مع نهاية كل سنة يحب الكثيرون الجلوس مع أنفسهم لتقييم ما حدث في العام المنصرم ويأخذون من ذلك دافعاً للتخطيط للعام القادم، في هذا المقال أحب أن أشارك القراء حصاد 2018 ولأن كلمة حصاد كلمة تشمل الكثير من الأشياء التي قد تكون عالمية أو إقليمية أو شخصية فقد رتبت هذا المقال حول نقاط تبدأ من العالمي وتنتهي بالشخصي ولكن طبعاً نتكلم فقط عن العلم والتكنولوجيا والبحث العلمي والتعليم في مقالاتنا كلها.
العلم في حد ذاته لا يصل إلى الناس ويحسن حياتهم إلا عن طريق التكنولوجيا وسنة 2018 شهدت صعوداً كبيراً في تطبيقات الذكاء الصناعي والتي بدأت تتغلغل في جميع مناحي الحياة، وتمشياً مع ذلك فقد تكلمنا عن الذكاء الصناعي في عدة مقالات، ناقشنا ماهية الذكاء الصناعي وما له وما عليه وكيف يؤثر في حياة الناس (تجد المقالات الأربع هنا وهنا وهنا وهنا) وكانت أهمية تلك المقالات بالنسبة لي ليس السير وراء "الموضة" ولكن تصحيح لبعض المفاهيم المغلوطة التي يروجها البعض من باب الإثارة وهي ليست من العلم في شيء وأيضاً لتعريف الناس حدود هذه التكنولوجيا وتأثيرها في حياتهم وكيف يستعدون لهذه التكنولوجيا التي ستغزوا جميع الدول من الدول المتقدمة وحتى النامية.
أما البحث العلمي فتكلمنا عنه كثيراً في مقالاتنا في 2018 إما في ثنايا مقالات مختلفة أو أفردنا له مقالات خاصة ( يمكنك أن تجدها هنا وهنا)، أعتقد أن البحث العلمي هو أمن قومي لمصر لأن كل مناحي حياتنا من مأكل ومشرب وطرق وسكن وزراعة وإقتصاد ... إلخ ماهي إلا تطبيقات تكنولوجية لأبحاث العلمية فكلما تقدمنا في البحث العلمي كلما أمكننا تحسين وسائل العيش للناس، وطالعتنا منذ أيام أخبار في الصحف أننا في مصر من أكثر دول العالم زيادة في الأبحاث العلمية في سنة 2018، هذا شيء إيجابي لكن لا يمكننا أن نفرح ونتبادل التهاني وكفى ولكن علينا أن ننظر إلى هذا الخبر بحذر، نحن أفضل دولة في "زيادة" عدد الأبحاث وليس في عدد الأبحاث ولا قوتها، دعني أعطيك مثالاً على ما أقصده: لو كنا نشرنا بحثين إثنين في 2017 و نشرنا أربعة أبحاث في 2018 فنحن قد حققنا 100% زيادة في الأبحاث ولكن مازلنا في بداية الطريق لأننا نشرنا عدداً قليلاً من الأبحاث، قارن ذلك بدولة أخرى قد نشرت مائة بحث في 2017 ونشرت مائة وواحد بحثاً في 2018 بزيادة قدرها 1%، هل نحن أفضل من هذه الدولة؟ بالقطع لا، نقطة أخرى مهمة: هل نشرنا تلك الأبحاث في مجلات علمية مرموقة أو مؤتمرات كبيرة؟ أم هي كلها مجلات داخلية؟ أهمية الإجابة على تلك الأسئلة هي أن نرى الصورة الواقعية ونرى التحسن الحقيقي ونخطط ونحن على بينة ... فلنفرح ولكن بحذر ... ونعمل ... ولكن بأمل.
تكلمنا أيضاً في 2018 عن بعض النجوم المضيئة في حياتنا العلمية في المائة سنة الأخيرة، هذا يساعدنا على الإيمان أننا حقاً أن نستطيع أن نبدع حتى وإن كانت الظروف غير مواتية، هؤلاء النجوم أثروا الحياة العلمية في الداخل والخارج وحاولوا بناء مجتمع ومؤسسات علمية في الداخل وأبدعوا في العملية التعليمية (تجد هذه المقالات هنا وهنا وهنا وهنا)، دراسة حياة هؤلاء النجوم وما واجهوه ومحطات النجاح والفشل في حياتهم يساعدنا نحن على التخطيط لحياتنا وكيف نصل للتوازن في الأهداف بين ما هو شخصي وماهو وطني وماهو إنساني ... ومازال الطريق طويلاً.
ومن أهم النقاط التي تكلمنا عنها في 2018 التعليم لأنه قاطرة البحث العلمي وحيث أننا إتفقنا أن البحث العلمي أمن قومي فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب وبالتالي التعليم أم قومي، لقد ناقشنا الكثير من النقاط المتعلقة بالتعليم في ثنايا مقالات عدة ولكننا أيضا أفردنا له مقالات خاصة في سنة 2018 (تجدها هنا وهنا وهنا وهنا وهنا وهنا) ... نحن نحرز بعض التقدم والطلبة في هذا الجيل تمتلك وسائل كثيرة للحصول على المعلومات لم تكن متوافرة للأجيال السابقة ولكن ماذا يعملون بتلك المعلومات وكيف يضعونها في مكانها الصحيح في الخريطة المعرفية وكيف يفكرون بطريقة نقدية كل ذلك يدخل في نطاق العملية التعليمية ويمكننا دراسة الدول الناجحة في العملية التعليمية ولكن لا ننقل تجربتها كما هي بل يجب تمصيرها والأخذ في الإعتبار الشخصية المصرية والعادات والتقاليد المصرية.
كاتب هذه السطور مازال يتعلم من قراءه كما يتعلم من طلبته ومن الكتب فشكراً للقراء وشكراً لمن أرسل للكاتب أية مقترحات أو نقد أو مدح ... وعام سعيد