ماذا يحدث إذا اختلط الرئيس بالناس؟.. الرئيس المقصود ليس شخصا بعينه، لكنه أى رئيس فى أى دولة، فى أى زمان وأى مكان.
عرفنا جزءا من إجابة السؤال فى الأسبوع الماضى عندما شاهدنا الرئيس الأمريكى باراك أوباما ومعه زوجته ميشيل وابنتاه ساشا وماليا يقفون فى طابور بأحد مطاعم الوجبات السريعة فى جزيرة مارثاز فينيارد بالساحل الشرقى للولايات المتحدة، كى يحصلوا على وجبة طعام.
بعد اختلاط أوباما بالناس ووقوفه فى الطابور لم نسمع أنه أصيب بمكروه أو مرض معد جراء اختلاطه بالعامة والأوباش والدهماء من الشعب، كما لم يتعرض للمضايقة، بل إن ما حدث هو أن أوباما صافح كل من كان موجودا، بعد أن اكتشفوا أنه الرئيس الأمريكى.
صورة أوباما وأسرته وهم يقفون فى الطابور والتى نشرتها «الشروق» فى عدد أمس الجمعة على صفحتها الأولى، موحية بكثير من الدلالات، يمكنك أن تكتب عنها ملايين الكلمات وتستنبط منها آلاف المعانى، ثم تشعر فى النهاية بمرارة وتحسد الأمريكيين على رئيسهم.
نحن جميعا أبناء العالم الثالث نعيش فى منطقة يحاط فيها كبار المسئولين بأسوار عالية وجدران عازلة يستحيل اختراقها، لا يلتقون بالمواطنين وجها لوجه، لا يصافحونهم إلا بعد فرزهم جيدا، ويحدث فى بعض المرات جلب بعض «الكومبارس» لكى يؤدوا مهمة العاملين فى الشركات أو الطلاب فى الجامعات، وإذا حضروا لقاء مفتوحا فهناك الزجاج العازل غير المرئى، أما السيارات المفتوحة فى الشوارع فقد صارت تراثا يصعب استرجاعه.
بالطبع لسنا خياليين لندعو كل الرؤساء أن يأكلوا الطعام ويمشوا فى الأسواق مثل كل المواطنين، نعلم أن الرؤساء وكبار المسئولين ينبغى حمايتهم.. وأن هناك احتياطات أمنية ينبغى مراعاتها مع أى رئيس دولة، لأن غريبى الأطوار موجودون فى كل لحظة.
وطبقا للقاعدة السابقة فإنه ينبغى أن يخضع أوباما لأشد الإجراءات الأمنية، فهو رئىس أقوى دولة تأثيرا فى العالم، ثم إن هناك تقارير وتوقعات كثيرة بأن حياته مستهدفة من قوى داخلية وخارجية كثيرة، ورغم ذلك نراه يعيش حياته كمواطن عادى.. يجلس مع زوجته وفى الحدائق العامة، ويدعوها إلى المسارح ودور السينما، يشترى الآيس كريم لأولاده، وأخيرا يقف فى طابور كى يشترى وجبة جاهزة.
القضية ليست شكلية والسطور السابقة ليست دعوة للآخرين كى يفعلوا مثلما فعل أوباما.. نحن لا ندعوهم للوقوف فى طوابير المطاعم والمسارح، نحن نتمنى فقط أن يعيشوا مثل البشر الطبيعيين.