في ذكرى رحيله.. كيف قدّم عبدالوهاب المسيري قراءة لتاريخ الإرهاب الصهيوني؟

آخر تحديث: الأربعاء 3 يوليه 2024 - 10:51 ص بتوقيت القاهرة

محمد حسين

تحل ذكرى رحيل المفكر الدكتور عبدالوهاب المسيري، اليوم 3 يوليو، حيث غادر عالمنا في عام 2008 في مستشفى فلسطين عن عمر ناهز 70عامًا، بعد مُعاناة طويلة مع مرض السرطان استمرت أكثر من 10 سنوات، ودُفن في مدينة دمنهور مسقط رأسه.

يعد المسيري، من بين البارزين في الحركة الفكرية بمصر، حيث أنجز في سنوات مرضه أبرز أعماله في النقد الأدبي، فضلًا عن أنه كان أستاذا للأدب الإنجليزي بجامعة عين شمس، بالإضافة إلى دراساته الفكرية، وفي مقدمتها موسوعة "اليهود واليهودية والصهيونية" التي صدرت في 8 مجلدات عن دار الشروق.

ومثلت دراسة تاريخ الصهيونية كشف لتطورات مشروعها ومؤامراتها، وهو المشروع الأبرز في تجربة المسيري الفكرية حتى أنه كان مقررا قبل وفاته أن ينتهي من موسوعة جديدة عنوانها "الصهيونية وإسرائيل" تتناول إسرائيل من الداخل.

وعادت أعمال المسيري لصدارة اهتمامات القراء مع العدوان الأخير للاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

ونتناول في التقرير التالي قراءة قدمها الدكتور عبدالوهاب المسيري عن تاريخ "الإرهاب الصهيوني"..

-مشروع الإرهاب الصهيوني

يقول المسيري: "إن تاريخ الصهيوني ليس حدثًا عابرًا عرضيًا وإنما هو أمر كامن في المشروع والإرهاب الصهيوني الاستيطاني الإحلالي وفي الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة، كما أن حلقات وآليات هذا الإرهاب مترابطة متلاحقة، فالهجمات الإرهابية التي شُنَّت ضد بعض القرى العربية أدَّت إلى استسلام بقية سكان الأراضي المحتلة، أي أن المذابح والاعتقالات والإبعادات ما هي إلا آلية من آليات الاستيطان الصهيوني الإحلالي، ولا يمكن تَخيُّل إمكانية تَحقَّق المشروع الصهيوني بدونها".

ويضيف،‫ "والإرهاب الصهيوني هو الآلية التي تم بها تفريغ جزء من فلسطين من سكانها وفرض المستوطنين الصهاينة ودولتهم الصهيونية على شعب فلسطين وأرضها، وتم هذا من خلال الإرهاب المباشر، غير المنظم وغير المؤسسي، الذي تقوم به المنظمات الإرهابية غير الرسمية "المذابح ـ ميليشيات المستوطنين ـ التخريب ـ التمييز العنصري"، والإرهاب المباشر، المنظم والمؤسسي، الذي تقوم به الدولة الصهيونية "التهجير ـ الهيكل القانوني للدولة الصهيونية ـ التفرقة العنصرية من خلال القانون ـ الجيش الإسرائيلي ـ الشرطة الإسرائيلية ـ هدم القرى".

-المستعرفيم

وتابع، "ورغم أننا نفرِّق بين الإرهاب المؤسسي وغير المؤسسي إلا أنهما مرتبطان تمام الارتباط ويتم التنسيق بينهما ويجمع بينهما الهدف النهائي، وهو إفراغ فلسطين من سكانها أو إخضاعهم وحصارهم". ولعل واقعة دير ياسين "قبل عام 1948" وفرق الموت المعروفة باسم "المستعرفيم" هي أمثلة أخرى واضحة على هذا التعاون والتنسيق.

-الأحد الأسود

وواصل المسيري، "ومن بين السجل الحافل للنشاط الصهيوني في فلسطين خلال المرحلة الثانية (حتى الحرب العالمية الثانية) يمكن الإشارة لبعض العمليات المهمة من بينها قيام إرهابيي الهاجاناه بقتل مواطنين عربيين فلسطينين بجوار مستعمرة بتاح تكفا رميًا بالرصاص حيث كان كوخهما، وذلك في 16 أبريل عام 1936 وهو نفس العام الذي أصدرت فيه الهاجاناه 7 قرارات بإطلاق النار على العرب أينما كانوا، كما شهد عام 1937 سلسلة من عمليات إلقاء القنابل اليدوية على تجمعات المواطنين الفلسطينيين العزل في المقاهي ووسائل النقل والأسواق، وكان من أشهرها إلقاء إتسل قنبلة على سوق الخضار المجاور لبوابة نابلس في القدس فسقط عشرات من العرب بين قتيل وجريح، كما أطلق أعضاء نفس المنظمة النار على قافلة عربية فقتلوا 3 ركاب بينهم امرأتان في 14 نوفمبر 1937، وهو اليوم الذي أُطلق عليه لقب (الأحد الأسود) في القدس، حين نفّذ الإرهابيون الصهاينة أكثر من عملية في المدينة كمظهر لاستعراض القوة".

-السمة الإبادية لدى الصهاينة

تتسم المذابح الصهيونية أنها ذات طابع إبادي محدود، إذ يتم الإعلان عنها بطريقة درامية لتبث الذعر في نفوس العرب الفلسطينيين فيهربون، وبذلك تتم عملية التطهير العرقي وتصبح فلسطين أرضًا بلا شعب، كما كانت فرق الإرهاب الصهيونية تنفّذ بعض المذابح للانتقام ولتلقين العرب الفلسطينيين درسًا في عدم جدوى المقاومة.

ووضح المسيري التاريخ التفصيلي عن أهم المذابح الصهيونية قبل عام 1948 كما يلي:

- ⁠مذبحة قريتي الشيخ وحواسة "31 ديسمبر عام 1947" حيث انفجرت قنبلة خارج بناء شركة مصفاة بترول حيفا وقتلت وجرحت عددًا من العمال العرب القادمين إلى المصفاة؛ وإثر ذلك ثار العمال العرب بالشركة وهاجموا الصهاينة العاملين بالمصفاة بالمعاول والفؤوس وقضبان الحديد وقتلوا وجرحوا منهم نحو 60 صهيونيًا.

وكان قسم كبير من العمال العرب في هذه المصفاة يقطنون قريتي الشيخ وحواسة الواقعتين جنوب شرق حيفا، ولذا خطط الصهاينة للانتقام بمهاجمة البلدتين،‫ وفي ليلة رأس السنة الميلادية 1948 بدأ الصهاينة هجومهم بعد منتصف الليل، وكان عدد المهاجمين بين 150-200 صهيوني، ركزوا هجومهم على أطراف البلدتين، ولم يكن لدى العرب سلاح كاف، ولم يتعد الأمر وجود حراسات محلية بسيطة في الشوارع هاجم الصهاينة البيوت النائية في أطراف هاتين القريتين وقذفوها بالقنابل اليدوية ودخلوا على السكان النائمين وهم يطلقون نيران رشاشاتهم.

واستمر الهجوم قرابة ساعة انسحب على إثرها الصهاينة في الساعة الثانية صباحًا بعد أن هاجموا حوالي 10 بيوت، وراح ضحية ذلك الهجوم نحو 30 فردًا بين شهيد وجريح معظمهم من النساء والأطفال وتركوا شواهد من الدماء والأسلحة تدل على عنف المقاومة التي لقوها.

-مذبحة قرية سعسع "14-15 فبراير 1948": شنت كتيبة البالماخ الثالثة هجومًا على قرية سعسع، فدمرت 20 منزلًا فوق رؤوس سكانها، وأسفر ذلك عن استشهاد 60 عربيًا معظمهم من النساء والأطفال وقد وُصفت هذه العملية بأنها "مثالية".

-مذبحة رحوفوت "27 فبراير 1948": حدثت في مدينة حيفا قرب رحوفوت حيث تم نسف قطار القنطرة، الأمر الذي أسفر عن استشهاد 27 عربيًا وجرح 36 آخرين.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved