●● احسبوها أنتم: فى المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية، دفعت اللجنة العليا بثلاثة آلاف صندوق إضافى، ليصل إجمالى الصناديق فى 9 محافظات إلى 21 ألفا و500 صندوق.. وبافتراض أن الصندوق يسع قرابة 500 استمارة فى المتوسط، فنحن أمام إجمالى عدد ناخبين يقدر بعشرة ملايين ناخب، حين نقسم حاصل ضرب عدد الصناديق فى متوسط الاستمارات بكل صندوق، ثم نقسم الناتج على 2، للقائمة والفردى.. أرجو أن تكون حساباتى منطقية..
●● المهم أن هذا الإقبال المذهل من المصريين على التصويت فى اليوم الأول له أبعاد وطنية أولا وسياسية ثانيا.. فقد شعر الشعب وهو يرى بوادر انقسام، واختلافات فى الرؤى، ودماء الشباب تسيل فى التحرير، شعر الشعب بأن الوطن بحاجة إليه.. بحاجة إلى وجوده ومساندته، وإلى أن يعلن فى أى صف يقف. وكان ذلك من أهم أسباب اندفاع المواطن المصرى إلى صندوق الحرية والديمقراطية، بجانب الأسباب السياسية، وشعوره بأن صوته أصبح له قيمة ودور وتأثير.. ولا شك أن ظاهرة مشاركة المرأة المصرية بكثافة فى التصويت تعد من أبرز إيجابيات الانتخابات..
●● ببساطة، كانت مصر تعبر عن حضارتها وحضارة شعبها الضاربة فى جذوره.. فمصر منذ قديم الأزل بالنسبة للمواطن هى مثل الأم، بكل ما فى قلب الأم من دفء وحنان نحو ابنها فى لحظات السلم، وبكل ما فى قلب الأم من عنف وشراسة وهى تدافع عن ابنها فى لحظات الخطر.. وكان ذلك من أسباب اندفاع المرأة المصرية، الأم، والأخت، والزوجة نحو صناديق الحرية والديمقراطية..
●● كان هذا الموقف اختيارا للوطن قبل أن يكون اختيارا لأحزاب أو لسياسات تلك الأحزاب.. لكن دون شك كان هذا الاندفاع أيضا نحو الصناديق سباقا سياسيا مشروعا بين أنصار الأحزاب وأفكارهم، ولمن يكون حكم مصر فى أهم فترة فى تاريخها السياسى الحديث.. هذا أيضا من أهم أسباب الاندفاع أو السباق..
●● طوال سنوات ماضية كان الشعب المصرى مهمشا بإرادة السلطة التى وجدت أنها ستبقى بقدر ما تسلب الإرادة السياسية للشعب.. وفى 30 سنة، مارس المصرى حقه فيما يرى أنه يمتلكه، أسرته، بيته، ناديه، حدوده، وترك الدولة لمن يظن أنه امتلكها.. ولذلك خسرت مصر الكثير جدا، لكنها سوف تنهض بإذن الله، وهى تستحق تلك النهضة بشعبها وبموقعها وبتاريخها.
●● فى تلك الانتخابات، وقعت سلبيات، والمهم أن نتداركها، بزيادة عدد اللجان، وبحث إمكانية الاستعانة بمواقع أخرى غير المدارس، أو زيادة عدد المدارس، والتدقيق فى مواقع اللجان وكيفية الوصول إليها، ومدى إمكانية التحول إلى طرق أحدث فى التصويت.. لكن من أطرف السلبيات، إن كان فيه السلبية الطريفة، أن النخبة ظلت تعطى الشعب حصصا ودروسا فى السياسة، وظلت تلك النخب ترعب الشعب من يوم الانتخاب، كأنه يوم الحساب، وعندما حضر الشعب، بررت النخبة حضوره ،كما يبرر المهزوم خسارته بأن «الحكم هو اللى غلطان».. بالنيابة عن النخبة أعتذر: آسفين يا شعب؟.