●● كل عاقل يقول: لا إقصاء لقوات الأمن ولا إسقاط لها، ولا يمكن إقصاء الجيش فهذا خطر، لكن من أسف أن الأخطاء التى وقعت كثيرة وجسيمة، وكلما تقدمت ثورة مصر خطوة، يقع حادث أو يتخذ قرارا يعود بها إلى الخلف در.. بدءا من فض اعتصام بسيط وسابق مستمر بالقوة فى محاولة للإيعاز بهيبة الدولة، ثم فض اعتصام أكبر بقوة مفرطة ظنا بأن العصا مازالت تسوق فإذا بها قد أتت باعتصام أوسع وأعرض.. لتكبر وتسرع كرة النار الهابطة من فوق التل حتى تكاد أن تلمس..الهشيم..؟
●● بعيدا عن التحريض، والقتال بالكلام والخطاب حتى آخر شاب يسقط فى ميدان التحرير.. مصلحة الجميع أهم من مصلحة جماعة، ولأننا فى سياق صراع جوهره العميق سياسى مهما تنوعت أثوابه التى يتخفى بها، فإن مصلحة الجميع لم يتفق عليها، لأنه لا اعتراف بأنه يوجد جميع، حتى لو كانت نسبته 51%.. فالديمقراطية مازالت فى حياتنا مجرد فكرة، أو غنوة، أو لافتة، وكل صاحب رأى، يظن أن هذا الرأى يجب أن يكون قرارا، لأنه صاحب الثورة.. ومادامت كل جماعة ترى أنها قادرة على الفوز بما تريد بوسائل الضغط، فسوف يستمر الصراع.. وشاء هذا المجتمع أم أبى، هناك قوى متصارعة متعددة، كل منها يملك الآن وسيلة ضغط واحدة وهى الحشد والاعتصام..
●● من هؤلاء الذين يرون أنهم أصحاب الثورة..؟
●● الإجابة من واقع الشارع السياسى وكما أظن أنها تجسد صورة هذا الشارع:
الشباب الذى يسكن الآن ميدان التحرير، الذى أشعل الثورة وسدد الفاتورة من الدم والشهداء بشجاعة، ويسابق الزمن ويسابق أجيالا تسبقه فى العمر، وتلك الأجيال تختلط فيها سنوات الخبرة والحكمة بالبطء الشديد لدرجة عدم الحركة أحيانا.
الإخوان المسلمون والتيار الدينى، وهم يرون أنهم شركاء فى الثورة، وكانوا بجوار الشباب فى الميدان، كما أن حقهم فى الثورة مستمد من تاريخ طويل للرفض والمقاومة ضد الاستبداد وكانوا هم أكثر تيار دفع الثمن على مدى تلك السنوات الطويلة..
النخبة المثقفة التى ترى أنها تحتكر التفكير والقيادة، وقد شغلت نفسها، وشغلت الرأى العام بأولويات ليس لها ضرورة فى الظرف والوقت الراهن، حين كان الوقت والظرف يسمحان بخطوات تزيد من سرعة الحركة نحو الحياة الديمقراطية.. وقد أهدرت تلك النخبة الكثير من الوقت والخطوات..
●● كنت تحدثت عن النخبة التى تخاطب نفسها كان ذلك قبل وقفة العباسية ورأس التين مما يرسخ فكرة الانقسام، وقبل أن يتحدث مصريون فى فضائيات وبرامج عن حبهم لوطنهم وحقهم فى ممارسة الوطنية بطريقتهم.. وأيضا قبل استطلاعات الرأى التى انتشرت إعلاميا وفضائيا حول د. كمال الجنزورى، مما زاد من الاحتقان والتعصب، فقد أصبح اختياره فى حد ذاته جزءا من الصراع السياسى الدائر، الظاهر منه وما بطن.