سيبونى أغنى - محمود قاسم - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 11:58 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سيبونى أغنى

نشر فى : الجمعة 29 يناير 2021 - 9:05 م | آخر تحديث : الجمعة 29 يناير 2021 - 9:05 م

يعرف المخرجون خلال مسيراتهم أن عوامل نجاح كل منهم تتوقف عند حدد التعامل مع نجمة بعينها يكون حريصا على التعاون معها من فيلم إلى آخر، وقد حدث هذا بقوة مع المخرج حسين فوزى الذى حصر نفسه فى المقام الأولى مع زوجته نعيمة عاكف التى كان فارق السن بينه وبين كل منهما كبيرا بشكل ملحوظ، وفيما قبل ظهور نعيمة فى حياة المخرج ارتبط بشكل مكثف بالمطربة الصغيرة صباح، وكان أول من أسرع للتعامل معها عقب اكتشاف بركات له، وفى النصف الثانى من الأربعينيات اخرج لها سبعة أفلام، حتى ظهرت النجمة البديلة نعيمة، فاتجه إليها تماما، ومن هذه الأفلام: «اكسبريس الحب» و«بوأنا ستوتة» و«صباح الخير» و«بلبل أفندى» وأيضا فيلم «اليوم».
خلاصة هذا الفيلم جاءت فى العبارة الأخيرة من الفيلم حين يردد سعد عبدالوهاب لوالد الفتاة التى يحبها أنها سوف تتوقف عن كل ما تفعله، ويقصد به الغناء، لأنه باختصار سوف يتزوجها، هذا الفيلم بطولة صباح وسعد عبدالوهاب وإخراج حسين فوزى، بما يعنى أن النزوة التى أصابت الفتاة سوف تنتهى إلى الأبد وأن المرأة مسارها إلى البيت، فى نفس الفترة وفى نهاية فيلم «الافوكاتو مديحة»، فإن ابن العم الفلاح الميسور الذى لم ينل أى حظ من التعليم، اقنع ابنة عمه على إغلاق مكتب المحاماة فى الفيلم الذى أخرجه يوسف وهبي، باعتبار أنها ستكون زوجته، بما يعنى أن المحاماة نوع من الرفض، وفى فيلم بنت الأكابر إخراج أنور وجدي، فإن الزوج الذى هجر امرأته لأنها صارت مطربة عاد إليها مرة أخرى بعد أن قررت اعتزال الشهرة والفن، بالطبع حدث هذا فى بداية الخمسينيات، وقبل أن ينتهى العقد كانت لدينا نساء فى الأدب والسينما تفخرن بما وصلن إليه، تردد أحداهن أنا حرة، والثانية أقف ضد الجنى فى «الطريق المسدود».
إنها عادات المجتمع، لا تزال راسخة فى أذهان الملايين، ليس فقط بالنسبة لعمل المرأة فى الفنون ولكن عملها بشكل عام.. وكما نرى فإن عنوان الفيلم يبدو كأنه على لسان الرجل، لكن بمشاهدته حدد كأن الفتاة التى تجسدها صباح هى التى تنطق بها. إن الفيلم من إخراج حسين فوزى الذى اكتشف نعيمة عاكف وعملت دوما معه فى أفلام تدعو إلى تعليم المرأة، فنحن أمام فتاتين تأتيان إلى مصر للتعلم وتتبادلان الهواية والدراسة فيما بينهما وعملهما بالفن، كما أنه تزوج من ليلى مراد ومنحها البطولة أيضا فى بدايات حياتها، لقد انقلب المجتمع تماما ربما بسبب التغييرات الاجتماعية التى صاحبة ثورة يوليو.
نحن أمام فتاتين قادمتين من لبنان إلى مصر للدراسة، كل منهما ترغمه الأسرة على دراسة مالا تريد الأولى، توتة التى تود أسرتها تعليمها العلوم والفلسفة، والثانية تود الأسرة أن تعلمها الفنون، ويتم التزوير فى المهن التعليمية، وتدرس توتة الفنون، وهند الفلسفة، ومن هنا تأتى التناقضات، والتداخل فى المواقف، حيث تلتحقان ببيت الطالبات، كل منهما تحمل اسم الأخرى، يطاردهما شابان يقعان فى الغرام معهما، أحدهما حسنى الذى يجسده سعد عبدالوهاب.
أفلام حسين فوزى مع صباح تختلف فى إطارها العام، ففى حال وجود نعيمة عاكف فإن الاستعراض الغنائى هو السمة الواضحة، أما صباح فإنها تكتفى بالغناء، وقد تمتعت كل واحدة منهما بخفة ظل واضحة وحضور، لكن الزواج جعل المخرج يكرر اعتماله التالية لزوجته، وغيرت صباح الاتجاه مع مخرجين آخرين منهم حلمى رفلة وبركات، ولذا فإن الفيلم «سيبونى أغني» يضم أيضا المطرب الجذاب الذى اكتشفه حسين فوزى سعد عبدالوهاب، وجسد اسماعيل يس، والياس مؤدب الوجه الفكاهى، ولذا فإننى أمام فيلم غنائى يغنى فيه الجميع ابتداء بصباح، والرجال الذين غنوا معها للحلاقين، واستعراض غنائى يجمل كل سمات المخرج.. وفى الحقيقة فإن المزيج الذى صنعه المخرج هنا كان اقل توهجا من فيلم «العيش والملح» بين نعيمة وسعد، وتألق لم يحدث قط بعد ذلك، وبدا الفيلم كأنه مجموعة من الأغنيات العادية والدويتو، دون جاذبية بموضوع، والغريب أن الحكاية قد رأيناها بشكلها الخارجى بدون تبرير فى فيلم لمحمد خان بعد أكثر من نصف القرن، فالفتاتان تحمل كل منهما اسم الأخرى، ويقع فى غرامها شبان، لا تبدو حالات التبديل هنا مبررة بالمرة.

التعليقات