جاءت حياته استثناء لكل القواعد التى درج عليها الإنسان وعرفها العالم إثر علاقة جمعت طالبة ألمانية الأصل بزميل لها مسلم من أصل عربى سورى «عبدالفتاج جندلى» فى جامعة ويسكونسن لم تحتمل جوان شبيل غضبة أبيها عليها لعلاقتها بذلك العربى فتركت وليدها وأيامه لم تتعد أصابع اليد الواحدة على عتبة أحد الملاجئ وذابت فى الزحام بعد أن سمته وفقا لرغبة والده سمير. تقدم لتبنيه أرمنى هاجر للولايات المتحدة وزوجته بول حقوبيان وكلارا فانتقل إلى رعايتهما تحت اسم سمير حقوبيان الذى غيره فيما بعد إلى ستيف جوبز.
نسى الوالدان الحقيقيان لستيف جوبز أمره تماما فى استثناء يخرج عن كل قواعد الإنسانية واستأنفا حياتهما معا بعد زواج لم يدم طويلا وإن خلف هذه المرة ابنة أطلقا عليها اسم منى. حينما تزوجت الأم للمرة الثانية من أمريكى يدعى هنرى سمبسون غيرت لقبها إلى جوان سمبسون وتحولت ابنتها إلى منى سبمسون باعدت الأيام والألقاب بين أفراد أسرة كانت القاعدة أن يلتئم شملها تحت اسم جندلى لكن الاستثناء طوح بكل منهم إلى عوامل مختلفة تماما وإن ظلوا جميعا يعيشون فى الولايات المتحدة الأمريكية ويحملون جنسيتها.
رغم عناية الوالد بالتبنى الأرمنى بولده إلا أنه كره الدراسة الجامعية التقليدية واستولى الكمبيوتر على كل اهتمامه فشغف به وأدار ظهره للغرب قاصدا حضارة الشرق فسافر للهند ساعيا لاعتناق الفلسفة البوذية وعاد إلى أمريكا حليق الرأس ليشارك فى حركة الهيبز محلقا فى أجواء الحلم والثورة والتمرد والغضب مستعينا عليها بالماريجوانا والحشيش وحبوب الهلوسة. لكن علاقة ستيف جوبز بالاستثناء أنقذته من مصير القاعدة فبدأ مسيرة جادة تقترب من طيف الأساطير عاد جوبز لشغفه القديم بالكمبيوتر فانتقل من نجاح إلى آخر واحتل مقعدا منفردا على القمة حينما أصبح رئيسا لمجلس إدارة شركة آبل العملاقة فى مجال التقنية الرقمية.
قدم ستيف جوبز للعالم أربعة اختراعات عبقرية غيرت وجه العالم بلا شك وفجرت ثورة حقيقية فى صناعات عملاقة كالموسيقى والاتصالات والتكنولوجيا الرقمية. ماك الحاسب الآلى الشخصى العبقرى ثم ماك بوك، اى باد، وآى فون، نقل ستيف جوبز أعقد ما عرف العلم من معارف تكنولوجية إلى لغة سهل التخاطب بها واستعمالها بأطراف الأصابع فى عبقرية أذهلت العالم وغيرت ملامحه حينما أقبل الجميع على انتهاج اسلوب حياة يعتمد على تلك الاختراعات المدهشة.
فى قمة نشوة انتصاراته المتتالية داهمه أحد أشرس السرطانات: سرطان البنكرياس، تم اكتمال التشخيص فى اكتوبر 2003 وتقرر إجراء جراحة له لكنه رفض بقوة أن يستسلم لمشرط جراح فبحث لنفسه عن مهرب فلجأ لعرافة وانحاز لحميات غذائية يقال إنها تقاوم السرطان، حميات غذائية نباتية صارمة وجلسات للعلاج بالإبر الصينية فكان الاستثناء الأخير فى حياة عبقرى هذا الزمان وكان انتصار القاعدة إذ تفشى السرطان فى جسده فلم تجد الجراحة التى تأخرت تسعة شهور عن موعدها، رحم الله رجلا غيرت عبقريته حياة ملايين البشر وحينما وصل الأمر إليه تخلى عنها وانحاز لاختيار أبسط البشر.