- «تحية موسيقار الأجيال» مشروع لتوثيق تراثنا المعاصر وتقديمه للعالم
ــ عبدالوهاب صاحبنى منذ طفولتى.. وتقديم أعماله فى الأوبرا كان حلم والدي
ــ معظم الأعمال المصرية غير مدونة ولا موحدة ويجب أرشفتها وإتاحتها لتنال ما تستحق من شهرة دولية
ــ اخترت الأغانى المناسبة لصوتى وتدريبى.. والغناء الشرقى ليس مدرستى
ــ سعيدة جدا بآراء المستمعين فى مصر والخارج.. ودموع عصمت عبدالوهاب شهادة تقدير
ــ الروتين اليومى لمغنى الأوبرا أشبه بنجوم كرة القدم.. ولا أتوقف عن التدريب
ــ اختيارى لحفل سان كارلو بالأهرامات شرف لى.. وهذه الفعاليات تلفت أنظار العالم لمصر
ــ الرقص والغناء متلازمان وتلقيت عرضا للتمثيل لكنى لا أفكر فيه الآن
ــ «رقصة العصاية» كانت تلقائية ومتماشية مع «مصر هى أمى» والنقد فى صالحى 100%
ــ أرحب بالغناء فى الأوبرا المصرية.. وأشارك قريبا فى عرض يزور 10 عواصم فى 20 يوما
ــ كونسرتهاوس فيينا محطتى القادمة كـ«نجمة مشاركة» وأجهز حاليا لألبومى الثالث
منذ 6 سنوات تقريبا عرف الجمهور المصرى السوبرانو الشابة فاطمة سعيد كنجمة صاعدة فى سماء الأوبرا العالمية بظهورها فى بعض البرامج التليفزيونية الشهيرة التى احتفت بها. وفى خريف 2020 كنت أبحث فى تطبيق موسيقى عن أغنية «يمامة حلوة/ بيضا» التى غنتها سلطانة الطرب منيرة المهدية مطلع القرن الماضى من ألحان داود حسنى، فاقترح علىّ التطبيق الاستماع إليها من فاطمة سعيد، فهى إحدى أغنيات ألبومها الأول «النور». كانت مفاجأة ممتعة، وكأن الأغنية تصادف مسامعى لأول مرة. نقلتها فاطمة من «الونس» الشرقى إلى حالة من «الجلال» الكلاسيكى حافظ على دفئها الناى والإيقاع والحلى الصوتية.
فى السنوات التالية قطعت فاطمة سعيد أشواطا للأمام مكرسة سُمعتها كواحدة من نجمات الأوبرا والغناء الكلاسيكى المميزات فى أوروبا، صاحبات الأداء المختلف والاختيارات الجريئة. تبدّى ذلك فى ألبومها الثانى «كلايدوسكوب»؛ حيث أثبتت قدرتها على تقديم أشكال موسيقية متباينة، وبست لغات منها العربية.
وفى حفلاتها بأكبر مسارح العالم، استرعى أداؤها انتباه كبار الموسيقيين، وانتزع تحية خاصة من النجم العالمى توم هانكس فى رويال ألبرت هول. ومن خلال حفلاتها فى مصر نمت بينها وبين الجمهور المتخصص وغير المتخصص، علاقة خاصة يمتزج فيها الفخر الوطنى بالإعجاب الفنى.
إمعانا فى الاختلاف، فاجأت فاطمة سعيد مؤخرا المتابعين بإطلاق مجموعة من الأغانى لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب تحية لذكراه، بتوزيع أوركسترالى غير مسبوق وأداء كلاسيكى وصوت سوبرانو هو أبعد ما يكون عن صوت عبدالوهاب الرخيم، وتم تسجيلها على مسرح كونسرتهاوس برلين، لتستمتع الآذان الغربية لأول مرة بهذا الإبداع القادم من الشرق، ويسمع المصريون والعرب نخبة من أغانيهم المفضلة بروح جديدة.
غنت فاطمة سعيد «لأ مش أنا اللى أبكى» و«كان أجمل يوم» واختتمت بـ«نشيد القسم ــ أقسمت باسمك يا بلادى فاشهدى» الذى طرحته بالتزامن مع اليوبيل الذهبى لانتصار أكتوبر.
وراء هذا العمل مشروع له فكرة تتعدى بكثير مجرد التوزيع الجديد لأغانى عمرها 60 عاما. بصوت مفعم بالحماس، قالت فاطمة لـ«الشروق» فى بداية الحوار إن عبدالوهاب ليس جديدا عليها، تربت على موسيقاه التى كان والدها أحمد سعيد ــ رئيس حزب المصريين الأحرار ونائب رئيس النادى الأهلى سابقا ــ حريصا على أن يُسمعها لها ولإخوتها.
تستطرد: كان يحدثنى متمنيا منذ بدأت مشوارى قائلا: «تخيلى نفسك وراكى أوركسترا وبتغنى لعبدالوهاب اللى هو من أعظم المؤلفين الموسيقيين فى التاريخ ليس فى العالم العربى بل على مستوى العالم كله»، لذلك كان موسيقار الأجيال مصاحبا لى من طفولتى وما زال، حتى إننى اخترت أغنية (صوت الجماهير) لأقدمها فى بداياتى عندما تم اختيارى ممثلة لمصر فى احتفال الأمم المتحدة فى جنيف عام 2014.
وعندما وصلت لمرحلة معينة من مسيرتى الفنية والمهنية تسمح لى بأن أعرض رؤيتى وأفكارى على الأوركسترا لأقدم مشروعات أو برامج أرى نفسى فيها أقدمت على هذا المشروع لإعادة توزيع أغانى عبدالوهاب وتقديمه للعالم بشكل أوبرالى، وأكثر ما أسعد به أننا بدأنا تدوين نوتات أعمال عبدالوهاب بتوزيع أوركسترالى، وهو أمر مهم جدا بالنسبة لى ولغيرى من الموسيقيين الذين يقدمون إنتاجهم فى مصر وأوروبا معا.
فقد اكتشفت أن معظم موسيقى عبدالوهاب ليست مدونة ولا مؤرشفة بصورة تسهل على الفنانين فى جميع أنحاء العالم الاستفادة منها وتقديمها مباشرة، على عكس ما هو حاصل مع موسيقى كبار المؤلفين العالميين وبصفة خاصة الأوروبيين، الذين لا يقل عبدالوهاب عنهم شيئا، حيث تنتشر أعمالهم مكتوبة على النوتة فى جميع دور الأوبرا والمسارح، ومن السهل استدعاؤها وتقديمها فى أى وقت.
وبسبب الاعتماد على الاسطوانات المسجلة بشكل أساسى لإعادة تقديم عبدالوهاب أو توزيع أعماله ــ والأمر ذاته بالنسبة للملحنين المصريين الآخرين ــ نجد فروقا كبيرة بين النوتات المدونة، فهى غير مؤرشفة وغير موحدة.
حاولت فى هذا المشروع مع الموسيقار البريطانى جيمس ويتبورن رئيس قسم الموسيقى بجامعة أكسفورد، على وضع نوتة أوركسترالية موحدة للأعمال الثلاثة بحيث يستفيد منها أى موسيقى يرغب فى تقديمها، من اليابان إلى أمريكا.
> سألتها: اخترتِ أغنيتين بدأهما بجمل غربية بحتة (لأ مش أنا اللى أبكى تبدأ من مى بيمول الكبير وكان أجمل يوم تبدأ من رى الكبير) مع استبعاد بعض المقاطع الشرقية منها، فهل لذلك علاقة بطبيعة الأداء الأوبرالى؟
ــ بالفعل، وله علاقة أيضا بتدريبى والجمل التى أرتاح معها لأؤديها بشكل جيد. فأنا لم أتدرب على غناء المقامات الشرقية، تقدر تقول الغناء الشرقى مادخلش دمى خالص، دى مدرسة عظيمة ولكنها غير مدرستى، ولكنى أحب آخذ منها ما يليق بصوتى وأدائى، فركزت على الجمل والمقاطع التى تتفق مع الغناء الكلاسيكى.
كذلك ركزت على تقصير زمن الأغنية ليناسب العصر أكثر، والحقيقة أن هذه الأعمال ثرية لدرجة تغرى لأداء مقاطعها بصورة مختلفة.
دعنى أخبرك.. منذ سماعى (لأ مش أنا اللى أبكى) وأنا متعلقة بشدة بالجملة الرئيسية (الميلودى) التى لا يغنى عليها عبدالوهاب أى كلمات، وتظل تتردد طوال الأغنية، كنت غيرانة جدا إنى لن أغنيها وستؤديها الآلات فقط، فقررت أن أؤديها بصوتى 3 مرات خلال الأغنية.
> كيف تلقيت ردود الفعل على الأغانى الثلاث؟
ــ سعيدة جدا فمعظم التعليقات إيجابية والأغانى عاجبة ناس كتير، ولكن فى المقابل فى ناس مش عاجبها أدائى فى الشرقى. وبصراحة لدىّ مشكلة مع من يشكر فى عملى دائما وأتشكك فى رأيه فليس طبيعيا أن يكون العمل مثاليا على الدوام، وأحب الاستماع إلى النقد لأنه سيطورنى دائما وهو فى مصلحتى 100%.
وقبل سنوات تعلمت عبارة آمنت بها بشدة: عمرك ماتصدقى اللى يمدح فيكى قوى ولا اللى يشتمك قوى (أضافت ضاحكة) أكثر تعليق أصدقه هو «تمام» لأنه يعبر فى رأيى عن التقبل والوسطية.
> ولكن ألم تلحظى أن هناك خلطا بين تقديم عبدالوهاب بتوزيع شرقى مختلف، وبين ما قدمتيه من نقل العمل من الغناء الشرقى المتأثر بالكلاسيكية إلى مجال الغناء الأوبرالى؟
ــ نعم صحيح، فالبعض كان ينتظر منى أن أقدم أغنيات عبدالوهاب بالطريقة التى اعتادوها من مطربات الموسيقى الشرقية.. ضحكت كثيرا عندما قرأت تعليقا يشيد باللحن والتوزيع والعزف والأجواء ويقول: «يا سلام لو كانت نجاة الصغيرة هى من تغنى» وأنا بالطبع لا أنافس فى هذا المجال إطلاقا، فالغناء الأوبرالى سياق آخر تماما.
وهذا يجعلنى أفكر فى الموضوع من زاوية أوسع، وهى أن علينا تقديم كل صور الفن والغناء للجمهور وهو من يختار ما يشاء دون فرض نوع معين عليه، وأيضا دون أن تحاول الأغلبية أو الأقلية احتكار الذوق وتوجيه الرأى العام إلى أنواع معينة، إلى حد أن يخجل الشخص من الإفصاح عن رأيه المعارض لغناء معين لأنه قديم أو جديد أو يحظى بشعبية جارفة أو لأنه بات جزءا من الأغنية السائدة الـMainstream أو كان يصنف Underground.. فالفنان يجب أن يهتم بقدرة الناس على التصريح برأيهم الحقيقى، وبأن تتاح كل الخيارات الفنية أمامهم.. من المهرجانات والراب والتراب وأغانى الـPop وحتى المقطوعات الكلاسيكية، فلكل جمهوره، ولكل نوع وقته ومكانه المناسب لذوق المستمع.
> وجهتِ الشكر لأسرة عبدالوهاب، فهل تواصلتِ معهم قبل المشروع؟ وكيف تلقيتِ إشادة ابنته عصمت التى قالت إنها بكت من التأثر؟
ــ كلام السيدة عصمت شهادة تقدير كبيرة لى.. هذه السيدة أحبها وأقدرها للغاية ولما بقعد معاها بحس إنه كفاية إنى قاعدة مع بنت الموسيقار عبدالوهاب. وابنها عمر خليل وزوجته أولجا كانا حاضرين فى الحفل الذى شهد تقديم الأغانى الثلاث فى برلين، وهو حاليا أنشط المهتمين بتوثيق وإحياء تراث جده.
علاقتى بالعائلة وتنسيقى معهم لتقديم المشروع بدأ منذ عام تقريبا، والحقيقة ساندونى بقوة، وأكرر الشكر لهم.
> أغلب الأعمال التى قدمتها حتى الآن هى من الكلاسيكيات والأعمال التاريخية لآخرين، عدا أغنية «قد أى صعب» التى كتب كلماتها تامر حسين على اللحن المكسيكى الشهر «إل شوكلو»، ألم يحن الوقت لتقديم أعمال أصلية بألحان وكلمات جديدة؟
ــ أكيد أتمنى أن أقدم قريبا أغانى خاصة بى، ولكن هناك أمورا يجب أخذها فى الاعتبار. أولا أنا مغنية أوبرا كلاسيكية، والنسبة الكاسحة من الأعمال يجب أن تكون أداء القديم «بنفَس مختلف، وهو ده اللى بيفرق وبيميز مغنى الأوبرا الجيد» فهذا مجال التنافس الأساسى.
ثانيا: عملية صناعة أغنية كلاسيكية من الألف إلى الياء الآن ستكون صعبة، لأنها تتطلب وجود فريق عمل متكامل على درجة تفاهم عالية بين الكلمة واللحن والصوت، وليس شرطا أن نجمع أفضل كاتب مع أفضل ملحن لننتج أغنية جيدة، وزمان كنا نجد الشاعر والملحن على درجة إحساس عالية بالصوت وفهم عميق لإمكانياته، ولهذا كانت الأعمال تخرج بصورة ممتازة.
أما السبب الثالث فهو أن مسيرتى الفنية مرتبطة أساسا بالغناء الأوبرالى، ولذلك الآن الأوروبيون مستغربون من أننى أغنى «شرقى أوبرالى» فى مشروع عبدالوهاب.. هذا جديد عليهم، وهو أيضا استثناء بالنسبة لى، فمن الوارد جدا أظل فترة طويلة بدون تقديم أغانٍ عربية.
> ألم تفكرى فى إعادة تقديم الأوبرات المصرية التى كُتبت بالعربية وقدمها ملحنون كلاسيكيون مثل أبو بكر خيرت فى أربعينيات وخمسينيات القرن الماضى؟
ــ بصراحة لا أعرف تلك الأعمال لأن دراستى وتدريبى كانا منصبين على الأعمال الأوروبية، ولكنى أتمنى أن يكون هناك اهتمام بتوثيق وتدوين أكبر قدر من الإنتاج المصرى المعاصر.. شرقى أو غربى ومن كل الأنواع.. وبمجرد توفر ذلك سيتمكن الفنانون من إعادة تقديمه بسهولة سواء داخل مصر أو خارجها. وللعلم فقد سعدت بالغناء لمؤلف مصرى معاصر هو شريف محيى الدين.
> إلى جانب عبدالوهاب؛ لا يعرف كثيرون أنك قدمتِ ألحانا لسيد درويش وداود حسنى وفريد الأطرش والرحبانية، فهل يمكن وصف هذه السلسلة بأنها مشروع ممتد وسيستمر فى مشوارك؟
ــ لم أدرس الموسيقى الشرقية ولكن «حتة كبيرة جوايا شرقى» ومهتمة جدا أغنى الأغانى التى أحبها وأقدمها بالشكل الذى أجيده. وفى حفلاتى وألبوماتى ستكون تلك الأغانى حاضرة، ومنها عمل سأقدمه لأول مرة فى حفل أوبرا سان كارلو الإيطالى بالأهرامات هذا الأسبوع.
> حدثينا عن هذا الحفل الذى سيقام بعد غد الأربعاء، وما شعورك وأنت الصوت المصرى للحفل فى حضور عدد من المغنين العالميين؟
ــ «حفلات كهذه بتفرق جدا مع مصر قدام العالم» ومتحمسة جدا لأرى رد فعل الجمهور على ما سأقدمه، وشرف لى أن أكون الوجه المصرى للحفل، كما أنها مناسبة خاصة لى، فتياترو سان كارلو هو أول مسرح غنيت فيه عام 2013 وهو عريق جدا، وحدث كبير أن يزور مصر وفى أهم منطقة سياحية وأثرية فى العالم، وسعيدة جدا بأننى سأستقبل «سان كارلو» فى بلدى مصر كما استقبلونى هم بحرارة واستضافونى فى نابولى.
وما يزيد حماسى أن الحفل من تنظيم شركة RMC برئاسة أحمد عبيد، الذى أعتبره من أفضل المنظمين الذين تعاملت معهم على مستوى العالم، ودائما ما تخرج فعالياته بصورة مثالية ومطمئنة تماما للفنان، ويقدمون كل ما فى وسعهم على أحسن وجه، ولا تكون هناك أى تنازلات فى مستوى جودة العمل والموسيقى والصوتيات وكفاءة الإخراج.
> لا يمكن الحديث عن الحفلات دون أن أعرف رأيك فى الهجوم عليكِ بسبب مشهد الرقص بالعصا على أنغام «مصر هى أمى» فى حفل المتحف المصرى الكبير بداية العام الجارى.. هل كانت أزمة؟
ــ لم أتأثر بهذا الهجوم على الإطلاق. فالتعليقات السلبية كانت قليلة وانطوت على اتهامات غريبة كإهانة مسرح الأوبرا وتقديم صورة سيئة للغناء الرصين، والسبب فى ذلك اجتزاء الفيديو المنتشر من سياق الأغنية فلم يصل العرض كاملا للبعض. على العكس تماما كان استقبال جمهور الحفل للمشهد إيجابيا للغاية، وكذلك تعليقات معظم المتابعين.
أديت الرقصة بطريقة تلقائية ومتماشية مع إيقاع الأغنية، ومن شاهد أداء فؤاد المهندس للأغنية فى فيلم «فيفا زلاطا» سيذكر كيف رقص هو أيضا على جزء من اللحن ولكن بطريقة كوميدية.
أما عن الرقص فى الأوبرا فالحقيقة أن لا أحد يلوم مغنية إسبانية أو أرجنتينية ترقص فلامنكو أو تانجو، والرقص البلدى المصرى فن شعبى مثل تلك الأنواع، وأداؤه على المسرح لا يهين الأوبرا ولا يحط من شأن الموسيقى.
والحقيقة أننى أعشق الرقص وأحترمه جدا، فدراستى كلها كانت «غناء ورقص وتمثيل» وأنا مداومة على تعلم رقصات جديدة، حتى إن ألبومى الثانى «كلايدوسكوب» قد اخترت أغانيه كلها تقريبا مستوحية من رقصات مختلفة كلاسيكية وشعبية. ويلح علىّ كثيرا سؤال وجودى: هل الإنسان اخترع الموسيقى أولا أم الرقص؟ فلا يمكن تصور فن منهما دون الآخر.
> بالإشارة إلى ألبومك الثانى فاسمه يعبر عن التنوع والثراء اللونى، من اختار الاسم؟ وكيف استطعتِ تضمينه أغانى بلغات عدة وتعبر عن أجواء موسيقية مختلفة من الفالس إلى الجاز.. من كلاسيكيات القرن التاسع عشر كـ Wiener Blut إلى Cheek to cheek مرورا برائعة كارلوس جارديل المأخوذة عن موتسارت Por una Capeza؟
ــ اخترت الاسم بنفسى، وكنت متحمسة لتقديم هذه المقطوعات المحببة لى والمستوحاة من صور راقصة مختلفة الأمزجة. وهناك تنوع أيضا فى اللغات لأننى أجيد تماما الألمانية والإنجليزية والإيطالية والفرنسية، وأجيد الإسبانية قراءة وكتابة، ولكل منها مكان خاص فى قلبى ولكل منها ميزات متفردة للمؤدى والمستمع.
وبالنسبة لى أحب الألمانية فى الصور الشعرية بينما الإيطالية هى الأسهل خاصة فى الأعمال الطويلة لسهولة ومحدودية أدواتها الصوتية.
وأنا أحب أن أغنى ما أفهمه وما أجيده، حتى يكون إحساسى بالكلمة مثاليا، ولذلك لم أقدم أعمالا كبيرة بالروسية أو المجرية، نعم من السهل حفظ الكلمات وغناؤها، ولكن فهم اللغة والشعور بها كأهلها يرفع الأداء إلى مستوى آخر.
> هذا يجعلنى أسألك عن الموسيقيين المفضلين لديكِ.
ــ أنا من عشاق فيردى وبوتشينى وموتسارت.. موتسارت تحديدا كتب موسيقى تناسب الصوت النسائى فى مختلف المراحل العمرية والإمكانيات الصوتية المتدرجة من الصغر وحتى النضوج. هؤلاء كانوا يذاكرون ويصنعون الموسيقى الجيدة لتناسب أصوات المغنين والمغنيات، فتارة نجد موتسارت يكتب لحنا يتطلب إمكانيات عالية، وله ألحان معروفة كان قد كتبها لمغنيات متواضعات فكان يتعمد أن تكون سهلة الأداء. شومان أيضا كتب ما يناسب صوت السوبرانو بشكل جيد.
وهناك موسيقيون عظماء أحب الاستماع إليهم لكنى لا أجد نفسى فى مقطوعاتهم. فمثلا شوبرت يمكن اعتباره «ملك التيمة» ولكنى لا أجد نفسى مرتاحة كثيرا فى الغناء له، لكنى سأغنى له فى ألبومى القادم الذى سيكون الثالث.
> ما أهم فعالياتك وحفلاتك القادمة؟
ــ تعاقد معى كونسرتهاوس فيينا على تقديم بعض الحفلات كـ«نجمة زائرة» وهذه خطوة رائعة وهامة جدا لى بعد أن غنيت فى ميلانو وبرلين ولندن وباريس، كنت أحلم دائما بالغناء فى جميع المدن الكبرى ذات التاريخ الموسيقى، والتى تحتل فيينا بينها مركزا تاريخيا مميزا.
وسأحيى حفلات فى باريس وبرشلونة وبروكسل خلال الخريف، وسأحيى الكريسماس فى فيينا وبرلين، ثم سأشارك مع فريق أوركسترا Il Pomo d'Oro فى تقديم أوبرا Dido and Aeneas لهنرى بورسيل فى 10 دول خلال 20 يوما، وستكون هذه تجربة قوية لى.
> لماذا لا نراكِ فى حفلات فى دار الأوبرا المصرية، خاصة فى رأس السنة، حيث تحيى الحفلات عادة مغنيات أجنبيات؟
ــ يشرفنى هذا بلا شك.. فالأوبرا المصرية أول مسرح غنيت فيه، وقد سبق بالفعل أن تواصلوا معى لإحياء حفل رأس السنة، ولكن دائما تكون هناك مشكلة فى المواعيد وتعاقداتى القائمة، فتلك الحفلات يتم التواصل بشأنها قبل 9 أو 6 شهور فى المعتاد وليس قبل وقت قصير، وعموما أنا منفتحة على تقديم الحفلات فى مصر فى أى وقت شريطة احترام تعاقداتى، فهذا من العوامل الرئيسية لنجاح الفنان.
> جدولك المزدحم يدفعنى للتساؤل عن روتينك بين التدريب والأداء الحى والتسجيلات؟
ــ حياة مغنيى الأوبرا المحترفين تشبه فى التدريبات والإعداد حياة لاعبى كرة القدم المحترفين، فهى قائمة على التدريب المستمر والقياسات الدائمة للإمكانيات التنفسية والحركية والعضلية، كما أننا فى الغذاء مقيدون بنظام صارم مثل الرياضيين تماما، ويجب علينا ضبط عاداتنا الغذائية بمواعيد معينة، خاصة وأن الغناء الحى يكون فى الليل وما يترتب على ذلك من صعوبة النوم وتعدد الضغوطات.
أتمرن مع مدرسين بين لندن وبرلين، وكذلك بمفردى، وقبل الحفلات تكون هناك بروفات مكثفة بصحبة الفرقة الموسيقية.
> ذكرتِ أن دراستك كلها كانت بين الموسيقى والرقص والتمثيل، ألا تفكرين فى خوض تجربة التمثيل قريبا للسينما أو التليفزيون؟
ــ درست التمثيل المسرحى 9 سنوات، وسبق وعُرض علىّ أن أشارك فى عمل ــ بشكل مبدئى ــ ولم يتطور الأمر. «عمرى ما أعطيت التمثيل الاحترافى اهتماما كبيرا، مش رفض قاطع ولا موقف سلبى» ولكنى أركز حاليا على مشوارى فى الأوبرا والغناء الكلاسيكى.