اليوم الذكرى الثانية لـ30 يونيو التى يحلو لبعضهم وصفها بالانتفاضة، فيما يعتبرها آخرون ثورة، وسط جدل بات سافرا بعد أنا كان يتم على استحياء، بشأن وصف ما جرى فى يوم خرج فيه ملايين المصريين، إلى الميادين والساحات، مطالبين برحيل الرئيس الاسبق محمد مرسى، وإزاحة جماعة الإخوان عن المشهد الذى تصدرته عاما كاملا باعتبارها السلطة الحاكمة للبلاد.
لن نخوض كثيرا فى الخلاف المفتعل بين أصحاب وصف الثورة ومحبذى تعبير انتفاضة، فما يهمنا: ماذا جنينا من ثمار الحدث الذى اعتبرناه تصحيحا لأخطاء ما بعد 25 يناير 2011 ومن بينها رفع شعارات من دون رؤية واضحة لتطبيقها على أرض الواقع، فى ظل غياب أجندة اليوم التالى لسقوط نظام مبارك.
وبين 25 يناير و30 يونيو مياه كثيرة جرت فى نهر الحياة السياسية المصرية، كشفت لنا جزءا مما يدور خلف الكواليس بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكرى، من صراع بدأ مكتوما، ثم سرعان ما أصبح تراه العين عقب دخول مرسى قصر الاتحادية باعتباره الرئيس المنتخب، خاصة بعد الإعلان الدستورى الذى حصن فيه قراراته، وما تلا ذلك من احتجاجات، انتهت بخروج الملايين إلى الميادين.
فى 25 يناير كانت الحناجر تصدح مطالبة بـ«العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية»، وهو ما لم يتحقق، فجاءت 30 يونيو لتحمل آملا جديد فى الوصول لما أخفقنا عامين فى الوصول إليه، واليوم هل تحقق شىء من المطالب ذاتها؟!
لا نريد أن نرى نصف الكوب الفارغ، لكن الحقيقة أن الكوب لم يعد نصفه فارغا فقط بعد أن تزايد نقصانه، فالعيش أصبح عسير المنال فى ظل هجمات الغلاء المستعرة يوما بعد يوم، فليس هناك سلعة ولا خدمة لم ترتفع أسعارها عدة مرات، مع ثبات دخول من يعملون، فيما جيوش المتعطلين تعج بهم المقاهى، وتتلقفهم أرصفة النواصى والحارات.
طبعا العدالة الاجتماعية الكل يتحدث عنها، لكنها أشبه بالخل الوفى، فى ظل نفض الأيدى، واتخاذ الحكومة العديد من القرارات التى تصب فى صالح الأغنياء على حساب الفقراء الذين يزدادون فقرا، وهذا لا ينفى وجود بضع محاولات لمساعدة هذه القرية الفقيرة أو تلك، من خلال جمع التبرعات، وليس عبر سياسات تنصر الفقراء، ولعل الإعلانات التى تستجدى جيوب الناس فى رمضان تقول إلى أين وصلنا فى قضية العدالة الاجتماعية.
نأتى للحرية والكرامة الإنسانية، هل يستطيع أشد المؤيدين للحكومة إنكار بعض المظاهرة السلبية فى هذا الجانب، فى ظل حديث المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بما فيها المجلس القومى لحقوق الإنسان (الحكومى) عن الاختفاء القسرى لعدد من النشطاء السياسيين؟ هل يمكن تجاهل تعرض عدد من المحتجزين سواء فى قضايا جنائية أو سياسية لعمليات تعذيب فى أماكن احتجازهم؟.
وحتى نعلم مدى الحرص على الكرامة الإنسانية، فإن وزارة الداخلية التى تحدث وزيرها يوم توليه منصبه عن أن كرامة المواطن خط أحمر، اكتفت بخصم شهر من راتب العقيد ياسر شوشة، مأمور قسم ثالث المحلة الكبرى عقابا على ارتكابه جريمة صعق مسجون أثناء احتجازه على ذمة إحدى القضايا نهاية العام الماضى، وقت أن كان نائب مأمور قسم أول المحلة.
إذن وفى الذكرى الثانية لـ30 يونيو، هل يمكن لمؤيديها، قبل خصومها، القول: إننا لا كرامة إنسانية لمسنا، ولا عدالة اجتماعية حققنا؟!