هشام مطر: انبهارى الشديد والكامل بالإنسان السبب الوحيد للجوئى إلى الكتابة
آخر تحديث: الجمعة 1 نوفمبر 2024 - 7:13 م بتوقيت القاهرة
كتبت ــ أسماء سعد ومحمود عماد:
تصوير ــ مجدى إبراهيم وإسلام صفوت:
• أحب الهندسة والموسيقى والأدب وأريد الاستقرار بالقاهرة فى مرحلة لاحقة
• «دار الشروق» برعت فى دمج الصور بالنص داخل الكتاب
• إبراهيم المعلم: هشام مطر وأهداف سويف نجمان ساطعان فى عالم الأدب والإنسانية بشكل عام والتعامل معهما أمر ممتع.. والجائزة الكبرى هى رضا القراء
• أهداف سويف: دومًا ما نلمس «الوعى» فى كتابات مطر وأعماله نالت جوائز رفيعة
• محمد أبو الغار: «شهر فى سيينا» عمل ممتع ويحتاج إلى تركيز كبير
وسط أجواء غير تقليدية ــ حيث سادت حالة من المرح الذى انعكس بوضوح على تعليقات الحضور الشبابى الذى ملأ القاعة، وتبادل الكاتبان مطر وسويف، الملاحظات والردود بروح خفيفة وحوارات ذكية أثارت الضحك والتصفيق بين الحضور ــ نظمت دار الشروق، حفل إطلاق كتاب «شهر فى سيينا» للأديب العالمى هشام مطر، وقد حاورته الأديبة أهداف سويف، بمبنى قنصلية، بوسط البلد، مساء الثلاثاء الماضى.
• أبرز الحضور
شهدت الحفلة حضورًا كبيرًا من الشباب والأدباء والنقاد وتفاعلهم مع هشام مطر وسط أجواء من خفة الدم والمرح، وذلك بحضور إبراهيم المعلم رئيس مجلس إدارة الشروق، وأميرة أبو المجد العضو المنتدب لدار الشروق، وأحمد بدير مدير عام دار الشروق، وعماد أبو غازى وزير الثقافة الأسبق، والدكتور محمد أبو الغار، الكاتب والمؤرخ محمد عفيفى، والدكتور مصطفى كامل السيد، والدكتور عاطف معتمد، والدكتور على مشرفة، والكاتب خالد الخميسى، والإعلامى أحمد المسلمانى والروائى نعيم صبرى، والدكتور محمد بدوى والروائية رشا العدلى، والروائية نورا ناجى، والروائية زينب عفيفى، والروائى أحمد صبرى أبو الفتوح، فضلا عن والدة الكاتب هشام مطر وزوجته ديانا.
كما حضر الندوة أيضا الكاتبة شيرين سامى، والكاتب محمد عبد النبى، والروائية منى الشيمى، والسفيرة ليلى بهاء الدين، والإعلامى خالد منصور، والكاتبة هبة عبد العليم، والكاتبة رشا سنبل، والروائى عمرو العادلى، والكاتبة هدى أبو زيد، والكاتب الصحفى إسلام وهبان، ونانسى حبيب مسئول النشر بدار الشروق، وعمرو عز الدين مسئول التسويق، والكاتب الصحفى طلعت إسماعيل مدير تحرير الشروق، والكاتب الصحفى أشرف البربرى مدير تحرير الشروق، ومحمد بصل مدير تحرير موقع الشروق، وهبة غريب مديرة مكتب رئيس التحرير بالجريدة.
وكان كتاب «شهر فى سيينا» النقطة المحورية للنقاش، لكن أسلوب الثنائى المميز حول الحديث إلى تجربة أدبية وفكرية ممتعة أشبه بجولة فكرية مشوقة.
كذلك الحضور الشبابى الكبير، المتشوق للانغماس فى الأجواء الأدبية، أضفى طابعًا من الحيوية والطاقة، فتفاعل بشكل عفوى مع التعليقات النقدية، والتى حضرها كتّاب ونقاد كثيرون، فكانت أجواء القاعة تنبض بروح الدعابة والتقدير مع كل تعليق جانبى ذكى من مطر أو سويف، وكأن النقاش عن الكتاب لا يقتصر على فكرته الأساسية فقط، بل يتعداه إلى حوار إنسانى فيه الكثير من العمق والضحك.
استهل إبراهيم المعلم، رئيس مجلس إدارة الشروق الحديث بأن كلا من هشام مطر وأهداف سويف، نجمان ساطعان فى عالم الأدب والإنسانية بشكل عام، وهشام مطر أديب كبير ومهم، والتعامل كناشر معه ومع وأهداف سويف أمر ممتع، موضحا أن مطر وسويف حاصلان على جوائز أدبية رفيعة لكن جائزة القراء هى الجائزة الكبرى للكاتب.
فيما عبر الكاتب والأديب العالمى هشام مطر عن سعادته بالتواجد فى القاهرة، والتى تمثل له الكثير من الأشياء المهمة، وقد عاش بها جزء مهم من حياته، وعلى الدوام يكون حاضرا فى ذهنى أن استقر فى القاهرة بمرحلة ما.
==أحب فن العمارة والموسيقى والأدب
وأوضح مطر أنه فى بداية مشواره، شعر تجاه الكتابة أن لديه الطموح الكافى ولكنه يفتقد «للقدرة» أو نقطة «بداية الطريق» للبدء فى هذا المشوار، وكان لذلك عوامل تاريخية وشخصية مرتبطة بى، موضحا أن كتاب أمريكا اللاتينية فى مرحلة ما، استطاعوا النهوض بمجال الكتابة والأدب، وتفجرت إبداعاتهم على الساحة العالمية ولفتوا إليهم الأنظار، ولكن فى منطقتنا، لم يحدث ذلك، وكان من الصعب أن يتم تحميل نجيب محفوظ مسئولية بمفرده، قام بها آخرون بشكل جماعى، مهما كان هذا الشخص عبقريا أو متفردا فهو فى النهاية شخص بمفرده.
وتابع: طوال عمرى مرتبط بثلاثة مكونات أساسية فى حياتى: أحب فن العمارة، ثم الموسيقى، وأيضا الشغف بالأدب، وانطلقت من ذلك لمشوارى الأدبى، وكان لدى تخيل أن المبدع يقوم بعملية الكتابة فى وقت تتدفق عليه الأفكار ويكون لديه كل ما يريد أن يقوله، ثم اكتشفت أنه العكس، وأن الكاتب يبدأ الكتابة حينما لا يكون لديه ما يقوله حاليا أو ما يدور فى ذهنه، حينها يحفز نفسه على بدء عملية الكتابة والانطلاق فيها.
وواصل: مسألة اختفاء الوالد احتلت أجزاء مهمة من أعمالى وتصادمت وتشابكت مع اعتبارات أخرى، موضحا أن هناك علاقة دوما تظهر ما بين الإبداع والاهتمام، فكل ما سوف تقوم بالإبداع حوله ستهتم به فى الواقع بشكل مختلف، ولو على سبيل الاهتمام برسم الأشجار، ستتغير علاقتك ونظرتك للأشجار فى الحياة والواقع.
== دار الشروق والاتقان الشديد فى إصدار الكتاب
وعبر بعدها مطر عن امتنانه لدار الشروق بسبب الإتقان فى الإصدار الخاص بـ«شهر فى سيينا»، وتضمين الصور ببراعة، كجزء أساسى من النص، والتى جاءت تماما فى سياق دقيق ويخدم المعنى المراد من الكتاب، موضحا أن أكثر ماحاول ان يراعيه داخل العمل هو إفراد مساحة «للتأمل» المرتبطة بالإنسان.
وقال بعدها: إن كتاب «العودة» كان تجربة فريدة من نوعها بالنسبة لتجربة الكتابة فى حد ذاتها، فشعرت أن الكتاب خرج من داخلى بشكل كبير، وبمجرد الانتهاء منه شعرت بالفوز والتحرر، وقبل أن يكون فى مرحلة خروجه للنور، ذهبت حينها إلى مدينة «سيينا» فى إيطاليا، ووجدت هناك أعمالا فنية فريدة ولافتة وملهمة، وكان العام نفسه الذى اختطف فيه والدى، وفى ذات المرات مكثت فى «سيينا» أياما متعددة، وتولدت علاقة أو رابط إبداعى ما، بينى وبين المدينة ولوحاتها وأعمالها الفنية.
وأوضح: خلال تواجدى فى سيينا كتبت 72 صفحة من «أصدقائى» وبمجرد أن كان لدى اطمئنان إلى أنهم على المستوى المطلوب، تركتهم وأمعنت فى كتابة «شهر فى سيينا»، وتراوحت عملية الكتابة بين العملين، إلا أن انتهيت من كتاب «شهر فى سيينا».
== الإنسان يرث تاريخ البشرية كلها بداخله
وأردف: أنا منبهر بكونى إنسانا، وأشعر أنها من أعظم وأجمل الأشياء التى حدثت لى على مستوى وجودى، ولا شىء يملؤنى فخرا أكثر من شعورى بمقدار الإنسانية بداخلى، فالإنسان يرث تاريخ البشرية كلها بداخله بشكل عملى وليس رمزى، والإنسانية فى حد ذاتها مسألة شديدة التعقيد، ومن هنا جاءت مكامن التأمل والإبداع والتمعن داخل أعمالى، فهذا الأمر مرتبط بعيش تفاصيل الحياة وليس الكتابة فقط.
«لو كنت مضطر لتلخيص سبب وحيد للجوئى إلى الكتابة، هو انبهارى الشديد والكامل بالإنسان»، هكذا عبر هشام مطر الذى أضاف: انبهارى بالإنسانية يمتد للقراءة أيضا والانجذاب إلى مكامن الإنسانية بداخل كل نص أقرؤه عن رجل أو امرأة أو طفل، عن الإنسان مهما كان توجهاته وخلفياته، وأن عمليات القراءة والكتابة المرتبطة بالإنسان التى تنقل إلينا إحساس الآخرين مسألة بديعة وحدث حضارى له أبعاد كبيرة للغاية.
أنا منشغل بطبيعة الوقت و صيرورته، فهناك أوقات معينة تمر دون أن نتذكر منها شئ، وهناك أوقاتا أخرى، إحساسنا بها يكون كامل الإدراك ومتشبعا بتلك اللحظات تماما على مستوى الوجود، والمبدع قادر على أن يجيد التعبير عن سنوات طويلة فى لحظات محدودة من الكتابة والنصوص، لذا فبالنظر إلى عملية الكتابة، أشعر بأنها «تخرج من عروقى».
وأفاد مطر بأن عبقرية الفن والإبداع أنه بلا أغراض مسبقة أو مستهدفات معينة تقع على كاهل المبدع، فوصف الأشياء وعملية الكتابة التى تثق فى أن القارئ سيصل إلى ما يريده الكاتب دون اتفاق مسبق، هو إحساس مميز، أشعر من خلاله أن القارئ هو «كاتب» معى أيضا.
وواصل فى بعض الأحيان أشعر بأن هناك تماهيا بينى وبين المعطيات من حولى، وهو ما يظهر تحديدا داخل «شهر فى سيينا»، حيث أصبحت النصوص التى كتبتها فى حالة تماهى تام مع اللوحات والأعمال الفنية التى رأيتها، فكان يحدث هناك نوع من «الإيقاع» بينى وبين اللوحات الفنية التى اتأملها، وكنت أرى أن اللوحات فى سيينا لاتقتصر قيمتها فى وجودها فقط، أو تاريخ إبداعها ورسمها خلال مدة معينة، وإنما هى عبارة عن تاريخ كامل من حياة الفنان ومشاعره ومسيرته وتجربته داخل لوحة واحدة، وهى مسألة آسرة.
واختتم: الكاتب عليه أن يختار طبيعة كل شىء فى أعماله، الطرق التى سوف يتخذها لتحقيق طبيعة الكتاب، والنصوص تظهر فى ذهن المبدع بشكل معين ينعكس فيما بعد على المنتج النهائى، مشيرا إلى أنه لا يعتقد كثيرا فى أن الكاتب عليه أن يكون مشغولا بفكرة الخلود الأدبى، وبالتالى يختار ألوان معينة كالرواية لكى يضمن له ولنصوصه الاستمرار، مشددا: يجب ألا يكتب الكاتب لكى تخلد نصوصه.
وقالت الكاتبة والأديبة أهداف سويف إنها تكن الكثير من الاحترام لأديب بحجم هشام مطر، وأن هذا اللقاء هو الأول له وجها لوجه مع الجمهور فى مصر بشكل موسع، هو مولود فى نيويورك حيث كان والده يعمل فى السلك الدبلوماسى، ثم غادر إلى ليبيا ومنها إلى القاهرة فى مصر، ثم استقر فى انجلترا للدراسة، وعند مرحلة مبكرة من عمره، تعرض لنقطة محورية ستؤثر على حياته وعمله ونظرته للحياة، وهى «اختفاء والده» المعارض الليبى البارز فى حوالى العام 1990.
وواصلت: هشام مطر مهندس قرر أن يصبح كاتبا روائيا، وكتاب «شهر فى سيينا» الذى نحتفى به حاليا فى النقاش، مختلف تماما عما سبقه من إبداعات، ويجب وضعه فى سياقه من بين باقى الأعمال، فأول كتاب لهشام كان رواية بعنوان «الاختفاء»، ثم «فى عالم الرجال»، وقد صدروا فى ترجمات «بديعة» عن دار الشروق، ثم كتاب «العودة»، والرابع «شهر فى سيينا»، وأخيرا «أصدقائى» الذى عاد فيه للرواية.
وقالت سويف: هشام يلاقى تقديرا كبيرا فى عالم الأدب والرواية، ستجده حاصلا على أغلب الجوائز الأدبية الرفيعة باستمرار، وكتبه تم ترجمتها لـ 28 لغة، لتتطرق بعدها إلى كتاب «شهر فى سيينا»، مشيرة إلى أن إلى كل فصل يحتوى على تأمل فى لوحة معينة من لوحات مدرسة «سيينا» بشكل لافت ومبدع، وأن هناك «انسيابية» طغت على نصوص الكتاب.
استطردت: هناك اهتمام دائم لدى مطر حيال «الوعى»، وأن تتمتع الشخصيات التى يكتب عنها بالوعى دائما، وأيضا التأمل، حيث تكون الأحداث مدعاة دائما لمساحة أوسع من «التأمل».
قال الطبيب والسياسى محمد أبو الغار، إن كتاب «شهر فى سيينا» ممتع للغاية، ويحتاج إلى تركيز شديد فى أثناء قراءته، موضحا أنه قرأ كل ما كتب هشام مطر باللغة العربية واللغة الإنجليزية، وأن اختيار لوحات سيينا للكتابة عنها، أمر مميز وغريب فى الوقت ذاته، بحيث تلهم تلك اللوحات هشام مطر للكتابة عنها، وقد جاء تناول تاريخ «سيينا» فى الكتاب شيئا عظيما بلا شك.
وقال الكاتب والروائى عمرو العادلى: احترت بين ما إذا كان «شهر فى سيينا» كتابا أو رواية لما فى السرد من حس ونفس روائى، وأرى أن أعظم الكتب هى ما يحيلك للتفكير فى كتب أخرى، كما رأى الإعلامى خالد منصور، أن الكاتب هشام مطر دائما يعبر عن علاقته مع الذات، بفخره الكبير بكونه إنسانا، وهذا تناول فى حد ذاته مختلف عن كتاب آخرين نظروا للعلاقة مع الذات بشكل وعلى نحو غير مرضٍ.