كيف تصبح مليونيرًا؟ دليل الخيبان للفوز بالجوائز الحِسان - عماد عبداللطيف - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 4:17 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف تصبح مليونيرًا؟ دليل الخيبان للفوز بالجوائز الحِسان

نشر فى : الأحد 28 أكتوبر 2018 - 11:50 م | آخر تحديث : الأحد 28 أكتوبر 2018 - 11:50 م

هل أنت ضعيف الموهبة، محدود الإمكانات؟ هل يخلو عملك من الأصالة، والجدية، والإبداع؟ هل أنت متأكد أنك لا تضيف شيئًا يُذكر إلى ما قدمه الآخرون، وتعيش على ما قدموه؟ إذا كانت إجابتك على الأسئلة السابقة هى (نعم)، فإننى أكتب إليك معظم هذا المقال؛ لأقول لك: أبشر، فجوائز المليون تقف على عتبة بابك، وتنتظر القفز إلى أحضانك. أما إن كانت إجابتك هى (لا) – لا قدر الله ــ فهذا المقال غير موجّه لك، ورجاء انتقل مباشرة إلى الفقرة الأخيرة.
زمننا زمن الجوائز بلا نزاع. فسواء أكنتَ أديبًا، أم مطربًا، عالمًا، أم عالمة، رياضيًا أم إعلاميًا، ستجد جوائز تخص مجال عملك فى كل مكان. منها قليلة المال والمكانة، ومنها كثيرة المال، عالية المكانة، وما بين بين. منها الفردى، والمؤسسى، والمحلى، والإقليمى، والعالمى، وعلى كل شكل ولون.
فى العالم العربى العامر، الجوائز كالبيوت، من يمتلك مفاتيح أبوابها، يغنم متاعها. قلة من هذه الجوائز، تفتح باب الجدارة، والإبداع، والأصالة، فمن عمل، استحق، ومن زرع حصد. أما أكثرها فيغلق باب الجدارة؛ ليستبعد من يستحقون، ويفتح الأبواب السرية، لمن لا يستحقون. وبعد تدقيق فى كثير من الجوائز، ومانحيها، وممنوحيها، تعرفتُ على أهم الأبواب السرية، ويسعدنى أن أقدم لأعزائى متوسطى الكفاءة، وصفًا دقيقًا لهذه الأبواب، ونسخًا من مفاتيحها. أملا فى تسهيل الطريق أمام عبارة: مبروك أخذت الجائزة. وأبدأ مع أوسع الأبواب:
***
باب شيلنى وأشيلك
يُسمى هذا الباب أحيانًا «باب منا وعلينا»، ومفتاحه أن تكون لك شلة قوية، تدافع عن أفرادها، ويدافعون عنك. تمدحهم، وتذم منافسيهم بغض النظر عن رأيك الحقيقى فيهم. قد يكون الخيط الجامع للشلة هو المصلحة المشتركة فقط، أو المصلحة مصحوبة بعنصر مشترك آخر؛ مثل الانتماء الفكرى (الدينى أو اليمينى، أو اليساري)، وغيره من الأمور التى تجعل من الممكن التمييز بين (نحن)، و(هم). ويضطر المرء أن يفتح فمه اندهاشًا لزمن طويل، إذا نظر فى قوائم الفائزين بالجوائز (الكبرى خاصة)، فى ضوء علاقات الشلة، والمصالح.

باب أهل الثقة
ويسمّى أحيانًا باب أهل الولاء، وهو مفتوح على مصراعيه أمام ضعاف الموهبة والكفاءة، ممن يقدمون خدمات «خاصة» للمؤسسة التى تمنح الجائزة، أو للنظام الذى يتحكم فى المؤسسة التى تمنح الجائزة. وقد تكون بعض هذه الخدمات «سرية»، وخادشة للمروءة، وعلى قدر «الخدش» تكون قيمة الجائزة! وأهل الثقة والولاء هم، دومًا، الأعلى كعبًا فى الفوز بالجوائز على الرغم من كونهم، دومًا أيضًا، الأقل جدارة واستحقاقًا. فهم يُدركون منذ بداية تحليقهم أن معركة الاختيار بين الكفاءة والولاء، محسومة دومًا لصالحهم.

باب ابن بلدى أولى.. رغم أنه لا يستحق
ويفتح هذا الباب السحرى جوائز عربية كبرى على مصراعيها أمام من لا يستحقون. وبفضل اطلاع محدود على كواليس بعض الجوائز، أقول إن هذا الباب هو الأكثر خطورة على الجوائز الإقليمية فى الوقت الراهن. وقد عرفتُ على مدار السنوات القليلة الماضية ظروف منح جوائز عربية قيمتها الملايين لأعمال تكاد تكون بلا قيمة تُذكر؛ لأن لجنة الجائزة يغلب عليها الانحياز لأبناء بلد معين على حساب مبدعى البلدان الأخرى. كما اطلعتُ على كتب ليست إلا سلسلة من النقول المتواصلة، والاقتباسات المتوالية، لا تتضمن فكرة أصيلة واحدة، ولا تكاد تضيف للمعرفة شيئًا يُذكر، ومع ذلك حصلت على جوائز كبرى؛ لأن من بين أعضاء اللجنة من يرى أن أهل وطنه أولى بالجائزة، ويستميت فى رفض الكتب الأحق والأجدر بالفوز؛ لأن مؤلفيها من بلدان أخرى. والنتيجة هى وجود أعمال شديدة الأهمية، استغرق تأليفها أعوام طويلة من العمل، والمعاناة، ومع ذلك، لم تُدرج فى قائمة طويلة ولا قصيرة، ناهيك عن الفوز بجائزة؛ لأسباب تبدو عصية على الفهم، ما لم نضع فى الحسبان، باب الفساد الكبير، الذى يحمل لافتة «ابن بلدى أولى... وإن كان عمله رديئًا».

باب المادحين
الجوائز جزرة إخضاع وهيمنة. وتكاد تكون فى كثير من الأحيان البديل الشيك لذهب المعز، وسيفه. ففى الماضى، كان العلماء، والشعراء، والفنانون، يدخلون بيوت الحكام، فيحشون فمهم بالذهب، فلا ينطقون إلا ما يُرضى سادتهم، ولا يتصرفون إلا بما يخدم مصالح من يعطيهم أكثر. وقد حلتْ بعض الجوائز محل الوقوف بين أيدى الحكام، فأصبحتْ مكافأة للمادحين، والشاكرين لأنعم من يمنحونها.

باب من لا يعرف لمن لا يستحق
نادرًا ما يكون هناك تفسير معلن لمنح الجوائز فى العالم العربي؛ فبعض الجوائز لا تُعلن أصلا مبررات الفوز بها، وبعضها يقدم مبررات عامة، لا تفسر منح الجائزة لشخص دون آخر. وكثيرًا ما يكون أعضاء لجان التحكيم غير متخصصين فى المجال الدقيق للأعمال المرشحة للجوائز، فيمنحون الجائزة استنادًا إلى معايير غير دقيقة، ويفتحون باب فساد آخر للجوائز، هو باب من لا يعرف لمن لا يستحق.
***
والآن، عزيزى الفائز المستقبلى، بعد أن عرفت طريقك المفروش بالحرير، مبروك عليك جائزة المليون. ودعنى الآن أخاطب المبدعين المجتهدين.
عزيزى المبدع، والعالم، والفنان الأصيل، المشتغل آناء الليل، وأطراف النهار، الحالم بعالم أفضل للإنسانية جمعاء، المترفع عن النفاق، والمتنزه عن المكائد والحيل، أيها المشغول بعمله، الشغوف بإبداعه، النزيه خلقًا وقيمة؛ أعلم أنه لا يعنيك إلا رفعة القيم، والعلم، والفن، والإبداع. قد يؤذيك أن يُعطى منْ لا يعرف جائزة لمن لا يستحق، أو أن يمنح فاسد كبير جائزة كبرى لفاسد آخر أكبر، ويُؤلمك أن ترى علماء ومبدعين قضوا جُل حياتهم معتكفين على أعمال لم تحصل من التقدير على عُشر ما تستحق، فى حين تحصل أعمال رديئة على آلاف أضعاف ما تستحق. لكن دعنى أهمس فى أذنك بجملة واحدة: الزم باب الاجتهاد، وافرحْ حين يُفتح لمن يستحق، واستغن برضا ضميرك عمّا سواه!

عماد عبداللطيف أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب
التعليقات