أن تكون قارئا قبل أن تكون مشاهدا للأفلام هى النعمة الحقيقية التى رزقك الله بها ومن حسن حظى أننى قرأت مئات الروايات العربية والعالمية قبل أن أشاهدها أفلاما، وكم شعرت بالاستمتاع وأنا فى قاعات السينما حين أرى أى ممثل أحبه يتجسد فى الشخصية التى تخيلتها حين قرأت الرواية ومن هذه الأعمال رواية حب وإعدام من تأليف محمد كامل حسن المحامى التى نشرت فى سلسلة الكتاب الذهبى، ولا أستطيع أن أتذكر هل الفيلم الذى أخرجه كمال الشيخ 1956 كان سابقا عن الرواية أم العكس فالكاتب هو واحد من الذين يكتبون السيناريو ويحولونه إلى رواية مثلما فعل فى أعماله الكثيرة ومنها هذا هو الحب والسابحة فى النار، وقد فعل هذا الأمر أيضا أمين يوسف غراب لكن هناك فارقا واضحا بين تجربة شباب امرأة «الفيلم الروائى» من تأليف غراب الذى غير كثيرا فى النص، أما محمد كامل حسن المحامى فإن هناك تطابقا ملحوظا جدا بين الفيلم والرواية ومن هنا تأتى متعة المشاهدة ورغم أنك أمام عمل بوليسى إلا أن القراءة الأسبق تجعلك فى مرحلة ترقب ومعرفة مؤكدة لما ستراه فى الفيلم وللعلم فإن الكاتب كان بارعا فى تأليف الدراما البوليسية فى الإذاعة لسنوات طويلة منذ عام 1936 ثم اتجه لكتابة الأفلام وإخراجها، وهناك سمة واضحة فى نوع الكتابة البوليسية لديه فالراوية بالتقريب مفتوحة أمام ذهن القارئ بمعنى أن أبطال الرواية هم الوحيدون الذى لا يعرفون من هو القاتل أو الجانى بينما نحن كقراء نعرف فى رواية حب وإعدام أن مرسى وعشقيته عزيزة قد دبرا لمقتل الزوج العجوز وأنهما ليسا بشقيقين بل هو عشيق لها يدبر خطته بإتقان كى يتم أهتمام سميرة بأنها قتلت أباها، ومن ثم فهى تنتظر حكم الأعدام.
هذه النوع من الروايات مفتوح للغاية ويدور فى إطار اجتماعى أسرى فأغلب جرائم الكاتب تدور فقط فى جو الأسرة، بما يعنى هنا أن المتهمة سميرة يتم القبض عليها لأنها قتلت أباها الذى هجر أمها المريضة وتركها بدون مصاريف هذا الزوج العجوز تزوج من فتاة شابة تدبر مع عشيقها قتل زوجها ويتم التنفيذ، أما سميرة فهى مخطوبة ثم متزوجة من المحامى مجدى الذى يتولى الدفاع عنها ويتمكن إثبات براءتها، أى أن الجريمة لا تخرج قط عن جو العائلة لجميع أفرادها، وهناك فى هذه الرواية أمران بالغى الأهمية أحدهم هو القفز السريع وراء الزمن فالزوجة المتهمة سوف يتم إعدامها فى الثامنة صباحا بينما مجدى يقرع أبواب النائب العام ومساعديه للتوقيع على قرار بأطلاق سراح الزوجة، أنها حالة من اللهاث، كم أن الباعث الأسرى يزيد من حمية المحامى لإنقاذ زوجته مرتين الأولى هى يعلم أنها حامل والثانية حين يحصل على دليل البراءة.
نحن لا نحكى قصة الفيلم، بما أننا حكينا بعض خطوط الرواية لقد فعلنا ذلك لأن هناك تتطابق بين العملين، كل ما يمكن إدراكه أن المخرج هنا هو كمال الشيخ الذى لم يكن يتعامل حتى عام 1956 مع الأدب لذا فإن صناعة التوتر هنا لا تأتى من براعة كمال الشيخ بقدر ما تتمثل فى كاتب محترف يعمل بالمحاماة ويعلم كافة خفايا القانون والمحاكمات بالإضافة إلى تمكنه من صناعة الإثارة علما بأن هذا الكاتب كتب لنا الكثير من الروايات الرومانسية مثل هذا هو الحب وأقوى من الحب، وبالنسبة لأفلامه الأخرى فأنه لم يخرج عن الجريمة الأسرية مثل ابن الأخ الذى أفسد حياة عمه الزوجية لأنه ارتبط بالفتاة التى يحبها الشاب، وفى فيلم أقوى من الحياة وصل الأمر إلى أن قتل وحيده عمدًا بسبب شدة توتره عليه وهكذا فأن فيلم حب وأعدام مهما كانت قيمته الفنية يستحق أن نفتح صفحات كثيرة أنوع الفيلم البوليسى فى السينما المصرية وقد نفعل ذلك.