تقرير: تينوبو يحتاج إلى أكثر من خبرته السياسية لوقف الاستياء المتزايد في نيجيريا
آخر تحديث: الخميس 1 يونيو 2023 - 9:43 ص بتوقيت القاهرة
واشنطن أول حزيران/ يونيو (د ب أ)- أصبح بولا أحمد تينوبو ، وهو محاسب وسياسي نيجيري، رئيسا منتخبا في نيجيريا بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 25 من فبراير الماضي.
وقد بدا في مرتين خلال العامين والنصف الماضيين بشكل مؤكد أن بولا تينوبو سيفشل في تحقيق الهدف من كل مساعيه السياسية. كانت المرة الأولى في أكتوبر 2020 عندما أعرب بعض المتظاهرين خلال احتجاجات ضد عنف الشرطة، وخاصة وحدة مكافحة السرقة، المعروفة باسم "سارس"، عن إحباطهم إزاء المؤسسة السياسية النيجيرية من خلال مهاجمة استثمارات وممتلكات يعتقد أنها خاصة بتينوبو، ومن بينها قناة "تي في سي" النيجيرية وصحيفة "ذا نيشن" وفندق "لاجوس اورينتال" في جزيرة فيكتوريا.
وقال الأكاديمي النيجيري الأمريكي إبينيزر أوباداري في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في واشنطن إن شدة الهجمات والضرر الذي لحق بسمعة تينوبو – أظهرا أنه يبدو أنه لا يمكنه استعادة قبول شعبي واسع النطاق، ناهيك عن الدخول في تحد حقيقي للفوز برئاسة البلاد. وباستعادة الأحداث الماضية، كانت الهجمات بمثابة تحذير مسبق لنتائج الانتخابات الرئاسية في لاجوس، على الرغم من وجود عوامل أخرى.
وكانت المرة الثانية في العام الماضي خلال الانتخابات التمهيدية الرئاسية لحزب مؤتمر عموم التقدميين، عندما واجه تينوبو تحالفا معارضا داخل حزبه بدا مصمما على بذل كل ما بوسعه لمنعه من نيل ترشيح الحزب.
واعتبر أوباداري أن نجاح تينوبو في التغلب على كل هذه التحديات، ومن بينها خلال موسم الحملات الانتخابية، عندما تعرض لبعض من أسوأ الاتهامات لزعيم سياسي نيجيري في الذاكرة الحديثة، يؤكد إصراره وتحمله. ومع ذلك، فإن إصراره وتحمله لا يضمنان النجاح السياسي، وفي حالة تينوبو، يجب أن يجتمع الإصرار والتحمل مع بعد النظر والتفكير الاستراتيجي، الذي يعني دائما القيام بـ"استثمارات" في الشعب والمجتمعات التي لا تعني الكثير أو لا تعني شيئا لمراقب.
وهذا ما كان تينوبو يشير إليه بإعلانه في يونيو 2022، والذي أصبح سيء السمعة الآن، عندما قال "لقد حان دوري"، وأنه قد فعل ما عليه- لأشخاص وكيانات ومجتمعات عرقية واجتماعية وثقافية متنوعة في مختلف أنحاء البلاد، وأنه حان الوقت لأن يستفيد بدوره هو أيضا. ويرى منتقدوه أن مفهومه التجاري للسياسة والشعور بأنه يستحق شيئا مقابل ما قدمه، هو بالضبط المشكلة.
ورأى أوباداري، كبير الباحثين في دراسات أفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية، أنه بالنسبة للجيل الأصغر، والذي يشعر العديد منهم- وهو أمر مفهوم- بعدم الثقة في آفاقهم الحالية وبعيدة المدى في البلاد، يجب أن تقوم إدارة تينوبو بجهد واع وحقيقي لتوفير الفرص وزيادة الحراك الاجتماعي وتعميق الثقة الشعبية في المشروع النيجيري.
وستلعب هذه المجموعة، المتعمقة في وسائل التواصل الاجتماعي والتي تمتلك قوة هائلة داخل صناعة المعلومات والترفيه ذات النفوذ المتزايد في نيجيريا، دورا حاسما في كيفية فهم الجمهور ووسائل الإعلام الدولية المهمة، لتينوبو وإدارته في الأعوام المقبلة.
في الوقت نفسه، يجب على تينوبو أن يبذل قصارى جهده لإقناع المجتمع المسيحي أن مخاوفه بشأن التهميش السياسي والدونية الاجتماعية لا أساس لها. وبعيدا عن السياسة الرمزية، يتعين أن يتحرك سريعا للسيطرة على الهجمات التي يشنها رعاة الماشية من قبائل فولاني على المجتمعات المسيحية وأماكن العبادة، خاصة في الحزام الأوسط، ولكن أيضا في مختلف أنحاء البلاد بشكل عام.
ووفقا للجمعية الدولية للحريات المدنية وسيادة القانون ومقرها ولاية أنامبرا، قتل ما لا يقل عن خمسة آلاف مسيحي في نيجيريا في عام 2022، بينما قتل أكثر من ألف في الأشهر الثلاثة الأولى فقط من عام 2023..
وقال أوباداري أستاذ علم الاجتماع في جامعة كانساس سابقا والباحث في المجتمع المدني والتغيير الاجتماعي والدين في السياسة والعلاقات الدولية، إنه على الرغم من أن التحديات السياسية السابقة تبدو مخيفة، فهي لا تمثل شيئا مقارنة بالموقف الذي يواجهه تينوبو على الجبهة الاقتصادية، حيث تواصل مشكلات مثل الديون والاعتماد على عائدات النفط والاضطراب الصناعي وزيادة البطالة وثقافة الهدر المزمنة، احباط روح المبادرة لدى المواطنين النيجيرين العاديين وتقوض توقعات أصدقاء وحلفاء البلاد.
وتابع أوباداري أنه بينما لا حاجة لإدراك خارج الحواس لتمييز ما الذي ينبغي القيام به- وهو تنويع الاقتصاد والالتزام بانضباط مالي والاستثمار في البنية التحتية وضمان الشفافيه والحد من الهدر العام وإطلاق العنان للقطاع الخاص- إلا أنه لا يزال بعيد المنال عن الاجيال المتعاقبة من القادة السياسيين ويعد من أكثر الألغاز المستمرة في الحالة النيجيرية.
وبقدر استعداد تينوبو للتصدي لهذه المشكلات، وبينما يتعين عليه السيطرة على زخم الأحداث غير المتوقعة لكي لا تغمره وتعصف به، هناك شيء واضح تماما لكل طالب في نيجيريا، وهو أن أمامه فرصة ضعيفة للنجاح إذا لم يواجه أولا شبح الفساد.
وبينما حاول كل زعيم في الذاكرة الحديثة وفشل- وهي نتيجة يمكن تفسيرها جزئيا بحقيقة أن الفساد في نيجيريا، أصبح أمرا مألوفا وغير قابل للإصلاح من جانب واحد، مهما كان جادا- يواجه تينوبو تحديا كبيرا في هذا الأمر، وفي ظل سيل الاتهامات بالفساد التي وجهت إليه مؤخرا، يتعين عليه إقناع الشعب المتشكك أنه نزيه ومخلص في وعده بـ"تغيير عقليتنا" "وقتل الفساد في مجتمعنا". وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كشفت وكالة بلومبرج للأنباء أن أولواسي (37 عاما) نجل تينوبو اشترى قصرا في لندن كانت الحكومة الاتحادية تعتزم مصادرته "بسبب عملية احتيال مزعوم بمبلغ 6ر1 مليار دولار".
وستنهار الشرعية الأخلاقية المحدودة لإدارته سريعا إذا كان لدى الشعب سبب للاعتقاد بأن الهدف الأساسي لوجوده كرئيس للبلاد هو الاستمرار في العمل التجاري كالمعتاد بينما يقوم بتحقيق مصالح عائلته.
واختتم أوباداري تقريره بالقول إنه في ظل تخطيطه للوصول إلى الرئاسة منذ انتهاء فترة ولايته كحاكم لولاية لاجوس في عام 2007، كان لدى تينوبو ما يكفي من الوقت للاستعداد لهذا الدور. ويتعين عليه الآن أن يبرهن أنه قضى نفس الفترة في التفكير في الطريقة التي سيحكم بها.