كبار الصنعة يقيّمون مسلسلات رمضان: الاختيار يعزف منفردا.. وجزيرة غمام يحجز مكانة هامة فى الدراما المصرية

آخر تحديث: الأحد 1 مايو 2022 - 10:14 م بتوقيت القاهرة

تحقيق ــ إيناس عبدالله:

مدير التصوير محمود عبدالسميع: الصورة تم توظيفها دراميا على أعلى مستوى بـ«راجعين يا هوى» و«المشوار» و«بطلوع الروح»
المخرج محمد فاضل: تألق واضح لعدد من المخرجين.. وهذا العام أفضل مما سبقه
الكاتب مجدى صابر: سعيد باختفاء ظاهرة مسلسلات البلطجة
الكاتب عاطف بشاى: كوميديا الإيفيه لا تزال متسيدة المشهد.. ولكن انخفاض أعداد ورش الكتابة مؤشر جيد

مع اختلاف الآراء وردود الأفعال حول الأعمال الدرامية المشاركة فى الماراثون الدرامى هذا الموسم، تبقى آراء كبار الصنعة لها مكانتها المتميزة، فهى آراء لها ثقلها وقيمتها، خاصة أنها مبنية على خلاصة تجارب عديدة، ومشوار ملىء بالأعمال الهامة الراسخة فى أذهان الجمهور، والمتربعة فى قلوبهم، وهو ما أهّلهم للحصول على لقب «الأستاذ»، ولذا لم تكن مبالغة من الكاتب عبدالرحيم كمال مؤلف مسلسل «جزيرة غمام» الاحتفال بالمنشور الذى كتبه الكاتب الكبير محمد جلال عبدالقوى على حسابه عبر «فيسبوك»، يشكر فيه كل العاملين بمسلسل «جزيرة غمام» و يقول لهم «لقد أنقذتم ماء وجهنا»، رغم ردود الأفعال الكثيرة التى حققها المسلسل، لكن تبقى شهادة الكاتب محمد جلال عبدالقوى لها بهاؤها الخاص، واليوم ترصد «الشروق» فى هذا التحقيق بعض آراء أساتذة وكبار الصنعة الذين اتفقوا جميعا على عدة حقائق أهمها أن «الاختيار3» يعزف منفردا وغير قابل للمقارنة، وأن
«جزيرة غمام» حجز مكانة هامة له فى تاريخ الدراما المصرية.
كانت البداية مع المخرج محمد فاضل الذى قال:
هناك تميز واضح لعدد من المسلسلات هذا الموسم، شهد تألق عدد غير قليل من المخرجين، الذين قدموا رؤى إخراجية مختلفة ومتميزة، وتؤكد أن الإخراج الدرامى بخير، وأن المستقبل أفضل.
وتابع «فاضل»: مع زحمة الاعمال الدرامية المتنافسة هذا الموسم استقر قلبى وعقلى مع عدد من الاعمال أولها «الاختيار3» هذا المسلسل الذى فضح كل مؤامرات الجماعة الإرهابية الدنيئة، وأخرجه بشكل رائع المخرج بيتر ميمى، كذلك مسلسل «العائدون» للمخرج أحمد جلال، و«بطلوع الروح» للمخرجة كاملة أبو ذكرى، فقد ناقش كلاهما موضوعا غاية فى الأهمية وهو الإرهاب بشتى صوره المرعبة والدنيئة، فمخطئ من يظن أن الإرهاب انتهى، بل الحرب عليه مستمرة، ويبقى العمل الدرامى الرائع «جزيرة غمام» للمخرج حسين المنباوى الذى توقفت عنده كثيرا، يحظى على مكانة هامة فى قلبى، حيث شهد تألقا من الجميع تأليفا وإخراجا وتمثيلا، أما فى الكوميديا، فقد انجذبت كثيرا لمسلسل «مكتوب عليا» للفنان أكرم حسنى، وأعده من أحسن الأعمال الكوميدية الرائعة، وقد حرصت أن أتصل بأكرم حسنى وأهنئه على هذا النجاح وأتمنى أن يستمر المخرج خالد الحلفاوى فى الكوميديا، فهو يقدم لنا كوميديا محترمة ولا يوجد بها أى ابتذال، ويستطيع إعادة اكتشاف فنانين وتقديمهم فى أدوار متميزة.
وتحدث مدير التصوير محمود عبدالسميع عن التطور الذى شهده مجال التصوير هذا العام، وقال:
رغم أن شهادتى قد تكون مجروحة نظرا لأن ابنى إسلام عبدالسميع يشارك فى هذا الموسم من خلال مسلسل «جزيرة غمام»، لكن ما قد يرفع الحرج عنى أن المسلسل حقق نجاحا كبيرا، وأستطيع أن أقول ملاحظاتى، وللمفارقة، فلدىّ ملاحظات على عمل ابنى نفسه.
وتابع: منذ أن اقتحم السينمائيون مجال تصوير الدراما التليفزيونية، فالتصوير اختلف تماما، فقديما كان يتم استخدام الكاميرات لنقل الصورة، بنفس منهج نقل مباريات كرة القدم، بدون أى توظيف درامى، لكن حينما قدمت مع المخرج الراحل رأفت الميهى مسلسل «وكالة عطية» عام 2009، قدمنا صورة غير مسبوقة، حيث رفض «الميهى» تطبيق نفس نظرية «التليفزيونيين»، وثار عليهم، وهنا يأتى دور المخرج الواعى، الذى يسخّر كل الأدوات لخدمة العمل الدرامى، فنقلنا التقنية السينمائية للشاشة الصغيرة، وبعد أن تطورت الصورة، تطورت الإضاءة، فكان النظام المعمول به قديما، أن يقوم مدير الإضاءة بتنوير «اللوكيشن» كله، ثم يذهب لبيته لأن دوره انتهى، لكن هذا اختلف تماما، بعد اقتحام السينمائيين المجال، وأصبح كل شىء أقرب للسينما تصويرا وديكورا وإضاءة، لتكون أزمة الدراما التليفزيونية التى نعانى منها مؤخرا خاصة بالمضمون وليس لأى سبب آخر.
وتابع «عبدالسميع»: لذا من الطبيعى أن نشهد تطورا كبيرا فى التصوير الدرامى هذا الموسم، لأن الرؤية اختلفت، وبدأ يتم توظيف التصوير للخط الدرامى، إضافة إلى أن هناك ثورة تكنولوجيا حقيقية فى عالم الكاميرات، وعليه فأصبحت الصورة محل لفت انتباه من الجمهور العادى، وشاهدنا هذا بأنفسنا حينما أبدى كثيرون من مستخدمى مواقع التواصل الاجتماعى انبهارهم الشديد بالصورة خاصة فى مسلسلات بعينها منها «جزيرة غمام»، و«المشوار»، و«بطلوع الروح»، و«راجعين يا هوى» وغيرها، وأصبح اسم مديرى التصوير يتردد على مواقع «السوشيال» مثل أسماء النجوم والمخرجين، وهذا أمر لم يكن يحدث سوى مع المتخصصين، لكن بدأت الناس تبحث على التيتر على أسماء مدير التصوير، وكتابة إشادة لهم.
وأشار محمود عبدالسميع مدير التصوير الكبير للأسماء التى لفتت نظره هذا الموسم وقال: من الظلم ان أحدد أسماء دون أخرى، لأننى فى النهاية لم أشاهد كل الاعمال، وإذا أردت عمل مقارنة فلا يمكن الحكم إلا بعد مشاهدة الجميع، لكن هناك إجماعا على أسماء بعينها مثل عبدالسلام موسى مدير تصوير مسلسل «المشوار»، وحسين عسر مدير تصوير مسلسل «الاختيار 3» ومصطفى فهمى مدير تصوير «سوتس بالعربى»، ونانسى عبدالفتاح مدير تصوير «بطلوع الروح» ومحمد مختار مدير تصوير «راجعين يا هوى» وإسلام عبدالسميع مدير تصوير «جزيرة غمام».
وعن أهم ملاحظاته عن التصوير هذا الموسم قال: عندى ملاحظة لن يفهمها سوى المتخصصين فقط، متعلقة بطريقة العرض، فطريقة تصوير الفيلم الذى سيعرض على الشاشة الكبيرة، مختلفة تماما عن تصوير المسلسل الذى يعرض على الشاشة الصغيرة، وهو أمر لابد أن ينتبه إليه مديرو التصوير، فنسبة الاضاءة المستخدمة لابد أن تناسب وسيلة العرض الصغيرة، ولابد من تقليل نسبة الظل، كما ان هناك بعض الاعمال أضافت لونا غير طبيعى، أسباب علمية مش فنية ولا واقعية، فشاهدنا هذا الموسم اللون البرتقالى يغلب على كثير من الاعمال، وهو خطأ وشعرت ان به تقليد للآخرين، فما ينفع فى عمل لا ينفع فى آخر.
وبسؤال اذا كان أبدى توجيهات لابنه «اسلام» خاصة أنه كان يصور أثناء العرض فنفى قائلا: لم يسألنى اسلام فى شىء، ولم أقدم له أى نصائح، والأكثر من هذا أن كثيرين لا يعلموا انه ابنى، ولم يجمعنى به عمل واحد، فاسلام كان طالبا فى كلية الهندسة لمدة عامين، قبل أن يحسم مستقبله ويلتحق بمعهد السينما، ونصحته أن يلتحق بقسم إخراج، لكن فوجئت به يلتحق فى قسم التصوير، وكل ما قلت له فى موقف جمعنى به قديما قبل أن يبدأ دراسته أن تكون عينه مع عقله، وأن يبحث عقله عن المكان والزاوية المناسبة للتصوير، وبخلاف هذا لم نتحدث مرة أخرى عن التصوير أبدا، وأتصور أن الصورة هذا الموسم، كانت ستحقق إنجازا أكبر، وجمالا رهيبا، اذا اختلفت الظروف التى يتم تصوير الأعمال بها، فكما ذكرت أن التصوير والعرض يجريان فى نفس التوقيت، وعليه يواصل كل أفراد المسلسل الليل بالنهار للانتهاء من التصوير، وتصل عدد ساعات العمل لأكثر من 18 ساعة متتالية، وهو أمر مرهق للغاية، ولا يشجع على الإبداع بشكل كبير.
ومن الإخراج والتصوير، انتقلنا لعنصر التأليف، الذى أشاد به الكاتب الكبير مجدى صابر وقال: مستوى الدراما هذا الموسم أعلى من السنوات السابقة، ويكفى أننا شاهدنا دراما اجتماعية حقيقية، ناقشت قضية التعليم فى مصر، من خلال ثلاث مسسلسلات، وهى نسبة جيدة جدا، خاطب صناع هذه المسلسلات، شريحة كانت غير مستهدفة وهى شريحة ما قبل الالتحاق الجامعى، من المراهقين، وهو جمهور هذه المسلسلات، بداية من مسلسل «مين قال»، و«دايما عامر» و«دنيا تانية»، وهى أعمال كما ذكرت تستهدف الشباب، وتقود حملة وعى للجمهور، كما شهد هذا الموسم تطورا كبيرا فى الأعمال الكوميديا، والتى كانت محل اعتراض السنوات الأخيرة، فقد كانت الاعمال الكوميدية فى المواسم السابقة «لا تضحك» وقوبلت بحملة هجوم شديدة، وهو ما تسبب فى انخفاض أعدادها بشكل كبير، ولم يصبح لها مكانة متميزة كعادتها على قائمة اختيارات المشاهد، لكن هذا الموسم نجح مسلسل
«الكبير أوى 6» فى حشد الأسر المصرية لمشاهدته، وكان أحمد مكى بطل العمل من الذكاء أن يستعين بمجموهة هائلة من الوجوه الجديدة مثل الممثلة «رحمة» وقدمت لنا جرعة ضحك محترمة نابعة من الموقف.
وتابع مجدى صابر: وتميز الموسم هذا العام بالتنوع الشديد، فكما شاهدنا الكوميديا والاعمال التى تناقش أزمة التعليم، كانت هناك مسلسلات اجتماعية جيدة مثل «راجعين يا هوى» ومسلسلات ملحمية مثل مسلسل «جزيرة غمام» وهو عمل ملحمى يعكس هم مؤلفه عبدالرحيم كمال بقضايا الوطن والانتماء والخير والشر، وهو مسلسل بلغتنا «تقيل» وكل من عمل فيه أبدع، وبزغ عنصر الكتابة فى أكثر من عمل درامى هذا الموسم منها «بطلوع الروح» الذى تميز فى الكتابة والإخراج والتمثيل، وأبدعت فيه منه شلبى وإلهام شاهين وأحمد السعدنى، والملفت هذا الموسم هو اختفاء مسلسلات «البلطجة»، وهو أمر يسعدنى كثيرا، فقد كانت هذه النوعية من الاعمال ظاهرة مؤسفة من ظواهر الدراما التليفزيونية التى انتشرت فى السنوات الأخيرة، فعلى الخريطة الدرامية هناك تقريبا مسلسل واحد عن البلطجة، بينما احتل مكانها أعمال وطنية، هادفة، تجسد بطولات أبناء هذا الوطن، وتفضح المؤامرات التى كانت تحاك ضدها، وتحقق نسب مشاهدة كبيرة جدا، مثل مسلسل «الاختيار3» وهو العمل الذى قدم لنا وثائق غير مسبوقة، وانفرد بفيديوهات كشفت لنا الكثير والوجه الحقيقى لهذه الجماعة، وأيضا مسلسل «العائدون».
ورغم اعتراضه على كثير من الأشياء الخاصة بمجال التأليف، لكن اعتبر الكاتب الكبير عاطف بشاى أن انخفاض أعداد ورش الكتابة هذا الموسم مؤشر هام لابد ان نقف عنده وقال:
هناك إيجابية توقفت عندها كثيرا هذا الموسم، وهو تخلى معظم المسلسلات عن فكرة الورش، البديل المؤسف للمؤلف، لكن كما يقول المسلسل «يا فرحة ما تمت» فلست راضيا بشكل كبير عن مستوى الأعمال الدرامية هذا الموسم، فما زال السيناريو فى أزمة، والحبكة الدرامية فى أزمة، لم يستطع أبناء الجيل الجديد إيجاد حل لها، فيما عدا عبدالرحيم كمال، مؤلف مسلسل «جزيرة غمام» الذى لا
أصنفه من ضمن أبناء هذا الجيل، ولا الكاتب إبراهيم عيسى، الذى ناقش قضية هامة فى مسلسل «فاتن أمل حربى»، ومسلسل «الاختيار» لا يمكن وضعه فى مقارنة مع كل الأعمال الاخرى، لأنه عمل وثائقى أقرب منه للدراما، فلقوة القضية التى يطرحها، وهى الخاصة بكشف الإخوان وفضحهم، والاعتماد على الوثائق المسجلة بالصوت والصورة، فهو فى مكانة خاصة به، يلعب فى منطقة بعيدة عن الماراثون الدرامى، وما دون هذه الاعمال، فالحق اننا لابد أن نقف وقفة جادة لتصحيح الوضع، حتى الكوميديا، فرغم أنها حققت نجاحا كبيرا، لكنه نجاح فارغ، معتمد على الإفيهات، وكان من الممكن ان نستغل هذا الحشد، ونقدم قضية تستحق النقاش»، ربما هذا الموسم هو أفضل من الموسم الماضى، لكنه ليس الاحسن، فى ظل الاعتماد على ناس بلا خبرات ولا موهبة.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved