بهذه الطريقة، وبهؤلاء الرجال.. حتما سيأكلنا الوباء..
عندما ظهرت إنفلونزا الطيور كانت فى بلاد بعيدة عنا.. بلاد تفصلنا عنها بحور وجبال وصحارى ولكنها وصلت إلينا كما وصلت إلى بلاد أخرى أبعد.. ولم تفرق بين بلد غنى وبلد فقير.. وأعلنت الدنيا كلها الحرب على هذا الوباء.. حرب جادة لا هوادة فيها ولا رحمة..
وكانت النتيجة أن تراجعت خطورة الوباء فى أغلب البلاد، وتمت محاصرته فى بلاد أخرى وتم القضاء عليه فى عدد آخر ولكن حالة الطوارئ مازالت مرفوعة لديهم والحرب مازالت معلنة..
أما عندنا فى مصر وفى ظل تراث عقيم راسخ فى العقول هو التواكل بالإضافة إلى آفة الإدارة المصرية التى تسخن للدرجة التى ينصهر فيها الحديد ولكن لمدة قصيرة ومحدودة.. وتبرد للدرجة التى يتجمد فيها الماء ويصبح جليدا ولكن لمدة طويلة وغير محدودة.. وهذه الآفة تلازمنا من قديم الزمان ومن لا يصدقنى يتأمل حال المشكلة المزمنة والتى تخنق عاصمة كبيرة وتشل حركتها هى مدينة القاهرة..
قالوا إن قانون المرور هو الحل.. وجاء القانون ولم يأت بأى حل.. وذلك لأن حالة من الانبطاح أصابت السادة القائمين على تنفيذ القانون.. جميعهم انبطحوا وعجزوا عن التنفيذ.. وبقى الحال كما هو عليه.. سخنوا لمدة ثلاثة أيام.. ثم دخلوا الثلاجة وتجمدوا حتى الآن.. وكأنما وجدوا أن عدم تنفيذ القانون أفضل بالنسبة لهم.. وأيضا رجال مكافحة وباء إنفلونزا الطيور.. أيضا.. سخنوا قليلا من الوقت.. ثم دخلوا فى مرحلة البرودة الشديدة رويدا رويدا.. ثم انبطحوا كما هى العادة ورأى كبار المنبطحين منهم أن هذا الوباء لا يحتاج إلى مقاومة جادة وشرسة وإنما يكفيه السيد شعبان عبدالرحيم والسيدة انتصار، الأول يقول إيه.. إيه..!! والثانية تقول «حطى الفرخة على النار واغليها وكلى بالهنا والشفا».. وخلاص مفيش إنفلونزا..
تفكير منبطح لعقول رقد أصحابها على بطونهم، وكانت النتيجة أن مصر هى الأولى فى معدل الإصابة بهذا المرض الوبائى وعندنا أعلى نسبة وفيات بسببه، وأخبار هذه الخيبة هى التى تتصدر أجهزة الإعلام فى الدنيا كلها.. وهناك من يهمس بأن مصر مهددة بفرض الحظر الصحى عليها.. وأى منبطح غافل يدرك معنى الحظر الصحى على مصر.. أضرار لا حصر لها فى كل المجالات.. ونحن نرى فى السيد شعبان والست انتصار القوة الفتاكة التى ستقضى على الوباء فى بر مصر.. حتى التوعية فشلنا فيها.. لأن المنبطحين الذين بيدهم الأمر يرون أن الشعب المصرى على طريقة شعبان وانتصار.
أما الوباء القادم.. الوباء الأسود سواد دخان جهنم.. إنفلونزا الخنازير التى تعصف بدولة من العالم الثالث مثلنا هى المكسيك وطارت منها إلى الدولة التى لا تقهر أمريكا والتى أعلنت صراحة أن إنفلونزا الخنازير لا يمكن السيطرة عليها فما هو الوضع بالنسبة لنا والخنازير تعيش بيننا.. وفى قلب الكثافة السكانية.. وفى أغلب المدن الكبرى بأنحاء الجمهورية.. سنوات طويلة والسادة المنبطحون رغم أنهم تغيروا وتبدلوا لم نر أى واحد منهم يقف على قدميه مرة واحدة ويستخدم صلاحياته أو سلطاته ويأمر بإزالة حظائر الخنازير وكافة بؤر القذارة والتلوث ونشر الأمراض.. وحتى هذه اللحظة الحظائر فى مكانها.. وسوف تنتشر الإنفلونزا القاتلة والتى لا يمكن السيطرة عليها وهؤلاء الراقدون خلف المكتب سوف يتجهون إلى الإعلام فيصدعون رءوسنا بتصريحات وأكاذيب ويتنصلون من المسئولية وينتهى الأمر بإعلانات تحظى بها شركة إعلانات من متعهدى إعلانات الحكومة الثرية السخية التى تجمع ضرائبها بالإعلانات وتروج لنفسها وتبيض وجهها باستطلاعات رأى هى التى تقوم بها وهلى التى تعلنها.. رأينا شعبان وانتصار ومعهما الفرخة وهى تسقط فى الحلة فمن صاحب إعلان الخنازير يا ترى...؟!
شخص واحد فى إمكانه إنقاذ مصر من هذه الكارثة.. هو رئيس الدولة.. ولماذا رئيس الدولة فقط.. لأنه المسئول عن أمن وسلامة وصحة هذا الوطن.. والكارثة القادمة هى كارثة حرب.. وقرار الحرب فى يده.. وهى حرب «بيولوجية» وبائية انتشارها يؤدى إلى إحراق مصر.. وبصدق وصراحة لقد انعدمت الثقة فى هؤلاء السادة المنبطحين الذين جعلوا من مصر التى كانت كبيرة فى كل شىء.. صغيرة فى كل شىء.. وإذا رضينا بالهوان وهو مذلة فلا يمكن أن نرضى بالمرض الذى يحصد الأرواح بلا رحمة كأنه سفاح مصاب بالسعار.. الرئيس.. الرئيس فقط.. بمجرد أن يقول.. شيلوا الخنازير.. هنا فقط سيقف على قدميه كل مسئول منبطح ليفعل ما كان يجب عليه أن يفعله فى نفس اللحظة التى جلس فيها على كرسيه أول مرة.. وهنا يأتى السؤال المهم.. ماذا لو ظلت الخنازير تعيش حياتها بين البشر؟.. ماذا لو استمرت حالة الانبطاح على ما هى عليه؟.. والإجابة بسيطة وأصبحت سهلة ولا سيما أننا أصبحنا الشعب الأكثر شهرة فى الاعتصام والاحتجاج والتظاهر من أجل علاوة أو بدل أو غلاء.. أو بطالة.. ألا يخرج هذا الشعب رافضا لحياته مع الخنازير؟.. ألا يخرج مدافعا عن حياته؟.. إن لم يحدث فنحن أحق البشر بإنفلونزا الخنازير والقطط والكلاب والجرذان.. لأننا فى هذا الحالة سنكون شعبا منبطحا.