شهدت مدن عدة فى جميع أنحاء الولايات المتحدة مظاهرات احتشد فيها آلاف المؤيدين والمؤيدات للشعب الفلسطينى للتعبير عن دعمهم كفاحه، ولإعلان رفضهم العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ومطالبتهم بوقفه.
وعلى الرغم من تنظيم بعض أنصار إسرائيل مظاهرات مؤيدة لها فى عدة مدن أمريكية فإن التركيز السياسى والإعلامى انصب على المظاهرات المؤيدة للشعب الفلسطينى نظرا لضخامة أعداد المشاركين والمشاركات فيها، إضافة إلى ما تعكسه من تغيرات مجتمعية مهمة فى طريقة تفاعل الشارع الأمريكى والرأى العام بصفة عامة مع الصراع العربى الإسرائيلى.
ويعتبر عدد من المعلقين والمعلقات ما يجرى بمثابة انتصار فلسطينى فى معركة «الرأى العام الأمريكى»، والتى كانت خارج حسابات الطرفين قبل ذلك بسبب السيطرة الإسرائيلية والنفوذ اليهودى الطاغى على قضية صراع الشرق الأوسط فى الدوائر الشعبية والرسمية الأمريكية.
ودفع انتشار مشاهد العدوان الإسرائيلى وسهولة عرض صور القتل والدمار داخل قطاع غزة على وسائل التواصل الاجتماعى إلى بدء تغيير ــ وإن كان بطيئا ــ فى صورة إسرائيل التى ينظر لها على أنها أقوى حليف لواشنطن، وخلال العدوان الإسرائيلى الحالى ساهمت عدة عوامل بصورة كبيرة فى تحقيق الجانب الفلسطينى انتصارا فى معركة الرأى العام الأمريكى.
***
شهدت الأيام الأخيرة بروز اسم وتأثير الأختين الأمريكيتين من ذوات الأصول الفلسطينية وهما بيلا وجيجى حديد. وشاركت عارضتا الأزياء بقوة فى معركة وسائل التواصل الاجتماعى، خاصة منصة إنستجرام، وتعد الشقيقتان من أكثر العارضات شهرة حول العالم وفى الولايات المتحدة، وظهرتا على أغلفة أهم المجلات المتخصصة مثل مجلة «فوج» عشرات المرات، ويتابع حساب بيلا 42.6 مليون شخص فى تطبيق إنستجرام، فى حين يتابع جيجى 66.5 مليون شخص فى نفس التطبيق، إضافة إلى ملايين آخرين من المتابعين والمتابعات لهما فى فيسبوك وتويتر.
أدانت الشقيقتان العدوان الإسرائيلى بقوة، وأعادتا نشر الكثير من الصور والفيديوهات التى توثق العدوان الإسرائيلى والمعاناة الفلسطينية.
وكتبت جيجى «لا يمكن للمرء أن يدافع عن المساواة العرقية والحقوق المدنية للجميع، ويدين الأنظمة المنتهكة لحقوق الإنسان والمسيئة وغيرها من المظالم، ومع ذلك يختار تجاهل القمع الذى يتعرض له الفلسطينى».
ووضعت بيلا صورتها أثناء مشاركتها فى مظاهرة كبيرة بحى بروكلين فى مدينة نيويورك يوم السبت الماضى، وظهرت وهى ترتدى ملابس بألوان علم فلسطين، وقالت فيها «من الجميل أن يشعر قلبى بكل الحب، إذ نكون حول هذا العدد الكبير من الفلسطينيين الجميلين والذكيين والمحترمين والمحبين والطيبين والسخيين فى مكان واحد.. نحن سلالة نادرة»، «وقالت «فلسطين حرة.. فلسطين حرة».
كما أعادت نشر الكثير من الفيديوهات والصور التى توثق معاناة الشعب الفلسطينى تحت الاحتلال الإسرائيلى.
***
ودفع ما سبق لأن تستهدف جماعات اللوبى المؤيد لإسرائيل الأختين، إضافة لسيدة ثالثة هى المطربة الشهيرة دوا ليبا، والتى تصادق الشاب أنور أخ العارضتين، بيلا وجيجى.
ودفعت منظمة «شبكة القيم العالمية» ما يقرب من ربع مليون دولار لنشر إعلان على صفحة كاملة فى صحيفة نيويورك تايمز، وهاجمت فيه السيدات الثلاث اللاتى اعتبرهم الملايين حول العالم من أشد مناصرى الشعب الفلسطينى خلال العدوان الإسرائيلى الأخير على قطاع غزة.
فى حين تُعد دوا ليبا أشهر مغنية معاصرة، وفازت بعشرات الجوائز العالمية، ويتابعها أكثر من 66 مليون شخص على تطبيق إنستجرام، وأكثر من 8 ملايين آخرين فى تطبيق تويتر، واختارتها مجلة تايم (Time) ضمن أكثر النساء نفوذا وتأثيرا فى العالم العام الماضى.
وأطلق رئيس منظمة شبكة القيم العالمية الحاخام شمولى بوتيش حملة على ليبا وعارضتى الأزياء بيلا وجيجى كونهن «مؤثرات من العيار الثقيل»، ويدعى الحاخام أنهن «اتهمن إسرائيل بالتطهير العرقى»، و«شوهن سمعة الدولة اليهودية».
معاداة السامية
وجاء فى وسط الإعلان أن «تظاهر بيلا وجيجى ودوا يلعن الصهاينة وإسرائيل، وليس اليهود»، وصرح الحاخام بوتيش بأن المشاهير الثلاثة يعادين السامية، فضلا عن دعوتهن إلى هولوكوست ثانية ضد اليهود، وعلى الجميع إدانة أفعالهن بقوة.
وذكر الإعلان أن «بيلا حديد تتهم إسرائيل بالتطهير العرقى، وأن جيجى حديد ودوا ليبا يدليان أيضا بأشد الادعاءات بشاعة وزيفا حول الدولة اليهودية، ويشوهان صورة إسرائيل، ومن هنا كان علينا ضرورة الرد».
وتدعى منظمة شبكة القيم العالمية الدفاع عن إسرائيل ضد التشهير، ومواجهة ما ينشره المشاهير مما تصفه بالأكاذيب عن اليهود، وتذكر المنظمة أن الدفاع عن إسرائيل فى وسائل الإعلام الآن أصبح أكثر أهمية من أى وقت مضى.
جدير بالذكر أنه ومع بدء العدوان الإسرائيلى الأخير، لجأ العديد من المشاهير حول العالم إلى وسائل التواصل الاجتماعى لنشر رسائل مؤيدة للشعب الفلسطينى، بما فى ذلك جيجى وبيلا حديد ودوا ليبا، من هنا وأصبحت هذه الشخصيات أهدافا للمنظمات الأمريكية المؤيدة لإسرائيل.
***
لم يكن العدوان الأخير على غزة أول مناسبة تظهر اعتداد وفخر بيلا وجيجى حديد بأصولهما الفلسطينية.
ففى العام الماضى تقدم موقع إنستجرام باعتذار لبيلا حديد بعد شكوى تقدمت بها أثارت ردود فعل واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعى.
بدأت القصة عندما عرضت بيلا عبر صفحتها الرسمية على إنستجرام صورة لجواز سفر أمريكى قديم خاص بوالدها الملياردير محمد حديد، ومكتوب فى خانة محل الميلاد «فلسطين».
لكن بيلا فوجئت بحذف موقع إنستجرام للصورة، مبررا ذلك بأنها «تخرق قواعد استخدام الموقع».
وقد انتقدت بيلا إزالة منشورها، واعتبرت أن فى ذلك «تنمرا» عليها، ووجهت سؤالا إلى إنستجرام «فى أى جزء بالضبط من كونى فخورة بوالدى ومسقط رأسه فلسطين تعدونه مضايقة؟».
وعلقت بأنها فخورة بكونها فلسطينية، وأنه «ينبغى على الجميع نشر صور لأماكن ولادة آبائهم وأمهاتهم وتذكيرهم بأنكم تفخرون بأصولكم».
وقد أعادت بيلا نشر الصورة على إنستجرام مصحوبة بتعليق فلسطين «محل ميلاد والدى. لا يمكنكم مسح التاريخ».