المحلل السياسي أندرو هاردنج: طموحات الصين تهدد تحالفات أمريكا مع جزر المحيط الهادئ

آخر تحديث: الثلاثاء 2 أبريل 2024 - 10:51 ص بتوقيت القاهرة

د ب أ

احتاجت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، إلى 4 شهور من المفاوضات الشاقة مع مجلس الشيوخ لتجديد تمويل اتفاقيات أمنية مع ثلاث جزر رئيسية في المحيط الهادئ، وهو ما يشير إلى عدم إدراك بعض دوائر صناعة القرار الأمريكي، إلى المخاطر التي تهدد المصالح الأمريكية الحيوية في هذه المنطقة في حين يتزايد النفوذ الصيني فيها.

وحذر أندرو هاردنج الباحث في مركز الدراسات الآسيوية التابع لمؤسسة هيرتيدج الأمريكية، من سقوط الولايات المتحدة في فخ التراخي والتخلف عن التطورات التي تشهدها المنطقة، مؤكدا أهمية تحرك واشنطن بسرعة وبشكل استباقي في مختلف أنحاء المحيط الهادئ لمواجهة الصين وحماية مصالح الأمن القومي الأمريكي فيها.

فالاتفاقيات المعروفة باسم "مواثيق الارتباط الحر" التي وجدت معارضة داخل مجلس الشيوخ لتجديدها، تمنح الولايات المتحدة امتيازات عسكرية حصرية في هذه الجزر مقابل مساعدات اقتصادية والاستفادة من البرامج الاتحادية لمساعدة ولايات ميكرونيزيا الاتحادية وجزر مارشال وجزر بالاو. وتلعب هذه الاتفاقيات دورا مهما  في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، حيث تسمح للجيش الأمريكي بإجراء اختبارات صاروخية وإقامة منشآت عسكرية في مواقع مميزة بالمحيط الهادئ والتصدي للطموحات الصينية في المنطقة. 

كما تمنح هذه الاتفاقيات الولايات المتحدة "حقوق المنع الاستراتيجية" والتي تسمح لواشنطن بمنع دخول أي قطع بحرية عسكرية تابعة لدول أخرى مثل الصين إلى المياه الإقليمية للدول الثلاث الموقعة على الاتفاقيات. في الوقت نفسه فإن أراضي دول الاتفاقية تمنح الولايات المتحدة تمددا للأغراض الدفاعية لتغطية مساحة من المحيط الهادئ أوسع من الولايات الأمريكية المتجاورة البالغ عددها 48 ولاية والتي تمتد من هاواي إلى الفلبين وإندونيسيا.

ويقول هاردينج مؤلف كتاب "الانتصار في الحرب الباردة الجديدة: خطة لمواجهة الصين" في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، إن الكونجرس والإدارة الأمريكية يحتفلان بتمديد البنود الاقتصادية الرئيسية في الاتفاقيات، لمدة 20 عاما إضافية. وإذا كان من حق الكونجرس والبيت الأبيض الاحتفال بتمديد البنوك الاقتصادية الرئيسية في الاتفاقيات لمدة 20 عاما أخرى، فلا يجب أن يشعر صناع السياسة الأمريكيين بالرضا عن النفس. وبدلا من ذلك عليهم مواصلة التحرك لتعزيز الشراكات الأمريكية في المنطقة. وإذا لم تستفد  الولايات المتحدة، من الفرصة الجديدة  لكي تكون  شريكا يعتمد عليه في منطقة المحيط الهادئ، منذ الآن وحتى أوائل أربعينيات القرن الحادي والعشرين، فإن فوائد الاتفاقيات الجديدة لن تتحقق بالكامل.

ويرى هاردينج أنه على الولايات المتحدة البدء بإعادة بناء الثقة مع دول المنطقة. فالتأخيرات والتحديات السياسية التي واجهها إقرار التمويلات الجديدة أثارت مخاوف قادة جزر المحيط الهادئ. وحذرت هيلدا هاين رئيسة جزر مارشال، من أن علاقات بلادها مع الولايات المتحدة "تتدمر تدريجيا" بسبب تأخير تجديد الاتفاقيات. 

كما أرسل سفيري أستراليا ونيوزيلندا لدى واشنطن خطابا إلى الكونجرس يعربان فيه عن قلقهما من تباطؤ عملية تجديد الاتفاقيات. وأرسل سفير اليابان خطابا إلى الكونجرس "للتأكيد على أهمية "مواثيق الارتباط الحر" لكل الشركاء أصحاب الفكر الواحد.

ويمكن أن تخفف واشنطن هذه المخاوف من خلال تعزيز صورتها كشريك اختياري للمنطقة، من خلال ثلاث نقاط. أولا منح أولوية أكبر للاتفاقيات أو المبادرات مع دول المحيط الهادئ، ومنها الكثير من البرامج في إطار الشراكة الاستراتيجية لأمريكا والمحيط الهادئ. كما يجب على كبار مسئولي الحكومة الأمريكية زيارة  دول المنطقة بانتظام، في حين لم يزر أي رئيس أمريكي أي من جزر المحيط الهادئ حتى الآن.

ثانيا، يجب توسيع نطاق الاتفاقيات لتشمل مجالات أخرى مشتركة ومنها محاربة الصيد غير المشروع وتوفير الأمن البحري لإنفاذ القوانين والتصدي لتهريب المخدرات، وتطوير مشروعات لتحسين الأوضاع البيئية، وجذب الاستثمارات الجديدة.

أخيرا، وفي حين يجب أن تحظى دول "مواثيق الارتباط الحر" بعلاقة خاصة مع الولايات المتحدة، على واشنطن السعي لتعزيز شراكاتها في مختلف أنحاء المنطقة. ومن دعم الاتفاقيات مع دول المحيط الهادئ، إلى تعزيز الشراكات القائمة  من خلال مبادرة "شركاء في المحيط الهادئ الأزرق"، حيث يمكن للولايات المتحدة تعظيم تفوقها على الصين من خلال هذه التحالفات، وتأكيد التزامها طويل المدى تجاه المنطقة.

وإذا فشلت الولايات المتحدة في تحقيق ذلك، فستفقد نفوذها لصالح الصين التي أصبحت أكثر عدوانية  في المحيط الهادئ. فالصين تستخدم حاليا حركة السياحة الإقليمية كسلاح، إلى جانب التدخل في وسائل الإعلام وانتهاك القوانين المحلية، في محاولة لإقناع دول جزر المحيط الهادئ، بالاعتراف بالصين وقطع علاقاتها الدبلوماسية مع تايوان. كما حققت الصين تقدما في مفاوضاتها لتوقيع اتفاقيات تعاون مع جزر المنطقة، وأبرزها مع جزر سولومون، والتي سمحت بنشر قوات أمن صينية في المنطقة، إلى جانب صفقات البنية التحتية لدول المحيط الهادئ التي تحتاج إليها بشدة. معنى ذلك أن النفوذ الأمريكي في منطقة المحيط الهادئ لم يعد أمرا مفروغا منه، في مواجهة التحدي الصيني المتزايد.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved