زيادة الأسعار وركود المبيعات يجبر المطورين على البيع بأنظمة سداد طويلة الأجل
آخر تحديث: السبت 1 فبراير 2025 - 6:06 م بتوقيت القاهرة
عفاف عمار
هانى توفيق: لجوء الشركات للبيع من خلال سنوات ممتدة هو بديل عن خفض الأسعار
تحوط المطورين من متغيرات السوق أدى إلى مغالاة فى أسعار العقارات
الشركات تطرح أنظمة سداد ممتدة بسبب غياب منظومة التمويل العقارى
أجبرت المتغيرات الاقتصادية وما ترتب عليها من مغالاة فى أسعار الوحدات السكنية، المطورين على البيع بأنظمة سداد ممتدة تجاوزت الـ ١٥ عاما لدى البعض، الأمر الذى اعتبره محللون خفضا غير مباشر فى أسعار الوحدة السكنية.
أحد المحللين قال لـ «الشروق» إن البيع عبر برامج سداد طويلة الأجل سيؤدى إلى موجة تعثر لدى صغار المطورين غير القادرين على الاقتراض المصرفى من ناحية ومن ناحية أخرى سيدفع المطورين إلى المزيد من التأخر فى التسليم للوحدات المباعة بسبب نقص السيولة المتوقع.
وأوضح أن المغالاة فى الأسعار بسبب نسب التحوط التى وضعها المطورون والمقدرة بنحو ٢٥٪ أدت إلى تراجع كبير فى حركة البيع لعدم ملاءمة الأسعار لمستويات الدخول.
وأضاف مطورون أن ضعف القدرة الشرائية مقابل زيادة الأقساط الشهرية دفع الشركات لطرح حلول تمويلية ممتدة ومرنة، فى ظل غياب منظومة التمويل العقارى.
قال هانى توفيق الخبير الاقتصادى إن لجوء الشركات العقارية للبيع على فترات السداد طويلة الأجل هو مؤشر على حالة الركود فى المبيعات وبديلا لخفض الأسعار بطرح طريقة بيع ممتدة وأقساط تتزايد تصاعديا، وبحسب توفيق فإن قرار الشراء يفضل أن يكون للوحدات العقارية الجاهزة للاستلام الفورى، وأن يكون لمطور عقارى ذى سمعة ومصداقية فى السوق، بالإضافة إلى أن ينص التعاقد بين المطور والمشترى على ربط صرف الشيكات بمعدل التنفيذ للوحدة المتعاقد عليها.
وتوقع توفيق أن تشهد السوق العقارية تأخيرا فى التسليمات بسبب أنظمة السداد الممتدة وما يترتب عليها من نقص فى التدفقات النقدية للمطورين.
وحذر توفيق فى وقت سابق من تعرض السوق العقارية إلى فقاعة عندما يبتعد سعر العقار عن القيمة الحقيقية وتوقف العملاء عن الشراء.
أيمن سامى رئيس شركة «جيه إل إل» للاستشارات العقارية فى مصر، قال إن اتجاه الشركات العقارية لطرح أنظمة سداد ممتدة ليس فى مصلحة المطور والمشترى.
أوضح أن المطور العقارى يعتمد على التدفقات النقدية لتوفير السيولة وبالتالى البيع على فترات زمنية طويلة يقلل من هذه السيولة وبالتالى قدرة الشركة على التنفيذ خاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وقال سامى إن السوق العقارية منذ تحرير سعر الصرف فى مارس ٢٠٢٤ تشهد تباطؤًا فى المبيعات «عدم استعجال فى الشراء مع استقرار سعر الصرف» تزامن ذلك مع ضعف القدرة الشرائية للعملاء وارتفاع فى قيمة الأقساط الشهرية التى تجاوزت ١٥٠ ألف جنيه شهريا.
وتشهد السوق طرح وحدات استلام فورى على برامج سداد تصل إلى ٨ أو ١٠ سنوات، وتبعا لما قاله سامى فإن السوق العقارية يمر بحالة من الترقب والانتظار وعدم رغبة العميل فى الشراء السريع.
مصطفى شفيع رئيس قسم البحوث فى عربية أون لاين، قال إن الارتفاع الكبير فى أسعار العقارات على مدار آخر عامين مدعوما بارتفاع أسعار الخامات ومدخلات البناء وغيرها من تداعيات التعويم وآثارها على التكلفة، كل هذه العوامل أدت إلى زيادة فى أسعار العقارات فاقت القدرة الشرائية للشرائح السكنية المستهدفة.
تابع: وفى ضوء هذه المعطيات والتى أدت إلى تراجع فى حركة المبيعات العقارية، اتجهت شركات التطوير العقارى إلى حلول تمويلية لضمان استمرارية جاذبية العقارات منها طرح أنظمة سداد طويلة وخفض الدفعات المقدمة بهدف خلق الرواج للقطاع.
ويرى شفيع أن البيع على سنوات طويلة سيكون له آثار سلبية على المطورين تتمثل فى تراجع الدفقات النقدية وهو ما يدفع الشركات إلى استخدام آليات التوريق «قطع الشيكات» لاستمرار العمل والتنفيذ أو زيادة رأس المال والاقتراض البنكى وكلها حلول تمويلية تضمن تعويض السيولة لدى الشركات المتوقع أن تتراجع مع برامج السداد الممتدة.
وبحسب شفيع فإن البيع على سنوات سداد ممتدة هو «شر لابد منه»، موضحا أن هذه العروض تتناسب فقط مع الشركات الكبيرة بما لديها من ملاءة مالية وسابقة أعمال ومحفظة متنوعة من المشروعات على عكس الشركات الصغيرة والشركات ذات المشروع الواحد.
وقال شفيع إن الأسعار ستواصل الارتفاع ولكن بمعدلات تتماشى مع التضخم مابين ٢٠ – ٣٠ ٪.
فتح الله فوزى نائب رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين ورئيس لجنة التشييد والبناء بالجمعية قال إن البيع من خلال برامج سداد طويلة الأجل لا يتناسب إلا مع الشركات العقارية الكبيرة لما تتمتع به من ملاءة مالية والقدرة على الاقتراض البنكى لتعويض أى نقص فى السيولة.
وقال فوزى إن لجوء الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى البيع على فترات ممتدة يعرضها لمخاطر نقص السيولة ويهدد قدرتها على تغطية الفجوة التمويلية الناتجة عن نقص التدفقات النقدية.
وعن إمكانية أن تشهد السوق العقارية تأخرا ملحوظا فى التنفيذ ومواعيد التسليمات، قال فوزى «كل المطورين لديهم تأخير فى مواعيد التسليم بسبب برامج السداد الممتدة والمتوقع أن تمتد مواعيد التسليم إلى ٥ سنوات فى ظل برامج السداد الممتدة والتى وصلت إلى ١٢ عاما، فالمطور العقارى عادة لا يقوم بالتسليم قبل سداد العميل ٥٠ ٪ من قيمة الوحدة المتعاقد عليها.
واستبعد فوزى أن يحدث زيادة فى الأسعار بمعدلات كبيرة ولكنها ستكون ما بين ١٠ – ١٥٪ نظرا لاستقرار سعر الصرف ومدخلات البناء.
وقال المهندس أحمد العتال رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات العتال إن السوق العقارية تتمتع بوجود طلب حقيقى يقدر بحوالى مليون وحدة سنويا ولكن يوجه تحديات تتعلق بالسيولة وضعف القدرة الشرائية للعملاء وهو ما دفع المطورين إلى البيع عبر برامج سداد ممتدة.
ويرى العتال أن اتجاه الشركات العقارية إلى البيع طويل الأجل ناتج عن تقصير من الجهاز المصرفى وعدم القيام بتفعيل منظومة التمويل العقارى.
محلل اقتصادى رفض الإفصاح عن اسمه قال إن أسعار العقارات فى مصر أصبحت غير واقعية، لا تتناسب مع مستوى الدخول أو القدرة الشرائية وهو ما أدى إلى ما يشبه التوقف فى البيع.
أوضح: تضع شركات التطوير العقارى نسب تحوط تصل إلى ٢٥٪ من تكلفة التنفيذ ومع استقرار السوق وثبات الأسعار حصل تراجع فى البيع ومع صعوبة خفض أسعار العقارات لجأت الشركات إلى البيع طويل الأجل كوسيلة بديلة لخفض أسعارها.
أضاف «المطور العقارى قام بزيادة فترات السداد بديلا عن خفض أسعار الوحدة السكنية وفى نفس الوقت يضمن تحصيل ٨٠٪ من قيمة الوحدة خلال ٨ أو ٧ سنوات»، متوقعا أن تشهد السوق تأخرا كبيرا قد يتجاوز الـ ٦ سنوات فى التسليم للوحدات المباعة بسبب نقص التدفقات النقدية للمشترين.
ريمون عهدى الرئيس التنفيذى لشركة وادى دجلة العقارية قال إن طرح برامج السداد الطويلة يعود إلى ضعف القدرة الشرائية للمشترين وتزامنا مع توقعات خفض الفائدة.
أوضح ريمون أن إجمالى قيمة الوحدة السكنية ليس هو التحدى أمام المشترى بقدر ما يدفع من أقساط شهرية تتناسب ما دخله الشهرى وهو ما يعمل عليه المطورون بطرح أنظمة سداد تعتمد على أقساط شهرية مناسبة للشرائح المستهدفة من المشترين.