تختلف مع البابا شنودة إلى أبعد مدى حين يستدرج للحديث فى موضوع التوريث ويدلى بأقوال تجعله يلعب دورا فى مسرحية هزلية، لكنك لا تملك إلا أن تحترمه وتشد على يديه حين يتحدث فى موضوع القدس ويتمسك بموقفه الرافض لزيارتها طالما هى خاضعة للاحتلال،
بل ويرفض زيارة أى مسيحى لمقدساتها قبل أن تتحرر من دنس الصهاينة، وهو الموقف ذاته الذى أعلنه شيخ الأزهر الجديد الإمام الأكبر فضيلة الشيخ أحمد الطيب بعد تعيينه فى هذا المنصب الرفيع.
وهذا الموقف، فضلا عن أنه موقف أخلاقى وإنسانى بامتياز، فهو يكشف أيضا عن قراءة سياسية واعية ومحترمة للأمور، وقبل ذلك هو موقف وطنى وقومى نبيل وشريف.
غير أن السيد سمير زاهر رئيس «اتحاد الكورة» المصرى له رأى آخر، إذ يرى أنه أقدر على فهم طبيعة الصراع، وأحرص على فلسطين من كل القيادات الدينية، وكل السياسيين الشرفاء، ولذلك قرر أن يسوق المنتخب المصرى بكامل نجومه إلى الأراضى المحتلة ليلعب مباراة مع منتخب فلسطين فى القدس المحتلة يوم 8 أغسطس المقبل، حسبما نقل موقع قناة العربية عن عزام إسماعيل عضو اتحاد الكرة الفلسطينى أمس كاشفا عن اتفاق بين سمير زاهر وجبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطينى حول هذه الخطوة خلال اجتماع الاتحاد العربى فى مدينة جدة السعودية.
اللطيف فى تصريح المسئول الفلسطينى أنه وصف الحدث بأنه يتجاوز الرياضة ليصبح حدثا سياسيا وإنسانيا لكسر الحصار والعزلة التى تفرضها إسرائيل على الشعب الفلسطينى وقد جاء «بمباركة المستوى السياسى فى البلدين».
وهنا لابد أنك ستدهش من هذا التحول الجذرى فى موقف سمير زاهر والقائمين على الرياضة المصرية، خاصة أنهم هم أنفسهم الذين ألغوا فكرة مباراة منتخب مصر الأوليمبى مع نظيره الفلسطينى والتى كان مقررا أن تقام نهاية مارس الماضى، بعد أن كانوا فى غاية الحماس لها، وكانت حجتهم فى الإلغاء أن الأوضاع فى الأراضى المحتلة غير ملائمة.
وأذكر أن الإعلان عن إقامة هذه المباراة قوبل بعاصفة من الرفض والاستنكار على كل المستويات الشعبية والسياسية والدينية أيضا، حيث رفضها الشيخ عكرمة صبرى خطيب المسجد الأقصى، وكذلك مجمع البحوث الإسلامية فى مصر، فضلا عن عدد كبير من لاعبى المنتخب المصرى منهم محمد أبوتريكة.
غير أن الباعث على الحيرة أكثر أن يعتبر المسئولون المصريون أن اللعب فى القدس بتأشيرة إسرائيلية يأتى فى إطار كسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطينى، وفى حدود معلوماتى المتواضعة فإن من يريد كسر الحصار فعلا لا يقيم جدرانا فولاذية بينه وبين المحاصرين، ولا يطارد قوافل الإغاثة والمساعدات ويمنعها من الوصول لهم.
ولو كان السيد زاهر ومن يقف وراءه جادين حقا فى تقديم شىء للشعب الفلسطينى، فلماذا لا يكونون شجعانا ويلعبون مباراة مع منتخب فلسطين فى غزة المدمرة، وساعتها سيصفق لهم الجميع، وتنجو جوازات سفرهم من دنس حبر التأشيرات الإسرائيلية الأزرق.
wquandil@shorouknews.com