إجهاض تجربة آبي - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 3:30 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إجهاض تجربة آبي

نشر فى : السبت 29 يونيو 2019 - 8:55 م | آخر تحديث : السبت 29 يونيو 2019 - 8:55 م

بزى عسكرى، وبطريقة دبلوماسية، خرج رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد على شاشات التلفزيون المحلى الأسبوع الماضى ليعلن بعبارات مقتضبة إحباط محاولة انقلاب فاشلة، متهما «جهات مأجورة، تحاول منذ 30 عاما القيام بعمليات مشابهة»، وقال بثقة إن «كل شىء تحت السيطرة.. البلاد عامة وإقليم أمهرة أيضا».

كانت الحكومة الإثيوبية قد أعلنت مساء السبت 22 يونيو عن مقتل حاكم إقليم أمهرا أمباتشو ميكونين، ومساعده أززى واسا، والنائب العام للإقليم ميجبارو كبدى، من قبل مجموعة مسلحة هاجمت مقر الحكومة بمدينة بحر دار عاصمة الإقليم، وتزامن الهجوم مع مقتل الجنرال متقاعد جيزاى أبيرا، ورئيس هيئة الأركان فى الجيش الإثيوبى، الجنرال سيرى ميكونين، فى منزل الأخير بالعاصمة أديس أبابا وعلى يد حارسه الشخصى.

صباح اليوم التالى، خرج آبى أحمد ليتحدث إلى شعبه، لافتا إلى وجود رابط بين الهجومين فى إقليم أمهرا وأديس أبابا، وأشار إلى أن رئيس هيئة الأركان الراحل، كان ينظم ويقود الجهود الرامية إلى السيطرة على «انقلاب بحر دار».

بعدها بساعات أعلنت حكومة إقليم أمهرا، أن العقل المدبر للمحاولة الانقلابية مسئول الأمن بالإقليم، الجنرال أسامنيو تسيجى، قُتل فى اشتباك مع قوات الأمن، خلال محاولته الهروب بمنطقة «زينزلاما» على بعد 10 كيلومترات من مدينة بحر دار.

محاولة الانقلاب الفاشلة التى شهدها إقليم أمهرا شمالى إثيوبيا، أثارت العديد من التساؤلات والتكهنات حول دوافعها، وما سيترتب عليها من قرارات وردود أفعال من قبل الحكومة الفيدرالية التى بادرت بقطع خدمة الانترنت عن البلاد، وفتحت تحقيقا قضائيا حول الواقعة، أوقف على إثره نحو 250 شخصا قيل إنهم مشاركون فى محاولة الانقلاب، وأخيرا أصدرت قرارا بتعيين مدير جهاز الاستخبارات الجنرال آدم محمد لتولى منصب رئيس أركان الجيش خلفا لسلفه المقتول.

على مدار عقود عانت إثيوبيا من أعمال عنف وحروب أهلية واستبداد نظام حكم ينتمى أركانه إلى أقلية التجراى العرقية، حتى تقدم الصفوف ذلك الشاب الذى ينتمى إلى عرقية الأورومو التى تعرضت للاضطهاد فى العهود السابقة رغم كونها ثانى العرقيات من حيث العدد.

وصل آبى أحمد إلى رئاسة الوزراء كحل توافقى بعد مظاهرات أجبرت سلفه ميريام ديسالين على الاستقالة، بدأ رئيس الوزراء الشاب حكمه بحملة إصلاحية موسعة فرفع الحظر عن الأحزاب السياسية، كما أفرج عن المعتقلين السياسيين، ودعا زعماء المعارضة للعودة إلى البلاد بعد سنوات قضوها فى المنافى وأشرك بعضهم فى تشكيل الحكومة، ورفع الحصار المفروض على الإعلام وأنهى حجب المواقع الإلكترونية، وعمل على «تصفير» مشاكل بلاده الخارجية، وتمكن من تحقيق صلح تاريخى مع إريتريا بعد سنوات مريرة من الصراع.

وبالتوازى قاد آبى أحمد حملة على أركان الدولة العميقة التى قاومت إصلاحاته ونهجه فى إدارة البلاد، فأقال عددا كبيرا من القيادات العسكرية والأمنية المحسوبين على نظام سلفه، وأحال عدة مسئولين سياسيين وعسكريين إلى المحاكمة بتهم ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وهو ما فتح عليه النار، وعرضه لأكثر من محاولة اغتيال.

وفق تحليل خبراء فى الشأن الإفريقى فإن الأوضاع لن تستقر فى إثيوبيا إلا بعد حسم المواجهات السياسية مع معارضى الإصلاحات من جهة ومع قادة أقلية التجراى التى أحكمت سيطرتها لسنوات طويلة على البلاد من جهة.

لا أخفى إعجابى الشخصى برئيس الوزراء الإثيوبى، وأخشى من إجهاض تجربته الديمقراطية والتى أعتبرها مثالا يحتذى به فى قارة عانت دولها ولا تزال من استبداد وقمع أنظمة تصدر لشعوبها أنه لا سبيل لتحقيق الاستقرار والتنمية إلا بتشديد القبضة الأمنية واتخاذ إجراءات استثنائية بداية من فرض حالة الطوارئ مرورا بتأميم الحياة السياسية وصولا إلى تفصيل التشريعات على المقاس، وإلا فالبديل هو «المتآمرين» وما ينشروه من فوضى وخراب. وأتمنى ألا يكون ظهور آبى بالزى العسكرى بداية للانقلاب على الطريق الذى اختاره لحل أزمات بلاده قبل عام.

التعليقات