صناعة الفخار في قرية المشهدي بالشرقية تواجه خطر الانقراض.. والغاز طوق النجاة

آخر تحديث: الجمعة 2 فبراير 2024 - 10:45 ص بتوقيت القاهرة

على بعد أمتار قليلة من مدينة الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية تقع قرية المشهدي، التي تشتهر بين قرى محافظات الجمهورية بصناعة الفخار الأسمر بجودة عالية؛ نتيجة توارث أهلها المهنة واحترافها منذ أكثر من ثلاثة قرون، إذ تعد الصناعة مجال الكبير والصغير بين أهالي البلدة على اختلاف مواسم ما يتم صناعته طوال العام.

يقول الحاج أحمد أبو الخير، صانع فخار وابن قرية المشهدي، إن القرية بأكملها كانت تعمل في صناعة الفخار منذ أجداد الأجداد: "ورثنا المهنة من جدودنا من أكثر من 300 سنة، وبنورثها لعيالنا من بعدنا"، قبل أن يشير إلى أن القرية كانت تضم فيما مضى أكثر من 120 فاخورة (ورشة صناعة الفخار) لكنها الآن نظرًا لما يهدد المهنة من أزمات ومشاكل تراجعت إلى نحو 20 فاخورة فقط، وتراجع معها عدد الحرفيين صناع الفخار.

وأردف، خلال حديثه لـ«الشروق»: "بنصنع كل حاجة من أول حجر الشيشة والقلل الكولمان القلل الزير وقصاري الزرع، لكن عدم وجود سوق لتسويق المنتج بيضطرنا نبيع المنتجات بسعر قليل"، منوهًا بأن سعر 1000 حجر شيشة يبلغ 200 جنيه فقط، وهو ثمن زهيد مقارنة بسعر الحجر في الأسواق الذي يصل إلى أكثر من 5 جنيهات للحجر الواحد مقابل 20 قرشًا ثمن ما يتكسبه هو من بيعه، ما يعد سعرا غير عادل بالنسبة للمجهود الذي يبذل في تصنيعه.

يلتقط زكريا عبدالعزيز، 57 سنة، أحد صناع الفخار في القرية، أطراف الحديث ليؤكد لـ«الشروق»، أنه قد تعلم المهنة منذ كان طفلًا: "اتعلمت المهنة من وأنا طفل صغير كان عندي وقتها 7 سنين علشان أشيل الشغل عن أبويا، واتعلمنا المهنة عن جدود الجدود علشان كده هي في دمنا مدى الحياة وبنورثها لولادنا وولاد ولادنا، رغم إنهم فيهم دكاترة ومهندسين ومحاسبين، لكن بيشتغلوا بإيديهم مهنة جدودهم".

ويضيف محمد عطاالله، مدرس بالتربية والتعليم وأحد أبناء القرية الذي يعد بمثابة المتحدث باسم أهل الفخار هناك، أنه كان يعمل في المهنة منذ الصغر مع والده، لافتًا إلى أن جده من أدخل صناعة الفواخير بالقرية، ووقتها كانت معظم بيوت القرية تعمل في المهنة وكان أصغر «معلم في الشغلانة» ولا يزال يعمل في المهنة حتى الآن من وقت لآخر مع أولاد شقيقته، إلا أن المهنة تواجه خطر الانقراض.

وأوضح عطا الله، خلال حديثه لـ«الشروق»، أن المهنة تواجه مشاكل عديدة منها الحرق بالطرق البدائية عن طريق كسر الأخشاب، ما يعرضهم للمساءلة القانونية وتحرير محاضر عديدة من البيئة تصل الغرامات فيها لنحو 10 آلاف جنيه، فضلًا عن انعدام التسويق مما يضطرهم لبيع المنتج بأسعار زهيدة للتجار، والاعتماد على الإنتاج الكثير حتى يحقق مكاسب بالكاد تكفي ما يتقاضاه العمال والحرفيين في كل فاخورة.

وأشار إلى أنواع الفخار الذي يتم إنتاجه حاليًا: "جدي نقل فكرة الفخار الأسمر للقرية وكان كل الشغل الأسمر الموجود مدهون، لكن شغلنا فخار أسمر من جوا وبرا، ونسبة التسويق في الأسمر 100% وبالحجز كمان، لكن الفخار الأحمر حوالي 60%، وكانت البنات زمان بتصنع لكن دلوقتي بيساعدوا بس في نقل الفخار وكل شغلهم برا الفاخورة".

وعما يهدد الصناعة، يقول عطا الله، إن المهنة تواجه خطر الانقراض بسبب عدم اعتمادهم على الغاز الطبيعي، مشيرًا إلى أن إدخال الغاز الطبيعي سيساهم في انعدام نسبة التلوث، قبل أن يشير إلى أنهم يشعلون الفرن لأجل عملهم في الفخار من ساعتين إلى 3 ساعات لثلاث مرات حرق في الأسبوع، وحال دخول الغاز الطبيعي سيكون الأمر آمن بصورة أكبر.

وعن صناعة الفخار، يشير عطا الله إلى أن مهنة الفخار تحتاج لتراب معين مش أي تراب ينفع يتعمل منه فخار، لازم تراب أصفر يحتوي على مسامات متفتحة، وفي فترة الشتاء بنصنع حجر الشيشة فقط، لكن في الصيف الفخار بيتسحب أفضل علشان تسقيع المياه في القلة اللي هي فلتر رباني أفضل من الفلتر والثلاجة، مؤكدًا أن فخار القلة يعادل نسب الأملاح الموجودة بالمياه بصورة ربانية، ما يجعلها مياه مثالية للشرب وغير ضارة على الإطلاق نظرًا لأن نوع الطين المستخدم في صناعة الفخار يجب أن تكون مسامه مفتوحة.

واتفق صناع الفخار على أن الغاز يعد طوق النجاة بالنسبة للمهنة وحمايتها من الزوال، مؤكدين أنهم قد استغاثوا بالدكتور ممدوح غراب محافظ الشرقية حتى زار القرية ورأى أفرانهم والفواخير على الطبيعة، ووعد بالتنسيق مع الجهات المعنية لإدخال الغاز الطبيعي إلى القرية في أقرب وقت.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved