عمرو موسى: مذكرات نبيل فهمي تذكير ضروري بأحداث مهمة ذات صلة بحاضر ومستقبل البلاد

آخر تحديث: الجمعة 1 أبريل 2022 - 8:13 م بتوقيت القاهرة

قال وزير الخارجية الأسبق والأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسي: علينا تهنئة الوزير الأسبق نبيل فهمي في يوم إطلاق كتابه "في قلب الأحداث"، فالعديد من الأواصر تربطني بنبيل فهمي، فكان والده إسماعيل فهمي "أستاذي"، وكان هو "تلميذي، ثم زميلي، ثم وزيري"، وأنه في جميع تلك المراحل كان ولا يزال "صديقي"، وعند إطلاعي على نسخة مبكرة من الكتاب فقد تم تذكيري بأحداث مهمة ذات صلة بمصر حاضرا ومستقبلا، وذكريات استدعيتها بأدبياتها ووقائعها.

وأضاف: خرجت من قرائتي للكتاب بـ"خلاصتين"، أولهما أنه يعكس جهدا متميزا في مجال المذكرات السياسية، وثانيا أنه يشكل إضافة مهمة لما كتبه وزراء وسفراء سابقون عن مسارات السياسة والدبلوماسية المصرية، وأن تلك المؤلفات أشبه بـ"سلسلة" يشد بعضها بعض، يستوجب معها توصية "شباب الدبلوماسيين" أن يستفيدوا منها وأن يطلعوا عليها ويدرسوها، حيث تتيح كما من المعلومات وقدرا كبيرا من الرؤى لمسار السياسة المصرية لما سبق فترة الرئيس مبارك وسنوات حكمه الثلاثين، وما تلا ذلك من أحداث وتطورات.

وأشار موسى إلى أن المنطلق الفكري للكتاب في خطه العريض، وفي مختلف تجلياته إنما يؤكد أن تلك المذكرات جميعا بالأحداث التي تضمنتها إنما تشكل "مدرسة فكرية"، تتعلق بالسياسة المصرية في مرحلة ذات حساسية خاصة وما أمتدت إليه من تأثيرات تتعلق بحاضر مصر ومستقبلها القريب قبل البعيد.

وواصل: لقد سجل الفراعنة أحداث زمانهم على جدران معابدهم، ثم جاء على مصر عصورا اعتمد فيه السرد التاريخي على روايات وحكايات ومشاهدات أدت مهمة التأريخ إلا أن أكثرها كان ركيكا وغير دقيق يعكس عصور التراجع المتتالية، وسلبياتها المتراكمة التي كادت أن تصيب مصر في مقتل، حتى أقعدتها عن ممارسة دورها التاريخي في الريادة الإقليمية المستندة إلى قوة فكرية وثقافية ثرية.

واستطرد: إلا أن الأحداث الأربعة المؤثرة مباشرة في مسار تاريخ مصر الحديث كشعب ودولة وأبكرها الحملة الفرنسية في جزئها المتعلق بقوتها الناعمة، ثم حكم محمد علي الذي أنشأ دولاب الدولة المصرية الحديثة، ثم الثورة الوطنية المصرية المصرية عام 1919، التي صاعت وأطلقت الضمير السياسي وشكلت الذهنية النشطة لمصر والمصريين، ثم جاء إعلان استقلال مصر في مارس 1922، فافتتح الطريق إلى نهضة ثقافية مشهودة وتشكيل قوة ناعمة غير مسبوقة، أنارت سبل العلم والمعرفة للمنطقة بأكملها، حيث كان الكتاب المصري عنصرا أساسيا في انتشارها، وكانت حرية الفكر والإبداع شبه مطلقة.

وأضاف: تلك الحرية اختلفت درجاتها بين العهدين الملكي والجمهوري، أو بين ماقبل وبعد 1952، ثم كان ما كان من هزيمة 1967، إلى حكم الإخوان مابين عامي 2012، و2013 حيث كان الجمود وانسداد الأفق وتراجع الإبداع، قيمة وفكرا وتأليفا ونشرا، ومن ثم فإن دور الكتاب المصري وعودته بقدر غير قليل من النشاط والحيوية عبر روايات كانت أم تأريخا وعلوما، كانت أفكارا وإبداعات بأقلام الشباب، إنما تبشر بمستقبل عظيم للقوة الناعمة المصرية بمختلف فروعها، وخاصة إذا كانت تتحلى بقوة المنطق وعمق البحث وثراء الإبداع والأداء المقنع، وهو ما يؤكده احتفال اليوم بكتاب "في قلب الأحداث".

وتابع: إلى هنا ملاحظة أراها مهمة، أن التاريح الأدبي لمصر وكتبها، خلا إلا قليلا من الكتب التي تتعرض للتاريخ الدبلوماسي المصري، والتي تعرض على شعب هذا البلد العظيم، تاريخ كفاح أبناءه من الدبلوماسيين، وتعلمهم أن نضال "القلم والسيف" صنوان، وأن نضال "القلم" أنواع يأتي في المقدمة منها النضال الدبلوماسي، وتاريخه المشرف الطويل.

وواصل موسي : لنراجع سويا، دور الخارجية المصرية في صياغة أسس السياسية الخارجية وممارسة المفاوضات السياسية والاقتصادية منذ عام 1922، مرورا بالعام 1936وحتى عام 1954، والتي انتهت بانسحاب الاحتلال البريطاني والاستقلال الكامل لمصر، وإقامة جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية، ثم دورها في صياغة أدبيات التفاوض المصري بعد تأميم قناة السويس وعدوان 1956، وفي محاولات انقاذ أرض الوطن بعد هزيمة 1967، وفي الصياغات التي أدت إلى الانسحاب الإسرائيلي من سيناء بعد الحرب المجيدة في 1973، وكذلك في مقاومة محاولات عزلة مصر بعد اتفاقيات كامب ديفيد، ودورها في صياغات وثائق ومبادئ حركة عدم الانحياز ومن قبلها في أدبيات الحياد المصري، ثم دورها في أحداث ميثاق الأمم المتحدة عام 1945.

واضاف موسب أن هذا كله هو القاعدة التي بنيت عليها مذكرات الدبلوماسيين المصريين في متابعاتهم لأحداث عايشوها وأسهموا فيها، ومن هنا يأتي اهتمامنا بإطلاق كتاب اليوم "من قلب الأحداث"، الذي يحمل بين طياته تحية إلى كل من كتب وأرخ للدبلوماسية المصرية وترحيبا بمن سيلحق به من مؤلفات تسجل تجليات هذه الدبلوماسية العتيدة.

وقال موسي: أعجبني في كتاب نبيل فهمي "حسن السرد" وتسلسل العرض، ولانه يتضمن مايدعو إلى شحذ الفكر وتنشيط النقاش حول أمور عديدة في مرحلة مهمة من تاريخ مصر وتأثيرها على دور مصر الاقليمي والدولي، مضيفا: شعرت بما شعر به نبيل فهمي في الكتاب، من حيث الانتقال من العمل الدبلوماسي والسياسي، والفوارق بين تلك الخبرات.

وتابع: يجب الإشارة إلى ما ذهب إليه نبيل فهمي إلى أنه حماية للسلام، يجب إعادة تشكيل تحالف دولي راعي وداعم لعملية السلام العربي وحل الدولتين وفقا للأسس المحددة لذلك منذ قراري مجلس الأمن 242، و 338، وذلك ضمن ما تطرق إليه الكتاب حول القضية الفلسطينية، ربما يشعر البعض أن الزمن جاوز ذلك، بسبب إصرار لا يبدو أنه قد تغير للسياسة السلبية الإسرائيلية في هذا الصدد، وإيمان بالغ بالمصالح الشخصية على الجانب الفلسطيني، وأولوية تراجعت على المنزلق الأوروبي، وانحياز واضح ومقيت للإدارات الأمريكية المتتابعة وكان آخرها تلك الإدارة السابقة التي طرحت مادعته بـ"صفقة القرن"، وهو تعبير يدعو للأسف والسخرية في الوقت ذاته.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved