في الذكرى الـ75 لأضخم إنزال بحري في التاريخ الحديث... كيف حولت «نورماندي» موازين القوى العالمية؟

آخر تحديث: الأربعاء 5 يونيو 2019 - 10:31 م بتوقيت القاهرة

إنجي عبدالوهاب:

بدأت مدينة بورتسموث البريطانية، صباح الأربعاء، في مراسم إحياء الذكرى الـ75 لـ"إنزال النورماندي"، في احتفال دولي حضرته ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، والرئيسان الأمريكي دونالد ترامب، والفرنسي إيمانويل ماكرون، وعدد من رؤساء الدول والحكومات بينهم رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو؛ بحسبما أورده موقع "فرانس 24" اليوم.

وفي هذا الصدد، تستعرض "الشروق" قصة "إنزال النورماندي"، والذي يعد أضخم إنزال بحري لفت أنظار العالم في التاريخ الحديث.

بمجرد ذكر اسم منطقة "نورماندي" الواقعة على الساحل الفرنسي، يتبادر إلى الأذهان أهم حدث عسكري في التاريخ الحديث، وهو "إنزال نورماندي البحري"، الذي سطر نهاية الحرب العالمية الثانية، بعدما شهدت تلك المنطقة الساحلية الشهيرة في 6 يونيو عام 1944، أكبر عملية إنزال بحري في التاريخ الحديث، حسمت عقبها الحرب العالمية الثانية بعد 80 يوما من الحرب الطاحنة بين دول الحلفاء ودول المحور، التي حصدت أرواح نحو ربع مليون جندي وحوالي 3 ملايين مدني؛ بحسب التقديرات العالمية.

• لماذا هذا الاسم؟

ظل اسم "نورماندي" عالقًا بالأذهان، حتى أن الكوميديان الشهير "إسماعيل ياسين" استخدمه في أحد أشهر إيفيهاته الكوميدية التي وردت في فيلم "ابن حميدو" عام 1957، ويعد أشهر اسم تردد في تاريخ صناعة السفن قبيل الحرب العالمية الثانية؛ لما ارتبط به من وقائع.

و"نورماندي" هي أضخم وأسرع سفينة في العالم وقت تدشينها في 29 أكتوبر 1932، وفي عام 1940 بعدما استسلمت فرنسا لألمانيا النازية في أوج الحرب العالمية الثانية، كانت "نورماندي" في ميناء نيويورك، واستولت عليها السلطات الأمريكية في 12 ديسمبر مع 13 سفينة فرنسية أخرى، ورفضت التفاوض بشأنها مع حكومة المقاومة التي ترأسها الجنرال شارل ديجول، وقررت تسميتها بـ"يو إس إس لافاييت"، في إشارة إلى التحالف "الأمريكي - الفرنسي" التاريخي، كما قررت استخدامها للخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية.

لكن القدر لم يمهل أمريكا، وغرقت "نورماندي" في عام 1942، في حادث حظى بشهرة كبيرة، كالتي حظت بها سفينة "تايتنك"؛ لذا لفتت أنظار العالم.

وغرقت "نورماندي" الشهيرة، وبعد عامين من غرقها تابع العالم فصل أكثر إثارة من فصول "نورماندي"، وهي عملية الإنزال البحري الأضخم في التاريخ الحديث على سواحل منطقة النورماندي الفرنسية؛ بهدف تحرير أوروبا من براثن ألمانيا النازية أثناء الحرب العالمية الثانية.

وأنهى إنزال "النورماندي" الحرب العالمية الثانية، وحسم نتيجتها لصالح دول الحلفاء ضد دول المحور، إذ كانت موازين القوى خلال الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945) بيد قوات المحور بقيادة ألمانيا النازية، حتى نهاية العام 1943، ثم مالت لصالح قوات التحالف خاصة عقب المعركتين الفاصلتين اللتان أجهزا على قوى المحور، وهما العلمين بمصر، وستالينجراد بالاتحاد السوفيتي، والتي تقدم عقبها الجيش الأحمر السوفيتي إلى بولندا وأوكرانيا؛ مما شجع حركات المقاومة الشعبية للتحرك ضد ألمانيا وحلفائها.

وشارك في هذا الإنزال البحري الضخم نحو 300 ألف مركبة بحرية ودبابة و2 مليون جندي، تحركوا في 6 يونيو عام 1944 انطلاقا من بريطانيا؛ لفتح جبهة جديدة ضد دول المحور (ألمانيا النازية بقيادة أدولف هتلر، وإيطاليا الفاشية بقيادة موسيليني، واليابان بقيادة الإمبراطور هيروهيتو)، وتضمنت الخطة "نورماندي" نقل 287 ألف عسكري عبر البحر إلى شواطئ الإنزال الفرنسية الـ6، على أن يؤمن وصولها للشاطئ الفرنسي 156 ألفا من المظليين، وتتولى 9500 طائرة عسكرية تأمين القافلة البحرية الضخمة من هجمات الغواصات والطيران الألماني؛ بحسب الوثائق التاريخية التي نشرتها أجهزة الاستخبارات البريطانية مؤخرًا.

وظلت خطة الهجوم موضع تكتم، وظلت تفاصيلها محصورة على عدد من الضباط الذين خضعوا لإقامة جبرية داخل قواعدهم العسكرية؛ خوفًا من تسرب موعد الهجوم إلى الاستخبارات الألمانية، واستكمالًا لسرية العملية عمدت قيادات دول التحالف على تسريب خطة تضليلية.

وانطلق إنزال "النورماندي" البحري من سواحل مدينة بورتسموث البريطانية بقيادة الجنرال الأمريكي دوايت أيزمهاور (رئيس أمريكا لاحقا)، وبمساعدة الجنرال البريطاني برنارد مونتجومري (قائد معركة العلمين)، بعدما حشدت دول التحالف قواتها العسكرية من الولايات المتحدة والمستعمرات الفرنسية في إفريقيا وأستراليا وكندا، حتى بلغت كثافتها نحو 2 مليون جندي.

ونجحت العملية "نورماندي" في إنزال قوات التحالف الأمريكية والبريطانية والفرنسية على سواحل منطقة النورماندي شمالي غربي فرنسا، في حدث وصفه العالم بأنه "أضخم إنزال بحري وجوي شهده التاريخ الحديث".

وانتهت المعركة بعد 80 يوما بتحرير العاصمة الفرنسية باريس في 22 أغسطس 1944 من ألمانيا النازية، وإنهاء الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك الوقت تحولت شواطئ النورماندي من منطقة مهجورة إلى مزار سياحي شهير، كما أصبح اسمها أحد أشهر السواحل العالمية.

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved