نيويورك تايمز: إسرائيل خططت لضرب سيناء بقنبلة نووية عشية عدوان 1967

آخر تحديث: الأحد 4 يونيو 2017 - 6:43 م بتوقيت القاهرة

كتب ــ محمد هشام:

- الصحيفة تعرض شهادة عميد بالجيش الإسرائيلى عن خطة «يوم الحساب»

- ياكوف: موقع التفجير فى الخطة على قمة جبلية قرب معسكر للقوات المصرية فى منطقة أبوعجيلة
بالتزامن مع حلول الذكرى الخمسين للعدوان الإسرائيلى على الدول العربية عام 1967، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، اليوم، نقلًا عن شهادة لضابط كبير راحل فى الجيش الإسرائيلى أن تل أبيب بحثت عشية العدوان إلقاء قنبلة ذرية على جبل فى سيناء ليكون بمثابة تحذير للقوات المصرية وغيرها من القوات العربية، فى ظل خشيتها أن تخسر الحرب.

وروى العميد الراحل يتسحاق ياكوف (توفى عام 2013)، أحد واضعى خطة الطوارئ السرية التى أطلق عليها اسم «يوم الحساب»، تفاصيلها للدكتور أفنير كوهين، الباحث البارز فى التاريخ النووى الإسرائيلى، خلال عامى 1999 و2000.
ونقلت الصحيفة عن العميد ياكوف قوله: إن «إسرائيل كانت تخشى أن تخسر حرب 1967»، مضيفًا أن المسئولين الإسرائيليين رأوا أن هذا التفجير سيؤدى إلى ترهيب مصر والدول العربية المجاورة ــ سوريا والعراق والأردن ــ وتراجعهم».
وعرضت الصحيفة جانبًا من التسجيلات بينهما، وفيها يقول ياكوف: «يبدو، الأمر طبيعيًا جدًا.. لديك عدو يقول: إنه سيلقى بك فى البحر. وأنت تصدقه»، فى إشارة إلى التصريح الشهير للرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
وتساءل ياكوف: «كيف يمكنك إيقافه؟»، مجيبًا «بأن تخيفه. إذا لديك شىء يمكنك تخويفه به، عليك أن تخيفه».
ووفقًا لياكوف، فإن الاسم السرى للخطة الإسرائيلية هو «شمشون»، نسبة لشخصية أسطورية فى التوراة. وأوضح أنه مع تصاعد التوتر مع مصر فى مايو 1967، على إثر قرارها إغلاق مضيق تيران بين خليج العقبة والبحر الأحمر. كان فى زيارة لمؤسسة راند فى كاليفورنيا. واستدعى فجأة إلى إسرائيل، مشيرًا إلى أنه أدرك حينها بوضوح أن الحرب وشيكة، فقام بوضع خطة تهدف إلى تفجير قنبلة نووية فى صحراء سيناء، ذات الكثافة السكانية المنخفضة فى استعراض للقوة.
وحول تفاصيل الخطة، روى القائد العسكرى الإسرائيلى أن الموقع المختار للتفجير المقترح كان قمة جبلية تقع على بعد نحو 12 ميلًا من معسكر للقوات المصرية فى منطقة أبوعجيلة وهو مفترق طرق حاسم، إذ شهدت المنطقة معركة بين القوات الإسرائيلية بقيادة أرييل شارون والقوات المصرية فى 5 يونيو 1967.
وأوضح العميد ياكوف أن الخطة كانت تقضى بإرسال قوة مظليين إسرائيلية صغيرة لصرف أنظار القوات المصرية نحو المنطقة الصحراوية، حتى تتمكن وحدة إسرائيلية من التحضير للتفجير الذرى.
وتابع: كان يتعين على طائرتين هيلكوبتر كبيرتين الهبوط فى الموقع، لتسليم القنبلة النووية ثم يقوم طاقم من الأفراد على متن الطائرتين بإنشاء موقع قيادة فى أخدود جبلى. مشيرًا إلى أنه لو صدر القرار بالتفجير لشوهد الوميض الساطع والغيوم المشعة فى جميع أنحاء سيناء وصحراء النقب وربما لأبعد من ذلك فى القاهرة.
وتطرق العميد ياكوف إلى رحلة استطلاع للموقع قام بها مع إسرائيل دوستروفسكى، المدير العام الأول للجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية (الذراع المدنية لبرنامج القنبلة) عبر طائرة هليكوبتر، غير أنه كان عليهم العودة سريعًا بعد أن علم الطيارون بإقلاع طائرات مصرية ربما لاعتراضهم.
وقال ياكوف: «كنا قريبين جدًا.. رأينا الجبل، ورأينا أن هناك مكانًا للاختباء هناك فى بعض الأخاديد»، موضحًا أنه عشية الحرب، كان مليئًا بنفس الشكوك التى كان يثيرها العلماء الأمريكيون خلال مشروع مانهاتن (مشروع أمريكى سرى لصناعة القنبلة الذرية خلال الحرب العالمية الثانية)، ومن بينها تساؤلات مثل هل تنفجر القنبلة؟ هل سأبقى على قيد الحياة؟
وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أنه من المستحيل معرفة إلى أى مدى كان سيبلغ حجم الخسائر والضحايا لو تم التفجير، لأن ذلك يعتمد على (معطيات) غير معروفة مثل حجم السلاح، والكثافة السكانية فى المنطقة، واتجاه الرياح فى يوم التفجير.
وكان الرئيس الإسرائيلى الراحل، شيمون بيريز، قد أشار إلى وجود الخطة فى مذكراته، حيث تحدث عن اقتراح لم يذكر اسمه قال: إنه «كان من شأنه ردع العرب ومنع الحرب».
وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن إسرائيل لم تعترف أبدًا بوجود ترسانتها النووية فى محاولة للحفاظ على «الغموض النووى» وتجنب الدعوات الدورية من أجل إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. لافتة إلى أن المتحدث باسم السفارة الإسرائيلية فى واشنطن، رفض التعليق على رواية ياكوف.
وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من أن إسرائيل ربحت الحرب سريعًا، ولم يتم تنفيذ تلك الخطة، إلا أن رواية ياكوف تلقى ضوءًا جديدًا على صدام شكل معالم الصراع فى الشرق الأوسط، وتكشف أيضًا أن تل أبيب بحثت مبكرًا كيفية استخدام ترسانتها النووية للحفاظ على نفسها.
ومن المقرر أن ينشر مشروع التاريخ الدولى لنشر الأسلحة النووية التابع لمركز «وودرو ويلسون» الدولى فى واشنطن، اليوم الإثنين، سلسلة من الوثائق المتعلقة بتلك الخطة الذرية فى موقع خاص على شبكة الإنترنت.
ويضم المشروع أرشيفًا رقميًا لأعمال الدكتور أفنير كوهين بوصفه زميلًا للمركز، تحت عنوان مجموعة أفنير كوهين»، فيما قال الأخير: إن «الخطة آخر سر لحرب 1967»
ونوهت «نيويورك تايمز» إلى أنه «ألقى القبض على العميد ياكوف فى عام 2001، بتهمة تهديد أمن إسرائيل عبر الحديث عن البرنامج النووى إلى الصحفى الإسرائيلى رونين بيرجمان، وحكم عليه بالسجن لمدة سنتين مع إيقاف التنفيذ.
الدكتور كوهين، عاد وأوضح أنه تواصل مع ياكوف بعد فترة طويلة من مقابلاتهما السابقة وخضوعه للمحاكمة، ومنها على سبيل المثال، لقاء فى مطعم فى تل أبيب عام 2009، مشيرًا إلى أنه وعد ياكوف حينها أنه سوف يجد الوقت والمكان المناسب لكشف قصته للرأى العام.
وختم كوهين حديث قائلا: إنه فى الذكرى الخمسين للحرب وفى ظل وفاة ياكوف والكثير من الشهود الآخرين، بدا وكأن ذلك هو الوقت المناسب.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved