جباليا.. إحدى القرى العربية الكنعانية الأولى التي ذاع صيتها بعد الانتفاضة الفلسطينية ‬

آخر تحديث: السبت 1 يونيو 2024 - 5:15 م بتوقيت القاهرة

منال الوراقي

تصدرت مدينة جباليا ومخيمها الشهير محركات البحث بعد الهجوم الإسرائيلي الغاشم، خلال الفترة الماضية، والمواجهات بين قوات الاحتلال وحركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، والتي انتهت بانسحاب الجيش الإسرائيلي بعد عملية عسكرية استمرت 17 يوماً، مخلفًا دمارًا واسعًا غير مسبوق خاصة في مخيم جباليا ومحيطه.

- فماذا نعرف عن مدينة جباليا الفلسطينية؟

تقع مدينة جباليا شمال قطاع غزة، حيث يحدّها شرقاً الخط الأخضر الذي يفصلها عن إسرائيل، وشمالاً مدينتا بيت لاهيا وبيت حانون.

لعبت الحروب التي شهدتها المنطقة دوراً كبيراً في تضخّم عدد سكان مدينة جباليا، بدءا من حرب عام 1948، فيما قد ذاع صيتها عالمياً بعد أن انطلقت منها الشرارة الأولى للانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987.

- القرى العربية الكنعانية الأولى

ووفقا لوسائل إعلام فلسطينية، فقد عرفت قرية جباليا بأنها من القرى العربية الكنعانية الأولى، حيث أطلق عليها الرومان اسم جبلايا باللغة السريانية في أواخر القرن الرابع للميلاد، واستوطنوا فيها وأقاموا على جزء من أراضيها قرية أزاليا في الفترة ما بين عام 395 حتى 636 ميلادية.

وبعد هزيمة الرومان في معركة اليرموك دخل الفلسطينيون في الإسلام، وتعرّب سكان جباليا وتعرّبت لغتها بامتزاج أبنائها في ظل الحضارة الإسلامية مع القبائل العربية القادمة من الجزيرة العربية، وظلت محتفظة بطابعها الإسلامي على مرّ العصور.

جباليا من القرى الممولة لغزة والمشهور أن الأمير سنجر علم الدين الجاولي، الذي تولّى نيابة غزة عام 1306 ميلادية، قد امتلك جزءاً من أراضي جباليا وأوقفها على المدرسة والجامع اللذين أنشأهما في غزة، وأنزل فيها مماليكه الشراكسة الذين اشتغلوا فيها بالفلاحة وأنشأوا البيوت والكروم والبساتين.

وفي سبعينيات القرن التاسع عشر للميلاد، كانت جباليا والنزلة من القرى المموّلة لمدينة غزة في الغالب بالخضار والفواكه والزيت والزيتون كما وصفها طومسون سنة 1857 ميلادية، وكان لكل قريةٍ بئر واحدة تروى منه.

واشتهر سكانها في زراعة الحمضيات واللوز والتين والزيتون وتربية الطيور والمواشي، لذلك اعتمدوا في زراعتهم على مياه الأمطار والآبار الإرتوازية مما جعلهم يتفوّقون على غيرهم في هذا المجال.

واحتفظ سكان جباليا من الفلسطينيين بأرضهم وهويتهم الدينية والثقافية حتى جاء الانتداب البريطاني أولاً، ثم الاحتلال الإسرائيلي ثانياً، باغتصاب مساحاتٍ شاسعةٍ من أراضيهم، وتجريف آلاف الكيلومترات منها، وفق ما نقلت فضائية الميادين اللبنانية.

- نشأتها بأسباب دينية وحربية

ورثت قرية جباليا موقعها من القرى العربية الكنعانية الأولى، وارتبطت في نشأتها بأسباب دينية وحربية كباقي قرى فلسطين، فنجد أسماءها تسبقها كلمة بيت أو دير أو مقام لتلتف مباني القرى حولهم.

وكذلك الحال عند أهالي قرية جباليا سابقاً، والتي تجمعت مبانيهم حول جامعهم الكبير، وهو جامعٌ أثري قديم بمنارة ظاهرة في جباليا ألا وهو جامع جباليا القديم والمسمى المسجد العُمري.

وكانت تقام فيه صلاة الجمعة ومعظم المناسبات الدينية، وله أوقاف وافرة، وكانت إلى جانب الجامع القديم زاوية قديمة لبعض الشيوخ من المغاربة الذين نزلوا فيها في القرن العاشر للميلاد، الخامس للهجرة النبوية، وفيها قبور تاريخية.

- أهم الكنائس في بلاد الشام

وبها الكنيسة البيزنطية وهي من أهم الكنائس في بلاد الشام، ويرجع تاريخ بنائها إلى سنة 444 ميلادية، في زمن الإمبراطور البيزنطي ثيودوسيوس الثاني، الذي حكم ما بين سنة 408 حتى 450 ميلادية، وقد استمر وجودها منذ الفتح الإسلامي لفلسطين سنة 637 ميلادية وحتى العصر الإسلامي العباسي، في زمن الخليفة أبو جعفر المنصور.

وبذلك فقد عاصرت الكنيسة 24 إمبراطوراً بيزنطياً، و14 خليفة مسلم، ما دلل على مدى التسامح الديني الذي تمتع به المسيحيين في العهد الإسلامي، وقد اشتملت الكنيسة على 16 نص كتابي بالكتابة اليونانية القديمة، وذلك العدد لم يوجد في أي كنيسة في بلاد الشام على الإطلاق.

- المقبرة الرومانية

وتضم أيضا المقبرة الرومانية، التي تعد من أهم المواقع الأثرية التي تعود للعصر الروماني في مدينة جباليا، وهي عبارة عن تلة من الكركار "صخر رملي"، ترتفع عن سطح البحر 18 متر، وتحتوي على هرّابات؛ وهي عبارة عن صهاريج مبنية من الحجر.

إضافة إلى اكتشاف مجموعة من القبور المنحوتة في طبقة حجر الكركار، وأخرى بُنيت من مداميك حجرية من الحجر الرملي الصلب، والكشف عن مجموعة الجرار الفخارية التي كانت تُستخدم لرفات الأطفال، وتتجه تلك القبور أغلبها باتجاه شرق غرب، والباقي يتجه شمال جنوب، إضافة إلى العثور على قطع من حلي ذهبية وبعض المشغولات العاجية.

-؛الشرارة الأولى لانتفاضة الأقصى

وتضم جباليا مخيمها الشهير، الذي أُنشئ عام 1948، ويعد من أكبر المخيمات الفلسطينية وأكثرها اكتظاظا بالسكان، حيث يقع إلى الشمال الشرقي من مدينة غزة، وعلى مسافة كيلو متر عن الطريق الرئيسي غزة ـ يافا.

وكان المخيم الشرارة الأولى للانتفاضة الأولى للأقصى انطلقت من مخيم جباليا في 8 ديسمبر 1987، عقب إقدام سائق شاحنة إسرائيلي على صدم 4 عمال فلسطينيين وقتلهم، ما أدّى إلى موجة غضب عارمة بدأت في المخيم ثم عمّت مختلف المدن.

ونصب عددٌ من سكان المخيم عدة كمائن لمجندين إسرائيليين، كانت النواة الأولى لظهور النشاط العسكري لحركة المقاومة "حماس"، وفق ما نقلت الحرة الأمريكية.

وانتهت "الانتفاضة" بانخراط الفلسطينيين والإسرائيليين في محادثات سلام لأول مرة انتهت بتوقيع اتفاق أوسلو عام 1993، لكن مع فشل مسلسل السلام، صار المخيم مسرحاً للاشتباكات المتواصلة مع القوات الإسرائيلية بسبب الاحتقان المستمر.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved