القارئ وائل إبراهيم يكتب: عندما تختنق الروح (خواطر)
آخر تحديث: الأربعاء 12 أكتوبر 2011 - 6:18 م بتوقيت القاهرة
فى ليلة جميلة، يغشاها السكون.. جلست.. يغمرنى الظلام ويتسلل إلى صدرى نسيم الخريف المائل إلى البرودة فيلف قلبى بإحساس جميل .. ويبعث فى روعى الهدوء والسكينة.
أغمضت عينى فرأيت روحى تسبح فى الافق الفسيح ووجدت قلبى ينظر إليها فى قلق يسألها أن تعود ورأيت جسدى يقبع فى ملل واسترخاء وكانه لايعبأ بما يحدث وكأن الامر كله لا يعنيه.
ظللت أنظر اليهم.. روحى.. وقلبى.. وجسدى..!!
كيف يعيش هؤلاء الأشتات فى حيز واحد، روح لا نهائية الطاقة.. غير محدودة فى شكل أو مكان.. تحلق فى كل مكان تتوق إلى كل بعيد.
وقلب نابض بالإحساس.. يحاول أن يلحق بتلك الروح.. يحاول أن يترجم طموحاتها.. وينقل نوازعها الى حيز الوجود .. يحاول أن يسيطر على تلك الطاقة الهائلة التى تنتجها وتحملها.
وجسد.. شديد التحديد.. ثقيل الوزن.. بطيئ الحركة.. عديم الإحساس.. فاقد الطموح.. لا يشغله إلا غذاء.. أو شهوة.. نظرت اليهم جميعا.. وكأنى آراهم لأول مرة.. وكأنى انظر إلى أشياء لا أعرفها.
وقبل أن افتح عينى.. شعرت بروحى تنساب فى جسدى من جديد.. وبقلبى وقد هدأت دقاته بعد ان استراح من ترجمات روحى المستعصية.. وإذا بجسدى يتململ فى بطء.
وشعرت بتلك الوخزة التى طالما كانت تؤرقنى.. وتؤلمنى.. الآن فقط فهمت.. فهمت مصدر ذاك الألم.. وسبب تلك الوخزة.
إنها روحى تختنق.
روحى تختنق فى هذا الجسد الضيق المحدود.. روحى التى تتوق إلى الحرية.. تريد أن تهيم فى الأفق الرحب.. تريد أن تعيش كما ينبغى لها منطلقة مفعمة بالطاقة.. خلاقة.. خفاقة.
وقلبى يحاول جاهدا أن يلاحقها.. يجاريها، يحاول ان يخفف عنها ضيق الأسر وقسوة الوحدة، فيجعل من أعماقه الدافئة مكاناًً لأنس ولقاء.. أنس بالأحبة.. ولقاء بأرواح تآلفت وتعارفت..
هذا الأنس وذاك اللقاء هو ما يجعل تلك الروح تستسيغ العيش فى هذا السجن الضيق.. وتتشارك الحياة مع هذا الجسد المحدود.. وما يحمله القلب من حب وما يختزنه من مشاعر مرهفة وما يحتفظ به من طيف الأحبة ونبض المشاعر هو ما يجعل تلك الحياة تغدو جميلة وهذا الجسد يصبح سبباً للسعادة.