فأيهما تفضل.
اختيار نوع النشاط البدنى هو حجر الزاوية فى تحقيق الغرض الأساسى منه هل تمارس الرياضة لتحقق استفادة محددة أم أنك تمارسها للحصول على التوازن المطلوب لصحة الجسد والنفس والذى يمكنك من مقاومة الأمراض ويعزز مناعتك فى مواجهتها.
زيارة طبيبك قبل البدء فى برنامجك الرياضى ثم إشراك مدرب محترف فى إعداد خطة تضمن أن تحقق منها ما تصبو إليه ترشدك إلى ما يجب أن تقبل عليه أو ما يلزمك اجتنابه لنستمر بعدها بنفسك حتى تصبح الحركة جزءا من برنامج حياتك اليومى تحرص عليها تماما كما تحرص على طعامك أو بقية واجباتك الحياتية.
تلك نصيحة أظنها تجدى صدى فى نفوسنا جميعا.
والله المستعان