ندوة لمناقشة الصحافة الأدبية ودورها في تحديث المشهد الثقافي في معرض القاهرة للكتاب
آخر تحديث: الإثنين 3 فبراير 2025 - 7:51 م بتوقيت القاهرة
محمد حسين - تصوير: هبة الخولي
منصورة عز الدين: "الصحافة فضاءٌ إبداعي يمتزج بالأدب ويسهم في تطوره"
سيد محمود: "لم تكن الصحافة مجرد وسيط لنقل الأحداث بل قوة دافعة أساسية للحركة الوطنية وأفكار التقدم"
ضمن الفعاليات الثقافية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، استضاف جناح مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، اليوم الإثنين، ندوة بعنوان "الصحافة الأدبية والحداثة" بمشاركة الكاتب الصحفي سيد محمود، والروائية منصورة عز الدين، وأدار الحوار الدكتور محمد عبده.
وحضرها الروائي والشاعر اللبناني عباس بيضون، والكاتب إبراهيم فرغلي، ونانسي حبيب مسؤول النشر بدار الشروق.
وتحدثت الكاتبة منصورة عز الدين عن دور الصحافة الأدبية في تشكيل المشهد الثقافي وتحديث المجتمعات، مؤكدة أن الصحافة ليست مجرد وسيط لنقل الأخبار، بل كانت، ولا تزال، حاضنة للأدب ومنصة لنموه، مشيرةً إلى أن الفصل بينهما في العالم العربي غير مبرر.
وسلّطت عز الدين الضوء على التأثير المتبادل بين الصحافة والأدب، مشيرةً إلى أن القصة القصيرة كجنس أدبي مدينة للصحافة، حيث وفّرت الأخيرة منصة لنشر النصوص القصيرة، مما ساعد في انتشارها وازدهارها، خصوصًا في فرنسا ودول أخرى. كما أوضحت أن العديد من الأدباء لم يكتفوا بنشر أعمالهم عبر الصحافة، بل ساهموا في تطوير أساليبها ورفع مستواها الأدبي.
واستشهدت عز الدين بأسماء مثل إحسان عبد القدوس، الذي كان له تأثير عميق في المزج بين الصحافة والأدب، ومحمد التابعي، الذي عُرف بأسلوبه الأدبي في الصحافة. كما تطرقت إلى تجربة جمال الغيطاني، الذي بدأ كمراسل حربي، وساهم بأسلوبه الأدبي في إثراء الصحافة المصرية.
وانتقلت عز الدين إلى الحديث عن الصحافة الجديدة التي ظهرت في أمريكا خلال الستينات، والتي كان روادها من الأدباء، مثل جون ديديون، الذين استخدموا أساليب السرد الأدبي في الكتابة الصحفية. كما تناولت دور جابرييل جارسيا ماركيز في إحداث ثورة في الصحافة اللاتينية، حيث أرسى تقاليد كتابية جعلت الصحافة هناك من بين الأكثر تطورًا عالميًا.
وأكدت الكاتبة أن الصحافة ليست مهنة رديفة للأدب، بل يمكن أن تكون فضاءً إبداعيًا مكافئًا للأدب. وأشارت إلى أن الصحافة المصرية في الأربعينات والخمسينات قدّمت كتابات تفوقت في مستواها الأدبي على العديد من الأعمال الروائية الحالية، مما يدعو إلى إعادة النظر في طرق الكتابة الصحفية اليوم واستعادة بريقها الأدبي.
ومن جهته، أوضح الكاتب سيد محمود أنه قبل ظهور الصحافة، كانت الخطابة الوسيلة الأساسية للتأثير في الرأي العام وتوجيهه، حيث كانت المنابر الدينية والسياسية هي المصدر الرئيسي لتكوين الاتجاهات العامة. ومع دخول الصحافة، بدأ هذا الدور يتراجع لصالح الوسيلة المطبوعة التي ساعدت على نشر الأفكار وإتاحة النقاشات على نطاق أوسع، مما أدى إلى اتساع المجال العام وتعميق الحوار حول القضايا الكبرى.
أكد محمود أن الصحافة كانت في طليعة الحركات الوطنية، حيث لعبت دورًا رئيسيًا في دعم قضايا الاستقلال ضد الاحتلالات الأجنبية في العالم العربي. فمع ظهور الاحتلالات، أصبحت الصحافة أداة أساسية لتعبئة الجماهير، وكان العديد من القادة السياسيين مثل مصطفى كامل وغيرهم، مرتبطين بشكل وثيق بتأسيس الصحف واستخدامها كمنصة للدفاع عن الاستقلال الوطني، بدءًا من جهود يعقوب صنوع وصولًا إلى الحراك الوطني في منتصف القرن العشرين.
وأشار محمود إلى أن دور الصحافة لم يقتصر على القضايا السياسية، بل امتد إلى القضايا الاجتماعية المحورية، مثل تحرير المرأة، حيث كانت الصحافة النسائية واحدة من أهم وسائل الدفاع عن حقوق النساء والمطالبة بمساواتهن في المجتمع. كما ساهمت في إعادة تعريف الفن والمسرح في العالم العربي، إذ كانت الصحافة منصة أساسية للنقاش حول قضايا الفنون وتحولات الذائقة الثقافية.
وتطرق محمود إلى نقطة جوهرية، وهي أن ظهور الصحافة كان تحديًا كبيرًا للغة العربية نفسها، حيث فرضت الحاجة إلى تبسيط اللغة وتخليصها من البلاغة القديمة، مما أدى إلى ظهور أسلوب جديد أكثر مباشرة ووضوحًا. وهنا، استشهد بوجود الشاعر والصحفي الكبير عباس بيضون، مشيرًا إلى أن الصحافة كانت أحد العوامل التي دفعت إلى تطوير لغة الكتابة العربية وجعلها أكثر ملاءمة للتواصل الجماهيري.