وصلت للأمم المتحدة.. ما هي تفاصيل أزمة محمية الياسات بين السعودية والإمارات؟

آخر تحديث: الثلاثاء 4 يونيو 2024 - 11:31 ص بتوقيت القاهرة

محمد حسين:

بعثت الخارجية الإماراتية برسالة للأمانة العامة للأمم المتحدة، مؤرخة بتاريخ 16 مايو الماضي، أكدت خلالها عدم اعترافها للسعودية بأي مناطق بحرية أو حقوق سيادية أو ولاية بعد خط الوسط الفاصل بين البحر الإقليمي لدولة الإمارات والبحر الإقليمي للسعودية المقابل لمحافظة العديد.

وفي وقت سابق، اعتبرت السعودية أن إعلان الإمارات "الياسات" منطقة بحرية محمية يتعارض مع القانون الدولي.
وجاء في وثيقة نشرتها الأمم المتحدة في مارس 2024، أن السعودية تتمسك بجميع حقوقها ومصالحها، وفقا لاتفاقية الحدود المبرمة بين البلدين في 21 أغسطس 1974 الملزمة للطرفين وفقا للقانون الدولي العام.

ومع التصعيد الأخير في الأزمة بين البلدين، نستعرض في التقرير التالي أبرز محطاتها التاريخية وتفاصيل حول المحمية محل النزاع:

-تاريخ مبكر للأزمة

ويعود الخلاف الحدودي بين الإمارات والسعودية ابتداءً من ثلاثينيات القرن الماضي، حيث جرت مفاوضات غير جادة قطعها اندلاع الحرب العالمية الثانية، ثم تم استئناف المفاوضات بين السعودية وإمارة أبوظبي وهكذا عمان وقطر، ولكنها لم يتوصل أي من الأطراف إلى نتيجة حاسمة فجرى تجميدها، وفي 21 أغسطس 1974 تم توقيع اتفاقية حدودية بين الإمارات والسعودية وكانت الاتفاقية ثمناً لاعتراف سعودي بدولة الإمارات الناشئة آنذاك، وهو ما جعل الطرف الإماراتي يشعر بأن الاتفاق لم يضمن القدر المقبول من مصالحه، وفقا لتقرير نشرته صحيفة الحجاز.

وفي عام 2005، نقلت وكالة أنباء الإمارات عن الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان وزير الدولة الإماراتي للخارجية ورئيس اللجنة الدائمة للحدود بين الإمارات والسعودية، قوله إن الإمارات أكدت أن أجزاء من اتفاقية عام 1974 أصبحت غير قابلة للتنفيذ وقدمت الدولة تعديلات جوهرية لهذه الاجزاء، ولكن الوكالة لم توضح طبيعة التعديلات "الجوهرية" التي تطالب بها أبوظبي.

ونقلت الوكالة عن الشيخ حمدان أن هذا الموقف ليس بالجديد وأن دولة الإمارات العربية المتحدة تعبر عنه منذ 1975، مؤكدا حرص بلاده على الوصول إلى تسوية مرضية لهذه المسائل في أقصر وقت ممكن.

-تجدد أجواء الأزمة

الخلاف الحدودي بين البلدين بدأ يخرج للسطح مجدداً في أواخر شهر فبراير الماضي، حيث تحدث مسئولون خليجيون عن توتر في العلاقات بين البلدين على قاعدة الخلاف الحدودي، وأرجعت الخلافات آينذاك إلى تولي حاكم أبو ظبي السابق الشيخ خليفة بن زايد السلطة خلفاً لوالده الشيخ زايد، حيث بدأ الشيخ خليفة بفتح الملف الحدودي مع السعودية.

وفوجئت مصادر سعودية بفتح الملف مجدداً كون الخلاف الحدودي قد جرت تسويته بموجب اتفاقية وقعت بين البلدين في بداية السبعينيات، وكان الحاكم الجديد في الإمارات قد أثار فور توليه السلطة موضوع الحدود مع المسئولين السعوديين في ديسمبر من العام الماضي، ولكن الجانب السعودي رفض التفاوض في هذا الشأن، وتمسّك بالاتفاقية الحدودية المبرمة في جدة في أغسطس سنة 1974 والتي بموجبها حصلت الرياض على خور العيديد الذي يشمل منطقة ساحلية بطول 25 كم تقريباً، وهي المنطقة التي فصلت أراضي أبو ظبي وقطر، كما حصلت على جزء من سبخة مطي وقرابة 80% من آبار الشيبة النفطية، والتي تضم حوالي نحو 20 مليار برميل من النفط، إلى جانب 650 مليون متر مكعب من الغاز.

لقد كان واضحاً من نصوص الاتفاقية أن السعودية قطفت ثمار اعترافها بطريقة مجحفة، فقد نص الاتفاق بشأن استغلال موارد آبار الشيبة على أنه "في حالة اكتشاف النفط على الحدود المشتركة سواء اكتشف قبل الاتفاق أو بعده تؤول ملكية حقل النفط برمته إلى الدولة التي يقع فيها الجزء الكبر من هذا الحقل" فأصبحت ملكية الحقل وموارده تعود للسعودية، حيث تقع آبار الشيبة في المنطقة التي حصلت عليها السعودية بموجب اتفاقية جدة.

وبدأت شركة أرامكو منذ عام 1998 بالعمل في حقل الشيبة، حيث ينتج 600 ألف برميل يومياً من النفط الخام، وفقا لدراسة للباحثة مودة إسكندر المختصة في الشأن الخليجي.

-ماذا نعرف عن الياسات؟

وفقا لتقرير سابق أعدته صحيفة "الاتحاد" الإماراتية، فتقع محمية الياسات البحرية في أقصى جنوب منطقة الخليج العربي، والتي تم تشكيلها خلال العصر الجيولوجي البليستوسيني، قبل حوالي عشرين ألف سنة، حيث كان الخليج العربي جافاً تماماً.

وقال التقرير، إنه منذ ذلك الحين، تذبذبت مستويات سطح البحر ووصلت إلى أمتار عدة أعلى من المستويات الحالية، حيث استقرت عند المستويات الحالية منذ 5000 سنة مضت.

فيما أظهر تقرير لوكالة الأنباء الإماراتية "وام" أن المسوحات الأثرية التي أجريت في منطقة الياسات توصلت إلى وجود استيطان بشري على جزر الياسات في أواخر عصر ما قبل الإسلام.


كما تم العثور على بقايا مستوطنات ومواقع أخرى تشير إلى وجود استيطان بشري في المنطقة يعود إلى أواخر العصر الإسلامي، بالإضافة إلى العثور على بعض الأدوات التي تعكس طبيعة الحياة التي كان يعيشها السكان في تلك الحقبة وطرق الحصول على مصادر الغذاء الموجودة في المياهِ القريبة، كما تم اكتشاف عدة مواقع أثرية اعتبرت ذات أهميةً وطنية أَو إقليميةَ.


وتأوي المنطقة أعدادا كبيرة من الحيوانات البحرية الأخرى المهددة بالانقراض مثل أبقار البحر والسلاحف الخضراء، وتتمتع المحمية بتنوع الغطاء النباتي والبيئات الطبيعية على جزر المحمية.


وتضم جزيرة الياسات الكبرى واحدة من مستعمرات التكاثر المهمة لطائر "الغاق السوقطري" الذي يعتبر من الطيور المهمة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تمثل هذه المستعمرة واحدة من 15 مستعمرة معروفة عالميا لتكاثر هذا النوع.

وتشير المسوحات إلى دلائل خصوبة واضحة وانتشار نشط للشعاب المرجانية على امتداد منطقة المحمية حيث تم التعرف على 8 أنواع منها.


فيما يتميز الشريط الساحلي لجزر المحمية بوجود البيئات الساحلية الصخرية والرملية، وتعتبر شواطئ منطقة المحمية من الأماكن المؤهلة لتعشيش سلاحف منقار الصقر المهددة بالانقراض.

وتعتبر مجموعةَ جزر الياسات والمياه المحيطة بها من المناطق البيئية المهمة كون جزر المحمية تحيطها شعاب مرجانية والتي تعتبر ملجأ ومأوى للعديد مِن الأنواع الهامة بما في ذلك أسماك الهامور والشعرى والقرش.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved