رغم تحريم مشاهدته.. مسلسل معاوية يتصدر التريند.. ومؤلف العمل يرد على الجدل المثار عليه

آخر تحديث: الأحد 2 مارس 2025 - 1:39 م بتوقيت القاهرة

رغم تحريم الأزهر الشريف مشاهدة الأعمال الدرامية التي تجسد قصص حياة الأنبياء والصحابة، وقبل بدء موسم شهر رمضان الكريم، أدلى الدكتور عبدالعزيز النجار عضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف، بتصريحات لوسائل الإعلام أكد فيها موقف الأزهر من هذه النوعية من الأعمال، المفترض عرضها خلال شهر رمضان، حيث أعلنت قنوات mbc عن عرض مسلسل "معاوية"، الذي يتناول سيرة الخليفة معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة الأموية في دمشق.

وشدد النجار في حديثه على أن دارالإفتاء المصرية أكدت أكثر من مرة على حرمة تجسيد جميع الصحابة، لشرف صحبتهم للنبي عليه الصلاة والسلام، إلا أن المسلسل الذي يعد الأضخم إنتاجا هذا الموسم، والذي تم تأجيل عرضه لأكثر من عامين، تصدر التريند عقب عرض أولى حلقاته أمس، وأصبح الأكثر رواجا وتداولا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وانتشرت تعليقات كثيرة لتحليل وانتقاد الحلقة الأولى سواء على مستوى الإيقاع، وجودة العمل مرورا بالحقائق التاريخية أو الديكورات والملابس، وآداء الأبطال.

وكتب أحد رواد موقع فيسبوك أنه لم يشعر بأجواء مكة ولم يشعر بمصداقية في الجو العام للعمل.

وأبدى آخر انزعاجه من خلو الحلقة الأولى من غزوة بدر وأحد، رغم التفاصيل الهامة في كل غزوة، وانتقد شكل المباني في دمشق التي لا تناسب الفترة الزمنية التي تدور بها الأحداث قبل 1400عاما، كما وجه انتقادات لاذعة لمكياج الفنانة التونسية سهير بن عمارة التي تلعب دور هند بنت عتبة.

وقال أحد رواد السوشيال ميديا إنه شاهد العمل من باب الفضول حتى يستطيع تقييمه بعد ان أثار جدلا كبيرا، وأبدى عدم رضاءه عن إخفاء مشاهد معركة أحد.

بينما انتقد كثيرون اختيار الأبطال، خاصة الفنان السوري سامر إسماعيل الذي أُسند إليه دور عمر بن الخطاب، الذي سبق وقادم بأداء نفس الشخصية في مسلسل "عمر" للمخرج حاتم علي قبل سنوات.

كما طالت الانتقادات الفنان أيمن زيدان الذي يلعب دور عثمان بن عفان، حيث كتب أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن عثمان بن عفان كان يضرب به المثل في الوسامة وحب الناس له، لكن جاء أداء أيمن زيدان وطريقة حديثه مخالفا وغير حقيقي لشخصية الخليفة الثالث للمسلمين الذي كان رجلا اجتماعيا وكريما.

-مؤلف العمل يرد على الجدل

من جانبه رد الكاتب الصحفي خالد صلاح، مؤلف مسلسل معاوية، على الجدل الذي أثاره العمل، من خلال منشور طويل كتبه عبر حسابه الرسمي بموقع فيسبوك، قال فيه: معاوية لم يكن مجرد رجل دولة، أو قائد عسكري يخوض معاركه على أسنة الرماح، بل كان إنسانًا، صاغته الأيام كما تصوغ النار الحديد، قاسيًا حين تستدعي الحاجة، ولينًا حيث ينبغي التروي والتدبر.

وتابع: حين بدأنا هذا المشروع مع MBC Studios، لم تكن غايتنا أن نصوغ حكاية تُضاف إلى سجل الروايات المتضاربة، ولم يكن قصدنا أن ننتصر لرؤية على أخرى، أردنا أن نقترب من معاوية، لا كخليفة نقش اسمه على دواوين الحكم، بل كإنسان وجد نفسه في قلب زلزال لا يهدأ، وأجبرته الحياة على أن يكون لاعبًا رئيسيًا في صراعات لم يخترها بنفسه، بل ألقتها الأقدار بين يديه.

وأضاف: "تأمل معي في ترو ماذا جرى في دراما التاريخ، تصور فتى نشأ في بيت العظمة، تحت سقف أغنى بيوت قريش، ثم فجأة تهتز الأرض من تحته، أخته رملة، الأقرب إلى قلبه، تترك أهلها وتفر مع زوجها إلى الحبشة، تاركة خلفها إرثًا من التساؤلات والوجع، وأمه هند، التي كانت سيدة مكة بلا منازع، تهوى أمام عينيه من قمة الجبروت إلى وادٍ من الخسائر والانكسار، فقدت أباها وأخاها وعمها في بدر، وظلت تحمل جراحها حتى جاء يوم أحد، فتنفست الصعداء بالانتقام المجرم المقيت، لكن الرياح لا تستقر طويلًا، فما لبثت أن وقفت بعد أعوام، وهي التي كانت تملأ الدنيا عنادًا، وقفت أمام النبي محمد بن عبد الله، ترفع صوتها بالشهادة، وتدخل دين من كانت بالأمس تسعى للنيل منه بالدم والنار ، كيف يقرأ فتى صغير (آنذاك ) في مثل عمر معاوية هذا المشهد؟ كيف يفهم التحولات الجارفة التي جعلت من قريش القوية، قريشاً المغلوبة، ثم من قريش المغلوبة بالأمس إلى القبيلة القائدة للدين الجديد؟"

وأوضح: "لم يكن معاوية رجل سيف كخالد بن الوليد، ولا ناسكًا زاهدا كعلي بن أبي طالب، ولا قارئا حافظا كعبد الله بن مسعود، ولا أقرب للنبي مثل حذيفة بن اليمان أو عمار بن ياسر، لكنه كان رجل التدبر الطويل والانتظار الصامت، من طفولته، أدرك أن الانتصارات ليست كلها في ساحات القتال، وأن الحرب ليست دائمًا حلًا، بل أحيانًا تكون الحرب هي المصيدة التي يقع فيها المتعجلون، تعلم أن النصر الحقيقي هو أن تصمد حين يسقط الآخرون، وأن تدير المعركة بالعقل لا بالغضب".

واستطرد: لكن أي حياة يمكن أن تمضي بلا خسائر؟ فقد أحب، وعرف مرارة الفقد. رحلت عنه زوجته الأولى، التي كانت أقرب إلى قلبه من كل شيء، مات ابنه عبد الرحمن، فانطفأت في داخله شعلة الأبوة، رأى أخاه يزيد ينهار أمامه تحت وطأة الطاعون، ولم يكن في يده سوى أن يشاهد الموت وهو يأخذ منه أحبته واحدًا تلو الآخر، ثم جاء حب آخر، ميسون بنت بحدل، لكن الحب وحده لم يكن كافيًا، لم تحتمل حياة القصور، لم تر في الذهب والحرير ما يغريها بالبقاء، فتركت كل شيء وعادت إلى البادية، إلى حياة البساطة التي لم يستطع معاوية، بكل ما لديه، أن يمنحها إياها.

وواصل: ثم جاءت الطعنة الكبرى، مقتل ابن عمه وخليفة المسلمين عثمان بن عفان، فجأة، لم يعد معاوية واليًا يدير شئون الشام من بعيد، بل أصبح الرجل الذي يرى نفسه مسئولًا عن دم عثمان، عن الثأر، عن تحقيق العدالة كما يراها هو من وجهة نظره، صار هو ولي الدم في عائلة تطالبه بالانتقام من القتلة".

وتطرق خالد صلاح للصراعات التي خاضها معاوية وقال: "لم يكن الصراع مع علي بن أبي طالب خيارًا سهلًا، ولم يكن كرهًا في الإمام العادل، ولكنه وجد نفسه وسط معادلة لم يعد يملك رفاهية الانسحاب منها، معادلة حكمتها السياسة بقدر ما حكمها الدم".

وأضاف: "حكايتنا في هذا المسلسل ليست عن رجل يبحث عن السلطة لمجرد السلطة، ولم تكن قصة رجل خُلق لينتصر أو يُهزم، بل كانت مسيرة رجل تعلم كيف يتحايل على الريح، كيف لا يواجه العاصفة بعناد المغامرين، بل بحكمة من يعرف أن البحر لا يخضع إلا لمن يتقن فن الإبحار، لهذا كان معاوية شخصية درامية بامتياز، لأنه لم يكن ذلك القائد الذي يحسم الأمور بحد السيف وحده، بل كان ذلك العقل الذي يحسب كل خطوة، ويدرك أن الزمن، في النهاية، هو أذكى اللاعبين".
واختتم الكاتب خالد صلاح كلامه: "في معاوية، لم نكتب التاريخ بمنطق المنتصر والمهزوم، لم نبحث عن الحقيقة في صياغاتها الجامدة، بل حاولنا أن نرى الإنسان خلف السياسة، وأن نعيد قراءة القصة بعيدًا عن صخب الروايات المتضادة، لم ننظر إليه كحاكم نقش اسمه في كتب التاريخ، بعض الكتب مجدت سيرته، وبعضها لعنته بلا هوادة، بل رأيناه كروح عاشت، وتألمت، وانتصرت، روح ساقتها الضرورة إلى الهدى أحياناً، وإلى الخطايا أحياناً أخرى، ثم سارت إلى قدرها مثل كل من سبقوها، المسلسل ليس عن صراع صحابة تقاتلوا، لكنه عن إنسان خاض صراعه الأول مع نفسه، ثم دارت به طاحونة الصراعات مخيراً أو مجبراً حتى نهاية العمر ".

جدير بالذكر أن مسلسل "معاوية"، بطولة لجين إسماعيل "معاوية بن أبي سفيان"، إياد نصار، أيمن زيدان، سامر المصري، وائل شرف، يزن خليل، عائشة بن أحمد، جميلة الشيحي، أسماء جلال، أيمن زيدان، سامر المصري، محمد قريع، خالد حمام، حكيم بلكحلة، حمد مراد، ياسين بن قمرة، غانم الزرلي، وهو من تأليف خالد صلاح، وإخراج طارق العريان وأحمد مدحت.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2025 ShoroukNews. All rights reserved